


عدد المقالات 283
كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى مؤسس تاريخها الحديث «العظيم» الحبيب بورقيبة، لكن من كان أكثر حاجة إلى تلك الكلمات الرنانة هو الرئيس الباجي قايد السبسي، الذي أشعّ من عينيه حبور طفل تائه وجد أمه ينهش تاريخه، خصوصاً بعد اكتشاف العامة ميله لجهة الابن البيولوجي. فمزاج التونسيين -الخارجين منذ ردهة من زمن حكم زين العابدين وعائلته- ليس مستعداً أن يقبل بحافظ حتى ولو كان أفضل شخص في العالم، وقد تكون للرجل فضائل شتى، لكن تكفي نقيصته الوحيدة كابن للرئيس، لكي تنفر منه وممن يسنده الأغلبية الساحقة من التونسيين، فتندلع بذلك الأزمات في داخل القصور المحصنة، ثم تتسرب إلى خارج أسوارها. في تونس اليوم، ليس هناك أسرار للخاصة، لأن جميعها تقريباً في متناول العامة، هناك من يقول إنه لم تعد هناك خاصة أصلاً، وهنالك من يرى أنها الديمقراطية في أبهى حللها، حيث يتقاسم الجميع المعلومات المثيرة نفسها، تماماً كما يتقاسمون ضنك الحال الاقتصادي والتوتر الاجتماعي والسياسي بلا أدنى تطارح واضح للحلول، عدا التواصي بالصبر والسلوان، لأن الشعب يرى الحاكم فاسداً وغير مقتدر، ولأن الحاكم يرى الشعب غير منضبط وخارجاً عن السيطرة! الأمر خطير بالطبع، وكثيرون يتداولون يومياً على دق أجراس الإنذار، لكن للديمقراطية سحرها الذي لا يقل عن مفعول «السلطنة» في حفلة زار، حيث يمكن للراقص أن يرشق سيخاً معدنياً بين شدقيه ويواصل تخميرة الرقص بلا ألم إلا في إحساس المتفرجين، ليندلع السؤال القديم المتجدد: هل الديمقراطية شفاء أم وجع لمثل تلك الشعوب؟ وما يكاد السؤال يطرح حتى يأتي السلوان من السيد «ماكرون»: «تونس فخر لنا»! ففي تفاصيل الحياة اليومية -خاصة أو عامة- مفارقات لا تحصى ولا تعد عن الشيء ونقيضه، عن غرام التونسيين بالديمقراطية وعن كفرهم بها، من ذلك أن أعتى الديمقراطيين لا يقبلون بدور سياسي لابن الرئيس، وأنهم لو خرجت «النهضة» الإسلامية من جلدها ما عرفوها، تماماً كما لو كان الحاكم ملاكاً نازلاً من السماء لشيطنوه!! في تونس، فوضى بلا مثيل، تكفي ساعة تأمل على الطريق، حيث يتم شنق قانون المرور ألف مرة، لفهم ما يحدث داخل المكاتب الفخمة من شنق لبقية القوانين، و»كيفما كنتم يولى عليكم»، في حين يردد الجميع بلا استثناء أن الحل يكمن في تطبيق القانون، فإذا بالجميع أمل يأتي ويذهب، لكن لا يودعونه رغم أن ما يسمى بالاقتصاد الموازي، أي اقتصاد المهربين قد سيطر على 55 % من اقتصاد الدولة، وهي الحقيقة الوحيدة التي يتفق حولها الجميع بلا كبير جهد لمقاومتها، لأن هناك بيتاً من زجاج يخشى سكانه من أن يشيع بينهم امتلاك الحجر.
كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...
بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...
لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...
كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...
رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...
في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...
كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...
عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...
تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...
خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...
من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...
توصف الانتخابات البلدية التي تجري اليوم (الأحد) في تونس بأنها أهم استحقاق سياسي في البلاد منذ «ثورة 2011»، ويصل بعض السياسيين في تونس إلى حد اعتبارها أهم من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت في 2011...