


عدد المقالات 307
أدرك الحراك الشعبي الجزائري، بعد مُضي 6 أسابيع على انطلاقه قبل عام كامل، أنه يواجه حالاً صعبة لا تكفي معها الاستقالة القسرية للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، أو اعتقالات رموز الفساد وضباط ضلعوا في تصنيع الدولة العميقة؛ لاعتبار أن النظام سقط أو بدأ يسقط، أو أنه اقتنع أخيراً بوجوب التغيير. كان إنشاء هذا النظام استغرق عقوداً، حين بُني على هندسة الانتقال من الثورة (على الاستعمار الفرنسي) إلى الدولة (بعد الاستقلال عام 1962)، كتوافق بين العسكريين والنخبة السياسية، ومع الوقت أصبح صمت المجتمع من مقوّمات وجود هذا النظام، ثم إن العنف ضد الحركات الاحتجاجية والبطش بالجماعات الإسلامية المسلحة ساهما في ترسيخ سلطة حاكمة ظلّت اليد العليا فيها للجيش والأجهزة الأمنية. كانت نقطة القوّة للحراك -ولا تزال- في سلميّته؛ ليس فقط لأنه تعلّم دروس احتجاجات سابقة انتهت سريعاً بعد أية مواجهات عنيفة لعبت السلطة أحياناً دوراً في إشعالها، بل لأن شرائح كبيرة في المجتمع تؤيّد الجيش وتعتبره مبدئياً ضماناً للاستقرار؛ لذلك كان المطلبان الرئيسيان «تغيير النظام» و»مكافحة الفساد»، والشعار البارز «يتنحاو قاع» (أي ليرحلوا جميعاً)، ولم يتم التطرّق إلى الجيش إلا لماماً. وقد برهنت الأشهر التالية لتنحّي بوتفليقة على أن «السلطة» الفعلية ليست في يد الرئيس وحده، فخلال تلك الفترة كان صانع القرار رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح، وهو لم يستهن بالحراك، بل حاول اختراقه بالاعتقالات أو باستخدام التمايزات السياسية والثقافية، كما مارس كل الضغوط لتنظيم انتخاب رئيس جديد يؤمّن «استمرارية السلطة/ الدولة»، ويقود إصلاحات تدريجية كسيناريو بديل من «مرحلة حكم انتقالية» طرحها الحراك للحصول على تغيير عميق وحقيقي. كل التحركات التي شهدتها الجزائر خلال 2019 ما كانت لتحدث لولا ضغوط غير مسبوقة شكّلها الحراك على السلطة، واضطرها إلى الاعتراف بأن الحكم بالنهج نفسه لم يعد ممكناً. طالب الحراك بمرحلة انتقالية تُجرى خلالها مراجعة الدستور لتوضيح أدوار المؤسسات وسلطاتها وصلاحياتها (الرئاسة، والحكومة، والبرلمان، والجيش، والقضاء...)، ويوضع أيضاً قانون جديد للانتخاب والإشراف على قانونيته وشفافيته. والقصد من ذلك واضح؛ إذ يُفترض أن يبلور إصلاحاً جذرياً يقطع مع الماضي، ويؤدّي إلى تغيير في تركيبة الحكم (المنتخب) ومعادلاته والعلاقة بين مؤسساته. لكن السلطة برهنت على أنها غير جاهزة لتغيير كهذا وتخوّفت من «انتقال سياسي» تشوبه خلافات تصعب السيطرة عليها كما حصل في بلدان عربية عدة. لذلك تعتبر قوى الحراك أن انتخاب رئيس ووجود حكومة جديدة لم يغيّرا شيئاً؛ لكن الرئيس عبدالمجيد تبّون يريد إثبات العكس. فمن جهة تبنّى مساراً لتعديل الدستور وطمأنة الشعب إلى عدم تكرار تجربة بوتفليقة، ومن جهة أخرى وجّه الحكومة للانكباب على معالجة الصعوبات الاقتصادية التي يحذّر الخبراء من تفاقمها وإمكان انفجارها اجتماعياً. أما لماذا لم يتغير شيء، فلأن آلية الحكم لم تختلف؛ بل إن السلطة تتصرّف كأن الأزمة السياسية لم تعد قائمة أو كأنها تجاوزتها. هنا تُطرح ضرورة أن يراجع الحراك أساليب عمله وأن ينظّم نفسه، فالسلطة تسعى إلى محاورته أو كخطوة عملية إلى إشراكه في حوارات تعديل الدستور. ولا شكّ أن الاستمرار في التظاهر أسبوعياً، والاكتفاء بطرح المطالب في الشارع، والإصرار على عدم اعتماد قيادة معروفة، والاعتقاد بأن السلطة ستغيّر النظام من تلقائها، أمور لم تعد كافية ولا واقعية.
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على...
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...