


عدد المقالات 191
مع زيادة الرواتب بنسبة 60%خطر ببالي عمل مسح سريع للمشاريع الصغيرة، ومدى إدراكها لمعنى الاستثمار. توصلت بأن معظم المشاريع الصغيرة تنتهي بالخسارة المالية وعدم بيع المنتج بنجاح وببساطة، لأن البعض لا يعرف كيف يستثمر، ولكن يعرف كيف يقلد منتجاً آخر موجوداً بالسوق! ليس بالغريب. أخصص الموضوع كالعادة في مجتمعي. فأنا لا أتحدث هنا عن المشاريع الكبيرة التي تتطلب سنوات عدة لوضوح الرؤية والأهداف وتنمية الكوادر الوطنية إلخ. بل أتحدث عن أصحاب المشاريع الشباب أو الإنتروبينورز أو الأفراد. فمشاريع الأفراد لا تتطلب رؤية مستقبلية خاصة بداية التنفيذ أكثر من وضوح آلية العمل، بل أيضاً لا تحتاج إلى هيكل تنظيمي تطبق فيها اللامركزية مثلا في أفرعها ومرافقها الإدارية، ولكن يصح القول إنها تتطلب دراسة جدوى، وهو الشيء المهم الذي يجب أن يباشر فيه الفرد قبل البدء وتنفيذ أي مشروع، كلمة دراسة جدوى لكثيرين غير معروفة، وإذا عرفت لا تؤخذ بعين الاعتبار! وهو أبسط شيء لبدء مشروع ما. مبدأ المشروع بالنسبة للفرد: فكرة بسيطة يسعى فيها الفرد لزيادة مدخوله من خلال تقديم فكرة جديدة في المجتمع تحوز إقبال الأغلبية لضمان استمرار العمل، الإنتاج والأهم الربح. فكرة بسيطة من فرد، فهو لا يحتاج إلى تخطيط الذي يتطلب مثلا مستشاراً قانونياً ومحللين وباحثين للتأكد من فاعلية المشروع الصغير، قد يلجأ إلى دورات تدريبية وتأهيلية للتعرف أكثر على المشاريع الصغيرة، ولكن هدفه الرئيسي العيش برفاهية وسد فوق حاجاته الأساسية. ولكن كيف يكمن مفهوم الاستثمار بين مجتمعي؟ خاصة الشباب! بسيطة جدا: «فلانة بدأت مشروع عبايات داخل المنزل وترى أن الإقبال كبير والطلبات مستمرة. تفكر فلانة أخرى بنفس المشروع وتسهل عليها القضية: «كم من خياط». «كم من ماكينة» ورولات العبايات «ونفضي المخزن اللي في الحوش ونحط فيه الخياييط». فلانة أخرى بدأت مشروع كب كيك داخل المنزل، تقوم الأخرى مباشرة بالتقليد، تكتشف هنا أنه تجارة العبايات في المجتمع كثيرة ومتكررة، والإقبال على مثل هذه التجارة غير ثابت، نفس الحال لفكرة مراكز التجميل المتكررة وباءت بالفشل نتيجة قلة الكفاءات والدعاية وعدد الموظفين وكثرة المراكز التجميلية التي أصبحت متقاربة في منطقة واحدة مما يؤدي إلى التنافس في الأسعار والأقدمية. الخطأ ليس في المشروع نفسه، ولكن الخطأ في عدم التنويع وعدم دراسة الفكرة بجذورها الأخرى من حيث الأصول الثابتة وغيرها. القضية الأخرى أن معنى دراسة جدوى حتى الآن غير متشبع من بين الجميع، خاصة من بادر في بدء مشروع، رغم البرامج الجديدة في الدولة لتشجيع الشباب على بدء المشاريع إلا أن فكرة الاستثمار حتى الآن لا تزال غير صحيحة لديهم. أتذكر في السابق كان لكبار السن وآبائنا فكرة استثمار «على القد» خوفاً من يوم كانوا يسمونه بـ «اليوم الأسود»! ظنا بأن سيأتي يوم يعضون أصابعهم فيه إذا لم يدخروا شيئا للمستقبل لأبنائهم. بالنسبة لهم اليوم الأسود كان يعتبر يوم القحط، استرجاعا لذكريات عانوا فيها بالسابق من فقر ونقص في لقمة العيش، ولكن مع ظهور البترول والفرص المهنية الأخرى بدأت الحكومة بالتقدم بدل التراجع. فمفهوم الاستثمار بالنسبة لهم كان منحصراً بين الذهب والأراضي البعيدة ونسيانها للمستقبل وبداية تجارة صغيرة تبدأ في سوبر ماركت أو محلات بيع القماش. التفكير الجديد تغير مع العولمة، وظهور صيحات الموضة واستقلالية الأفراد الشباب كل من الفئتين في قطاعات العمل. أصبح موضوع الاستثمار بالفعل ليس من الضروريات لديهم، خاصة بأن اهتمامهم أصبح سداً لاحتياجاتهم اليومية أو الشهرية لا تحمل أي مراعاة أو أي إيديلوجية لـ «اليوم الأسود» حيث يشجعهم على الاستثمار حتى لو كانت الظروف بأحسن حال. ستكون مشكلة أكبر حاليا إذا ظنوا أصحاب الزيادات بأنهم أغنياء بارتفاع الراتب الشهري، فبالتالي استهلاكهم لمنتجات أغلى من السابقة، مثال: ستكون مشكلة كبيرة، بل وتساند إحصائية نسبة القطريين غير المستثمرين إذا كان استهلاك مثلا لحقيبة يد في السابق لا يتجاوز الـ 3000 ريال قطري مثلا، كسعر معقول، ومع الزيادة بدأت المشتريات تفوق الـ 5000 وأعلى لحقيبة يد -على سبيل المثال، وتقسيط البقية بالفيزا. نفس الحال للشباب تغيير السيارات المستعملة كهواية وعادة «سلبية» من بين فترات قصيرة قبل فترة الزيادة في حين أنه القسط قد يأخذ خمسة إلى سبعة أشهر للسداد بشيكات كبيرة، ومع الزيادة ظنوا بأن الوضع أسهل بكثير في حين أن القسط سيكون خلال 4 شهور! فعلا إنها مشكلة! ففرحة الأغلبية في الزيادة باتت لتكون غايات استهلاكية. أحترم وجهة نظر جميع من علق على قضية زيادة الأسعار المفاجئة في المحلات والمقاهي وغيرها، والتحذير من المحلات التي رفعت الأسعار بل ملاحظ بأن أوجدت توعية ما بين المجتمع نوعا ما. ولكن أيضاً هذه التوعية التي باتت تدرس ارتفاع أسعار المحلات وغيرها أثبتت قضية اهتمام المجتمع الأولى في موضوع الاستهلاك أكثر من الاستثمار. وفي وجهة نظري لا أعتقد أنه ارتفاع الأسعار سبب مشكلة، فإذا حماية المستهلك وضعت حداً للأسعار خاصة مع فترة الزيادة، فلا أعتقد أن التضخم المالي المستقبلي للعقارات مقارنة بالمواد الغذائية والمنتجات قد يمنع ذلك، خاصة مع التحضير لـ 2022. وفي الحالتين إذا كنت شخصاً يعشق قهوة ستاربكس، فلا أعتقد أنك ستبحث عن قهوة أخرى وفرق السعر 10 ريالات مثلا!، بالضبط مثل قضية ما لقبت بـ «مقاطعة المنتجات الأميركية»!! لنكن واقعيين. نرجع مرة أخرى لقضية التنويع. مجتمعي الغالي، الشباب منكم: إذا رغبت في بداية تجارة مربحة، فكر، خطط ومن ثم باشر. إذا اكتشفت أنك تنقصك مبادئ التجارة الرئيسية باشر بأخذ الدورات القصيرة وتعلم منها. أصبحت الإمكانيات المادية بين الشباب متوافرة خاصة أن ليس لديهم أي ضغوطات أسرية أو المساعدة في إعالة منزل -لغير المتزوجين منهم. يجب استغلال مثل هذه الفرصة الذهبية من الزيادة ليس بالاكتفاء بالراتب وحسب، بل الظن بأن فتح لنا المجال لأن نصبح مستقلين أكثر بتجارة صغيرة خاصة «اضرب الحديد وهو حار». فحتى الإمكانيات المالية تتطلب فكرة لنجاحها، قد تكون النتيجة الخسارة المادية إذا لم تتوفر الفكرة والإقبال كما حدث مع كثير من تجارة الحلويات، مراكز التجميل وأيضاً العبايات. فكروا في المستقبل، وتخيلوا أنه هناك يوم أسود مستعدون لمواجهته بتفكير استثماري يتناسب مع إمكانياتكم وإبداعاتكم.
لست متأكدة ما إن كانت هذه نهاية ورقية لجريدة محلية؛ حيث يعي معها الكاتب لنهاية عموده الصحافي، أم أنها بداية جديدة بنقلة نوعية وارتقاء تكنولوجي يخلفه توديع للورق؛ إذ نحن في واقع ما بين المرحلتين:...
تصوّر لو أن المشاعر ما زالت مسطّرة بين أوراق كتب، أو ورق بردي أو حتى على قطع جلد دار عليه الدهر، تخيّل لو كان الغناء طرباً ذهنياً، وكانت الحكايات قصصاً على ورق، حين تتيح لك...
أن يمر العالم بقحط ثقافي، فهذا ليس بأمر عادي، فتبعاته كثيرة، ولكن لنعتبره في البداية أمراً وارداً في ظل الأزمات التي لم تكن في الحسبان، ولا تقف الأزمات عند السياسة، بل لاحظنا وبمرارة كيف للأمراض...
عرس، احتفال، تجمع أو عزاء، مجمع، حديقة، مقهى وممشى، هل نحن قادرون على استيعاب صدمة لم تخطر على البال؟! مصطلحات اقشعررت منها شخصياً، قد تكون الفكرة واضحة بأن الأولوية ليست في التجمعات البشرية على قدر...
كما هو الحال الراهن، تظل مسألة انتشار فيروس «كوفيد 19» مستمرة، ولا يأس مع الحياة كما يقولون، حتى ولو زادت أعداد المصابين وتدرجت أعداد المتعافين، إذ إن الآلية مستمرة ما بين محكين، عند مواجهة الإصابة...
من أبرز ما يتم التركيز عليه في الوقت الراهن هو مفهوم الهوية الوطنية، وأدرك أنني بالتزامن قد أبتعد عن احتفالات يوم وطني، وقد تكون المسألة صحية في واقع الأمر عند تكرار أهمية المفهوم وغرسه بعيداً...
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أهمية أخذ الحيطة والحذر من انتشار فيروس «كورونا» بوتيرة سريعة، كما هو حاصل مع الأعداد المتزايدة لحاملي الفيروس في الشرق الأوسط. لم تصل الحالة إلى إنذار وبائي -لا قدّر الله-...
غير مستبعد أن يُتهم المثقف بأمراض شتى، أو كما أطلق عليها الباحث عبدالسلام زاقود "أوهام المثقفين"؛ حيث تؤدي إلى موته السريع. وتُعتبر الأوهام سبباً في تدنّي إمكانياته المخلصة وولائه الإصلاحي تجاه مجتمعه، فالمثقف ما إن...
ما يحدث في المجتمعات اليوم هو في الحقيقة إخلال في الحركات الكلاسيكية، أو لنقل في المنظور القديم الذي كان يقدّم نمطاً معيناً في تسيير أمور الحياة، وهذا ليس خطأ، إنما يُعدّ أمراً طبيعياً وسليماً، عندما...
وتستمر الاحتفالات والتوقيتات التي تتزامن مع احتفالات اليوم الوطني، ولا يسعنا في الحقيقة الحديث عن مواضيع بعيدة جداً عن مسألة نستذكرها بشكل أكبر خلال موسم الاحتفالات، ترتبط بالانتماء وتعزز من المفهوم الذي طالما كان محط...
«إن كل الناس مثقفون، لكن ليس لهم كلهم أن يؤدوا وظيفة المثقفين في المجتمع». نظرية سردها الفيلسوف السياسي أنتونيو غرامشي، حول مفهوم النخبة. ومن هنا سأحلل المقولة وأقول إن جميع الناس مثقفون بالتأكيد، فالثقافة لا...
في البداية، دعوني أعتذر منكم على غصة انتابتني من بعد قصة واقعية مؤلمة، تأثرت بها وأدخلتني في عوالم كثيرة وتساؤلات عميقة. فحتى من الأمثلة التي ستُذكر في هذا المقال لم تُستدرج في الرواية؛ إنما هي...