


عدد المقالات 307
اتضح أخيراً بشكل جليٍّ ما كان معروفاً دائماً، فالخلافات لم تُفد الأطراف الليبية، ولا الشعب الليبي. أمام ليبيا مستقبلٌ حان له أن يبدأ، وإذا لم يرد أي طرف أن يقدم تضحيات فإن الجميع ماضون بالتضحية ببلدهم من أجل مصالح لن ينالوها. وفي أي حال، هناك طرفان استفادا حتى الآن من الانقسام والتقاتل: القوى الخارجية، وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). فهل هذا ما يريده الليبيون؟ بالطبع، لكن فليثبتوا ذلك، لأن اللعب بالسياسة والجغرافية كأنهما مجرد عبث محلي داخلي قد ينتهي بأن يفرض الواقع الجيو- سياسي نفسه عليهم من ثغرة الإرهاب، أو بالأحرى من ثغراته، وهي كثيرة، كما يعرفون. ثمة حقائق واستحالات كثيرة أظهرها الصراع الحالي، ومن أبرز الحقائق: 1) أن سياسة "فرِّق تسُد" التي اتّبعها النظام السابق استمرّت تعمل حتى بعد سقوطه. و2) أن المرحلة الانتقالية المباشرة بعد الثورة أعطت أولوية للمصالحة الوطنية وفشلت في تحقيقها. 3) أن اللجوء إلى السلاح لا يحل محلّ ميثاق وطني يستوعب الحال الناشئة بعد الثورة. أما الاستحالات فقد يكون أهمها: 1) أن طبيعة البلد، بشرياً وجغرافيّاً تحول دون الحسم العسكري لأي جهة. و2) أن الأمر الواقع الذي تبلور في الشارع لا يساعد على تأسيس دولة. و3) أن ملامح النظام الجديد لا يمكن أن تكون مغايرة لنتيجة انتخابات أجريت مرتين في غضون أربعة أعوام. ولذلك فإن أي حل سياسي حقيقي ودائم لا بد أن يكون أقرب إلى ما تريده الغالبية، وإلى ما ظهر عفوياً في الفترة الأولى للثورة، ففي الاقتراعَين كانت الإرادة الشعبية بالغة الوضوح، ولم يقل أحد في الداخل أو في الخارج إنها تعرَّضت للتزوير. استطاع الحوار الطويل والشامل أن يبني خريطة الحل، وينبغي أن نعترف واقعياً، بأنها كان فرصة حقيقية عرف الليبيون -ولو بجهد جهيد- كيف يتغلّبون فيها على خلافاتهم. واقعياً، كانت المرّة الأولى التي يتحاورون فيها، بعيداً عن ضغوط الحصارات المسلحة، ولذلك فإن توصّلهم إلى اتفاق أولي منذ منتصف يوليو 2015 كان دليل إرادة عميقة بالتوافق وإنصاف معظم مكوّنات المجتمع، وكأنهم استعادوا الروح غير المتوقعة التي ظهرت أوائل الثورة، وشكّلت بمستوييها القيادي والقتالي تجربة فريدة كان ينبغي التفاني في الحفاظ عليها، وليس التهاون في التفريط بها، كما يبدو الأمر حالياً. فاليوم، وبعدما أصبحت الصورة واضحة، بات مطلوباً من الجميع أن ينزلوا من على الشجرة. إذ يُختصر الواقع الليبي دولياً كالآتي: صراع داخلي فتح الأبواب لخطر الإرهاب بنسخته "الداعشية"، التي خلطت الأوراق، وحيثما يحلّ "داعش" يتبعه التدخل الخارجي، على نحو حتمي، تحديداً بسبب التهديد المزدوج (إرهاب + موجات هجرة) الذي تشعر به أوروبا. لا مبالغة في القول إن الأطراف الليبية أضاعت الشهور الأخيرة من دون أي مغزى أو مصلحة للبلد. كان يُفترض أن تكون الآن في معمعة العمل لتفعيل العملية السياسية وبناء الجيش والأمن الوطنيين، فالوضع الراهن ذروة اللامسؤولية. وفيما يتوسّع "داعش" ولا يتردّد في إشعال خزانات النفط كلما صُدّ عن السيطرة عليها، فإنه يقرّب احتمالات التدخّل الدولي، فيما تواصل الأطراف جدلها البيزنطي المفتوح حول حصص في أي حكومة.
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على...
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...