


عدد المقالات 10
لا أود أن أحصر الإشكالية في الشخصية المصرية وحسب، فالمصري شأنه شأن الأوروبي والأمريكي والآسيوي مع فارق في مقومات سمات الشخصية فنجد عادات وتقاليد وقيماً ومبادئ قد تضبط الشخصية المصرية وقد يكون للدين دور فاعل في بناء هذه الشخصيات جميعا. لكن الذي ينبغي أن نوجه الأنظار إليه هو أن ثمة آليات لابد أن تتوافر لتساهم في بناء العقل الناقد، فالجميع متساوون في هذه العقول فكما قال ديكارت العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس. لكن الاختلافات هنا في تعامل هذه العقول مع المعطيات التي تقدم لها. فهناك العقل المتلقي الذي لا دور له اللهم إلا تلقي المعلومات أيا كانت وأيا كان مصدرها، يتلقاها ويتلقنها تلقينا دونما حتى أن يفكر في مضمونها وهل مصادرها صحيحة، ليس هذا وحسب بل ويرددها ويكررها تكرارا فهذا هو العقل التكراري (الببغاوي)، وما أن ينتهي من نقل المعلومة صوابا كانت أم خطأ وراجعناه في ما قاله فلا تجده مدركا أو متذكرا ما قاله، كعقل بعض الطلاب الذي يحتشي بالمعلومات وما أن يؤدي الامتحانات وتسأله بعد خروجه من اللجان ماذا تتذكر مما كتبته، فتجد الإجابة لا شيء. وهذا ما نجده في كثير من البحوث والرسائل العلمية التي نناقشها، ليس ثم إلا كونه عقلا تكراريا، يحفظ ليرص ويلصق دون روية ولا رؤية نقدية ولا وجهة نظر. وهذه ضربة قاضية كادت أن تضرب البحث العلمي في صميمه لو عناية الله سخرت المخلصين من الأساتذة الذين تصدوا لوقف مثل هذه المهازل ولم يجرفهم تيار المادية والنفعية العفنة التي ملأت الكروش فانعكس ذلك على العقول فأسقطتها في براثن المادية وبهرجتها الزائفة. وهناك العقل الكلاسيكي التقليدي الذي أبى إلا أن يعيش في جلباب أبيه بالكلية لابسا هذا الجلباب جملة وتفصيلا بكل سلبياته وإيجابياته دونما حتى محاولة تطويره ولو شكلا كأن يتقمص شخصية أستاذه يقلده في كل شيء، وهذا التقليد تقليد مرذول وللاستاذ هنا دور سنتحدث عنه لاحقا. ثم العقل التواكلي، أو العقل المتواكل الذي لا يريد أن يجهد نفسه حتى في مجرد التفكير في بحثه، حياته، مستقبله، وإنما عقل متواكل ينتظر من يفكر له ويكتبون له سواء عن طريق بحث يشتريه أو رسالة يذهب إلى المكاتب المشبوهة كي تكتبها له وهذا العقل إن جاز لي أن أطلق عليه اسما فسأسميه العقلي السلبي. أما العقل الذي نصبو إليه ونتمنى سيادته، فهو العقل الباصر، وإذا ما قلنا العقل الباصر، فإننا نقصد العقل الناظر المنظر، العقل اليقظ المتفتح الذي دائما وأبدا ما يقف عند كل صغيرة وكبيرة لا تفوته شاردة ولا واردة إلا وتوقف عندها متأملا إياها، ناقدا متى استوجب النقد، رافضا متى اقتضت الضرورة للرفض، قابلا للأفكار بعد غربلتها وفلترتها، ليس سفسطائيا ولا براجماتيا ولا وصوليا، عقلا متحررا من التطرف العقدي والمذهبي، متحررا من الاتجاهات وتعددها، عقل لا ينقد من أجل النقد، وإنما ينقد من أجل البناء، وهذا ما يمكننا أن نطلق عليه العقل الحر، أو العقل الذاتي الذي لا يسلب بشربة مسكر وما أكثرها المسكرات في واقعنا المعيش المعاصر. لكن السؤال كيف السبيل إلى الوصول إلى هذا العقل الفعال، لا بلغة الفارابي وابن سينا ومن قبلهما افلوطين السكندري، وإنما العقل الفعال هنا هو العقل الناقد الفاعل والمنفعل، العقل المؤثر والمتأثر، مؤثر في ما حوله ومتأثر بمن حوله دونما إفراط أو تفريط. فكيف السبيل إلى تحقيق ذلك.؟! أما آليات النهوض بهذه الشخصيات وإخراج العقل المفكر الكامن بداخلها من حيز الوجود بالقوة إلى حيز الوجود بالفعل فيمكن تصورها كما يلي: الآلية الأولى: إعلان الثورة الفكرية على كل أنواع القطيعة المعرفية، فالفكر الحر المستنير لا دين له ولا وطن دونما إفراط أو تفريط، وذلك عن طريق الانفتاح على الآخر، انفتاح معرفي، انفتاح عن طريق التواصل دونما اتصال، فبون شاسع بين التواصل والاتصال، فالاتصال على مستوى العقول، أما التواصل فانفتاح على الذوات وهذا بدوره يحقق بناء الشخصانية المعرفاتية بل ويؤهل لإحداث صحوة فكرية تمهيدا لحوار حضاري يجمع العقول الفردية واذابتها وصهرها في العقل الجمعي. الآلية الثانية: تنمية روح النقد عند أصحاب هذه العقول وإخراجها من رتابتها ومن تواكلها وكلاسيكيتها ودفعها دفعا إلى البحث والتأمل والنقد، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تبني مشروع فكري حضاري نهضوي ينهض بهذه العقول تنطلق من خلاله إلى آفاق فكرية جديدة لا تحدها حدود الزمكانية ولا تقيدها قيود التبعية البغيضة ولا الرجعية المعرفية التي قوامها الرئيسي الأوهام والمثيولوجيا. الآلية الثالثة: استحداث مقرر بعينه في المدارس الإلزامية، فكما تم استحداثه في الجامعات فلابد من إدخاله في المدارس لتنمية روح النقد عند التلاميذ النقد البناء الفعال، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا عن طريق إعطاء الفرصة كاملة للطالب كي يعبر عن رأيه ووجهة نظره شفاهة عن طريق طرح قضية للمناقشة في قاعات الدرس، وتحريريا عن طريق الاختبارات الكتابية. الآلية الرابعة: توظيف التقنيات الحديثة والتقدم العلمي والثورة المعلوماتية توظيفا صحيحا، وذلك عن طريق الاستعانة بالتطبيقات الإليكترونية المعاصرة من تطبيقات تقنيات الذكاء الاصطناعي ومواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الافتراضي وكذلك عن طريق عقد دورات تدريبية لتنمية المهارات الذهنية لمثل هذه العقول كل في مجال تخصصه. الآلية الخامسة: عقد دورات تدريبية مستمرة وورش عمل لطلاب الدراسات العليا ومتابعتها متتابعة فعالة من المؤسسة العلمية التي ينتمون إليها ليس هذا وحسب بل وعقد اختبارات دورية لهؤلاء الدارين طيلة إعدادهم لبحوثهم العلمية سواء النظرية أو العملية. المهم لا نتوقف ونسعى جاهدين قدر استطاعتنا للعودة بشخصيتنا إلى سيرتها الأولى، شخصانية ناقدة بناءة فعالة.
بداية دعونا نتفق على أمر مهم هو أن الشعبين القطري والمصري تجمعهما علاقة حب متبادل، علاقة تسودها المودة والاحترام.. لماذا؟! لأسباب رئيسة أذكر منها: أول الأسباب: أن لنا أحبة كراماً من أهل مصر يعيشون في...
والله لن نتوقف عن الكتابة عنكم حتى آخر نفس في حياتنا. بداية نذكر بقول الله تعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)، ونذكر بقوله (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ...
بدون ألقاب قبل أسمائنا، فما قيمة الألقاب أمامكم أبدأ مقالتي بأبيات شعرية للسهروردي المقتول أبدا تحن إليكم الأرواح ووصالكم ريحانها والراح فما أجملها معانقة الأرواح بعد مفارقتها الأجساد، فالجسد حتما سيبلى طال بقاؤه أم قصر،...
أستهل مقالتي بقوله تعالى ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) المؤمنون: 52، ثم حديث رسولنا المعصوم صلى الله عليه وسلم « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو...
بعد أن تمت تصفية أبو العبد هنية رحمه الله تعالى، ظن العدو الصهيوني المتغطرس أنه سيهنأ ولو قليلا وسيستريح، لكن هيهات هيهات أنى لهم هذا، تلك أضغاث أحلام، وما أن تم تشييع جثمان الشهيد وعن...
أصدقكم القول لا أدري ماذا قد يخط بناني والأفكار تطاردها آهات الثكلى وصرخات الجرحى، ونعوش الموتى، الشهداء، ماذا ستكتب للتاريخ والكل يكتب والكل يسارع ويتسابق في الكتابة عن هذه القضية التي فصل الله تعالى فيها...
بداية لعل ثمّ دوافع دفعتني للكتابة عن هذا الموضوع. نعم ثمّ دوافع دفعتني للاهتمام بالكتابة عن هذا الموضوع، أهمها ما يلي: - الحالة المزرية التي وصلنا إليها في معظم مجتمعاتنا العربية من إهمال شبه تام...
عنوان يحمل ما يحمله من الأنين والشوق والحنين، نعم يا بني عروبتي، يا أيها العرب عروبتكم تناديكم فهل لبيتم النداء؟. نناديكم وقد كثر النحيب، نناديكم فهل من مجيب؟. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ...
ليس من عادتي أن أشخصن قضايانا واختزلها فى شخوص بعينها، لكن عندما تكون هذه الشخوص رموزا وأيقونات ووقودا يشحذ همم الرجال ويحرك الجبال الرواسي، فحقيق علينا أن نكتب لا مادحين لأحد ولا متملقين لأحد، وإنما...