alsharq

د. علي محمد الصلابي

عدد المقالات 83

سورة يونس

17 أكتوبر 2024 , 10:24م

هي السورة العاشرة بترتيب المصحف، وهي سورة مكيّة كلّها، وقيل مكية إلا الآيات (40، 94، 95، 96)، والقول الأول هو ما عليه الإجماع، وعدد آياتها مائة وتسع آيات، وقد كان وقت نزول سورة يونس بعد نزول سورة الإسراء وقبل نزول سورة هود، ويدور موضوعها الرئيسي حول إثبات أصول التوحيد وهدم الشرك وأركانه، وإثبات الرسالة الخالدة المؤيدة من الله -تعالى- وأحداث اليوم الآخر من البعث والجزاء وما يتعلق بذلك من غايات الدين وقيمه وأسسه. وهي من السّور التي سُمّيت بأسماء الأنبياء، إذ سميت باسم نبي الله يونُس (عليه السلام)، وسبب تسميتها بذلك؛ هو ورود قول الله -تعالى- فيها: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةً وَآمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانٌهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا ءَامَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ﴾ [يونس: 98] (محمد الحجازي، التفسير الواضح، صفحة 36). - سبب نزول سورة يونس: • الآية الثانية: إنّ أُولى آيات سورة يونُس، التي ورد فيها سبب نزول؛ هي الآية الثانية من السورة، وهي قوله -تعالى-: (أَكانَ لِلنّاسِ عَجَبًا أَن أَوحَينا إِلى رَجُلٍ مِنهُم أَن أَنذِرِ النّاسَ وَبَشِّرِ الَّذينَ آمَنوا أَنَّ لَهُم قَدَمَ صِدقٍ عِندَ رَبِّهِم قالَ الكافِرونَ إِنَّ هـذا لَساحِرٌ مُبينٌ).[يونس: 2] سبب نزول هذه الآية، هو تعجّب كفار مكة، من أن يكون رسول الله ﷺ بشراً، وذلك حين بعث الله -تعالى- سيدنا محمداً ﷺ رسولاً لهم، فقالوا متعجبين من ذلك: «الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً»، يريدون بذلك أن يكون رسولُ الله ملكاً. وقد ذكر السّيوطي (رحمه الله) في كتابه لباب النقول في أسباب النزول: حديثاً رُوي بسندٍ منقطعٍ عن ابن عباس (رضي الله عنه)، أنّه قال: (لما بعث الله محمداً رسولاً، أنكرت العرب ذلك -أو من أنكر ذلك منهم-؛ فقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً؛ فأنزل الله: (أكان للناس عجباً)). - مما جاء في فضل سورة يونس: 1- عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: (اقْرَأَ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿الر﴾). قَالَ الرَّجُلُ: كَبِرَتْ سِنِّي، وَاشْتَدَّ قَلْبِي، وَغَلظَ لِسَانِي؟ قَالَ: ((اقْرَأَ ثلَاثاً مِنْ ذَوَاتِ ﴿حَمَ﴾). قَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الأُولَى، فَقَالَ: ((اقْرَأْ ثَلاثًا مِنَ الْمُسَبْحَاتِ)). فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الأُولَى، قَالَ: لَكِنْ أَقْرِئْنِي سُورَةٌ جَامِعَةً، فَأَقْرَأَهُ ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا﴾ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، قَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهَا أَبَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ، أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ )). وفضل السبع الطوال ما جاء في رواية أمّ المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) عن النبيّ ﷺ أنّه قال: (مَن أخَذَ السَّبعَ الأُوَلَ منَ القُرآنِ؛ فهو حَبْرٌ) [رواه شعيب الأرناؤوط برقم: 24531]، وقد رُوي عن سعيد بن جبير: أنّ يونس إحدى هذه الطّول. لسورة يونس (عليه السلام) مقاصد عديدةٌ، آتيًا ذكرها: بيان أصول عقيدة الإسلام التي أنكرها مشركو العرب؛ من توحيد الله تعالى في ربوبيّته، وألوهيّته، وأسمائه وصفاته، وتدبيره لأمور خلقه ورحمته بهم، وتنزيهه عمّا لا يليق به من صفاتٍ. في الآيات بيانٌ لقصة سيدنا يونس (عليه السلام) مع قومه، وبيانٌ لإيمانهم جميعًا بدعوة سيدنا يونس بعد دعوتهم وتهديدهم بعذاب الله تعالى. فيها تأكيدٌ وإثباتٌ للوحي؛ وهو القرآن الكريم والتحدّي به، وبيان كونه مُنَزَّلًا من عند الله تعالى؛ لهداية خلقه، وبيان إعجازه، وصدق وعده ووعيده؛ ودليل ذلك إيمان قوم يونس جميعًا لما كشف الله عنهم العذاب.

فقه القيادة وأبعاده الحضارية في قصة ذي القرنين

إن الله تعالى أظهر في سيرة أحسن الملوك -ذي القرنين- (1)، مفاهيم حضارية وجعل في سيرته دروسًا لكل من أراد أن يحكم بالحق والعدل من الحكام في الناس، فأرشد القرآن الكريم عباده إلى ركائز الحضارة...

سليمان عليه السلام ... التمكين المؤيَّد بالوحي والعلم والحكمة

تسلم سليمان عليه السلام قيادة الدولة القوية التي أسست على الإيمان والتوحيد وتقوى الله تعالى، لقد أوتي سليمان عليه السلام الملك الواسع والسلطان العظيم، بحيث لم يؤت أحد مثلما أوتي، ولكنه أعطى قبل ذلك عطاء...

التنظيم والانضباط في دولة الزنكيين

اهتم عماد الدين زنكي بالجيش اهتماماً كبيراً، وبرز هذا الاهتمام في شكل ووظيفة الدواوين التي كانت تختص بشؤون الجيش والعسكر، وأيضاً في طرق وأساليب عماد الدين زنكي في إدارة المؤسسة العسكرية. 1 ـ الجيش: كانت...

إدارة الشؤون الداخليَّة في خلافة أبو بكر الصديق

أراد الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ أن ينفِّذَ السياسة التي رسمها لدولته، واتَّخذ من الصَّحابة الكرام أعواناً يساعدونه على ذلك، فجعل أبا عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمَّة (وزير الماليَّة) فأسند إليه شؤون بيت...

حريـة الاعتـقـاد بين الإسلام وغيره من العقائد والمذاهب

يقف الإسلام بين الأديان والمذاهب والفلسفات شامخاً متميزاً في هذا المبدأ الذي قرر فيه حرية التدين، فهو يعلنها صريحة لا مواربة فيها ولا التواء، أنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ...

«الأخذ بأسباب الوحدة والاتحاد والاجتماع»

إذا كانت الفرقة هي طريق الانحطاط والضعف، فإن الوحدة هي سبيل الارتقاء وتبوؤ المكانة الفاضلة من جديد. إن اتحاد الأمة الإسلامية على أسس ديننا العظيم أمل كل المسلمين الصادقين في كل مكان، ذلك أن الإسلام...

الشورى في دولة الفاروق

اهتمّ عمرُ بنُ عبد العزيز رحمه الله بتفعيل مبدأ الشورى في خلافته، ومن أقواله في الشورى: «إنَّ المشورةَ والمناظرةَ بابُ رحمةٍ، ومفتاحُ بركةٍ، لا يضلُّ معهما رأيٌ، ولا يفقدُ معهما حزم». وكان أول قرارٍ اتخذه...

أبو بكر الصديق في «بدر الكبرى»

ذكر أهل العلم بالتَّواريخ والسِّيَر أنَّ أبا بكرٍ شهد مع النبيِّ (ﷺ) بدراً، والمشاهد كلَّها، ولم يفته منها مشهدٌ، وثبت مع رسول الله يوم أحدٍ حين انهزم الناسُ، ودفع إليه النبيُّ رايته العظمى يوم تبوك،...

الأخلاق القيادية في شخصية داود عليه السلام

بين القرآن الكريم أن داود عليه السلام كان مجاهداً في جيش طالوت، وممن نجحوا في الامتحان العسير الذي قرّر رئيس الجيش أن يخوضه جميع جنوده فسقط من سقط وعبر من عبر، فقد رفع داود عليه...

دفاع أبي بكر الصديق -- عن النبي ﷺ

كان من صفات الصِّدِّيق التي تميَّز بها: الجرأة، والشَّجاعة، فقد كان لا يهاب أحداً في الحقِّ، ولا تأخذه لومة لائم في نصرة دين الله، والعمل له، والدفاع عن رسوله (ﷺ)، فعن عروة بن الزُّبير، قال:...

«الواحد»

اسم «الواحد» هو اسم من أسماء الله الحسنى التي تدل على تفرده سبحانه وتعالى بالوحدانية، فهو الواحد الذي لا ثاني له، ولا مثيل ولا نظير، وهو الواحد في ألوهيته، فلا معبود بحق سواه، وهو الواحد...

نماذج علمائية ملهمة ابن حزم «إمام أهل الأندلس»

هو الإمامُ والمجتهد الكبير، بحر العلوم، وجامع الفنون، وإمام المذهب الظَّاهريِّ وأبرز أعلامه، الفقيه الحافظ، الأديب الوزير، المؤرِّخ الناقد، العالم الموسوعيُّ، صاحب التَّصانيف الباهرة والأقوال الظَّاهرة، أجمعَ أهلِ الأندلس قاطبةً لعلوم الإسلام، وأوسعَهُم معرفةً، مع...