


عدد المقالات 191
في البداية، دعوني أعتذر منكم على غصة انتابتني من بعد قصة واقعية مؤلمة، تأثرت بها وأدخلتني في عوالم كثيرة وتساؤلات عميقة. فحتى من الأمثلة التي ستُذكر في هذا المقال لم تُستدرج في الرواية؛ إنما هي جزء من تأثر. متمنية أن يكون التأثير عليكم أقل ألماً! لا يمكن أن ينسى الإنسان اسمه؛ فهذه قلادته التي يتعلق بها، يتمسك بها بقوة حتى عندما يشعر بضياعه. فدعوني أستدل بحالة قد يمر الإنسان من خلالها بأوقات صعبة، لربما يفقد فيها أسماء جميع التفاصيل التي تدور حوله. ولا نستهين بأن الفقدان قد يصل إلى ما تلمسه ولا تدرك ماهيته. تخشى أن تكون في وسط من يدرك وجودك، يتذكر تفاصيلك، يرتبط مع مشاعرك، ويظل الناسي هو في محط ابتسامة مؤلمة، ينكر نسيانه ويقاوم انعزاله. إلا أنه لا يزال هناك ما يتمسك به في قلادته؛ إذ غابت الأسماء، وأصبحت المقتنيات غريبة بين راحتي يده، فلا يزال هو محباً. هل يختفي الحب مع تلك الأسماء؟ هل ينكر المشاعر؟ وهل يقاوم الحنان الذي خلده عندما حان الوقت أن يكون في محط الحاجة إلى تعاضد من تحب معه؟ لا تخشَ أن تكون ذلك العاشق الذي يتبع أينما يكمن الحنان، ولا تخشَ على من غرس فيك الحب أن يفقدك يوماً ما؛ فهذا عطاء لا ينفد، ومحبة لا تنتهي؛ إنما تدوم طالما واجهت المحن مع الآخر، وتجاوزتها بالتمسك وعدم التدهور. فتأكد أن البكاء على الضعف هو قوة بحد ذاته؛ فلولا الضعف لن نستطيع أن نغرس أولى الهمم في قلوبنا للتحرك، ولولا الضعف لن نستطيع أن نقاوم وقفات صعبة قادمة ومحتملة. ويبقى المحتمل حاصلاً في جفاف المشاعر وتدهور الضعف إلى عدم مبالاة. ينتهي الأمر بضياع النفس حول الآخرين. بعطاء تظنه يكفي ليسد حاجتك العاطفية؛ ولكنه جامد في مكانه لم يستطع أن يخترق القلوب ولم يحاول أن يكون الجزء المكمل. نحن حالة بشرية تتبرمج حسب بيئتها المحيطة، إما أن تكون محبة معطاء، وإما أن تكون سوداوية وفردية في التصرف، تفقد وجودها في أسمى المواقف، تظل تائهاً في انطوائيتها، التي تبقيها في عالمها الوحدوي. لا تصارع الألم إلا مع الألم نفسه، ولا تفرح مع الفرح إلا بانعزالية احتفالية. فاتباع المحبة ينبع من أصغر الأصوات التي تنادي، وأصغر الأيادي التي تحتضن. وأنقى أنواع المحبة هي التي تخشى عليك من الرحيل رغم ضعف يواجهه بمحنة وابتسامة مزوّرة تقرأها في ملامحه بعمق على ما تحمله من رسالة تتمسك بالمحاولة والصبر. فحتى لا تكبر وحيداً، تذكّر عطاء غرزته من البداية؛ كي ترى حصاده عند الحاجة. ولا تلُم مهمة تهاونك من عدم الغرس؛ فما عليك إلا أن تتمنى أن يكون الغرس هو مسيرة سيكسبها ممن سيكونون له الحديقة التي تسقيه من جديد!
لست متأكدة ما إن كانت هذه نهاية ورقية لجريدة محلية؛ حيث يعي معها الكاتب لنهاية عموده الصحافي، أم أنها بداية جديدة بنقلة نوعية وارتقاء تكنولوجي يخلفه توديع للورق؛ إذ نحن في واقع ما بين المرحلتين:...
تصوّر لو أن المشاعر ما زالت مسطّرة بين أوراق كتب، أو ورق بردي أو حتى على قطع جلد دار عليه الدهر، تخيّل لو كان الغناء طرباً ذهنياً، وكانت الحكايات قصصاً على ورق، حين تتيح لك...
أن يمر العالم بقحط ثقافي، فهذا ليس بأمر عادي، فتبعاته كثيرة، ولكن لنعتبره في البداية أمراً وارداً في ظل الأزمات التي لم تكن في الحسبان، ولا تقف الأزمات عند السياسة، بل لاحظنا وبمرارة كيف للأمراض...
عرس، احتفال، تجمع أو عزاء، مجمع، حديقة، مقهى وممشى، هل نحن قادرون على استيعاب صدمة لم تخطر على البال؟! مصطلحات اقشعررت منها شخصياً، قد تكون الفكرة واضحة بأن الأولوية ليست في التجمعات البشرية على قدر...
كما هو الحال الراهن، تظل مسألة انتشار فيروس «كوفيد 19» مستمرة، ولا يأس مع الحياة كما يقولون، حتى ولو زادت أعداد المصابين وتدرجت أعداد المتعافين، إذ إن الآلية مستمرة ما بين محكين، عند مواجهة الإصابة...
من أبرز ما يتم التركيز عليه في الوقت الراهن هو مفهوم الهوية الوطنية، وأدرك أنني بالتزامن قد أبتعد عن احتفالات يوم وطني، وقد تكون المسألة صحية في واقع الأمر عند تكرار أهمية المفهوم وغرسه بعيداً...
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أهمية أخذ الحيطة والحذر من انتشار فيروس «كورونا» بوتيرة سريعة، كما هو حاصل مع الأعداد المتزايدة لحاملي الفيروس في الشرق الأوسط. لم تصل الحالة إلى إنذار وبائي -لا قدّر الله-...
غير مستبعد أن يُتهم المثقف بأمراض شتى، أو كما أطلق عليها الباحث عبدالسلام زاقود "أوهام المثقفين"؛ حيث تؤدي إلى موته السريع. وتُعتبر الأوهام سبباً في تدنّي إمكانياته المخلصة وولائه الإصلاحي تجاه مجتمعه، فالمثقف ما إن...
ما يحدث في المجتمعات اليوم هو في الحقيقة إخلال في الحركات الكلاسيكية، أو لنقل في المنظور القديم الذي كان يقدّم نمطاً معيناً في تسيير أمور الحياة، وهذا ليس خطأ، إنما يُعدّ أمراً طبيعياً وسليماً، عندما...
وتستمر الاحتفالات والتوقيتات التي تتزامن مع احتفالات اليوم الوطني، ولا يسعنا في الحقيقة الحديث عن مواضيع بعيدة جداً عن مسألة نستذكرها بشكل أكبر خلال موسم الاحتفالات، ترتبط بالانتماء وتعزز من المفهوم الذي طالما كان محط...
«إن كل الناس مثقفون، لكن ليس لهم كلهم أن يؤدوا وظيفة المثقفين في المجتمع». نظرية سردها الفيلسوف السياسي أنتونيو غرامشي، حول مفهوم النخبة. ومن هنا سأحلل المقولة وأقول إن جميع الناس مثقفون بالتأكيد، فالثقافة لا...
ماذا يعني لك الوطن؟ من أعمق الأسئلة التي من الصعب أن تكون الإجابة عنها في موجز، أو حتى في عمود صحافي. ولكن، تزامناً مع فترة زمنية سيكون فيها الحديث عن مسألة الهوية وتبعاتها ريادياً في...