alsharq

فيصل البعطوط

عدد المقالات 283

«العشاء الأخير» للتونسيين!

13 يناير 2019 , 01:57ص

لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء طال بين الرجلين وعمّق أزمة الحياة السياسية التونسية، ليس فقط لأنه لا الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، ولا صفحة الشيخ الغنوشي أعلنتا عنه، ولكن أيضاً بسبب تزايد اللغط -بمنسوب غير مسبوق- حول وضعية حركة «النهضة»، على ضوء معطيات تبدو جدية من هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، تدفع بها شيئاً فشيئاً إلى زاوية الاتهام المباشر بالضلوع في الاغتيالات السياسية، التي أقامت تونس في سنة 2013 ولم تقعدها إلى اليوم. قبل لقاء مساء الثلاثاء، كان الرئيس التونسي رفع ما يسمى بـ «ملف التنظيم السري لحركة النهضة» إلى أنظار مجلس الأمن القومي الذي يرأسه شخصياً، واستقبل في القصر الرئاسي أعضاء هيئة الدفاع عن الشهيدين، فثارت ثائرة القيادات النهضوية التي استنكرت جريان أسماء رموزها على ألسنة ضيوف القصر أثناء تصريحاتهم في باحة القصر، وكان واضحاً كالشمس أن الرئيس السبسي قد أشهر أغلظ عصا يملكها في وجه حليف الأمس. يومها هلّل «أعداء» النهضة للسبسي، اعتقاداً بأنه قرب منهم «يوم الحساب العسير»، لكنهم منذ العشاء الأخير أصبحوا يحذّرون من «صفقة» جديدة بين «الشيخين»، تعيد «التوافق» بينهما على حساب «الحقيقة»، فهرع أعضاء هيئة الدفاع عن الشهيدين لعقد مؤتمر صحافي جديد، كالوا فيه لجهاز النيابة العمومية اتهامات «التستر على قيادات النهضة الذي يرقى إلى درجة المشاركة في الجريمة»، وهدّدوا علناً بإلقاء النائب العام في السجن! على نسق الغليان واختلاط السياسي بالقضائي والاقتصادي والاجتماعي، تستهل تونس شهر يناير الساخن، وتبدأ سنتها الانتخابية الحاسمة، أما حال الأحزاب فيها فحدّث ولا حرج، أكثر من مائتي حزب سياسي بعضها ولد ميتاً، وبعضها أصابه الانفجار الكبير، لكن جميعها تشحذ سكاكين الانتخابات، وتجهّز مرشحيها بلا عدّ لرئاسة الدولة وللبرلمان، يحدث ذلك في وقت يشيح فيه ثلاثة أرباع التونسيين بوجوههم عن التصويت -حسب آخر استطلاع للآراء-!. وأمام الفوضى السياسية العارمة، التي أنتجت بالضرورة فشلاً اقتصادياً وضياعاً قيمياً غير مسبوقين، إضافة إلى ترصد الإرهاب بالموقف، يسود خوف حقيقي من المجهول الذي قد يكون سقوطاً بين براثن الشعبويين والمشعوذين، وقد ازدحمت بهم ردهات السياسة في تونس، أو عودة إلى المربع الأول قبل 14 يناير 2011، أو أيضاً سقوط في طاحونة العنف والفوضى العامة، وجميعها فرضيات نبّهت إليها أطراف عديدة بما في ذلك أطراف منظومة الحكم المتفكك على مدى السنوات الثماني الأطول والأثقل في تاريخ تونس الحديث، الأمر الذي يستوجب أمرين مستعجلين لا مفر منهما: اتفاق جامع على «وقت مستقطع»، أو هدنة تضع فيها الحرب الكلامية بين الفرقاء السياسيين -وما أكثرهم- أوزارها، ثم «حوار وطني» ثانٍ لجرد حساب ثماني سنوات بعد «ثورة الياسمين»، غثّها قبل سمينها، لأن الدولة التونسية أصبحت مهددة بالتفكك، وليس فقط «ياسمين الثورة» بالذبول. لقد نجحت تونس سنة 2013، في إدارة «حوار وطني» أنقذها من شبح الاقتتال الذي خيّم على سمائها يومها، وتحصلت بفضله لاحقاً على جائزة «نوبل» للسلام، وهي اليوم في أشد الحاجة إلى جولة ثانية منه، بل إن ما يلوح اليوم في الأفق من تهديدات أفدح وأخطر مما كان عليه الأمر قبل خمس سنوات، لأن الجميع تقريباً قد انخرطوا في الحرب المفتوحة، ولم يكد يبقى «طاهر» واحد بمقدوره التجميع، إلا أنه لا خيار ولا مفر سوى التنازل العام، قبل أن يصبح عشاء الثلاثاء الماضي «العشاء الأخير» لكل التونسيين.

في رئاسة «سي الباجي» المستدامة!

كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...

عادات تونسية ثم ويل وثبور!

بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...

الثورة خائفة من الثورة!

كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...

ثماني سنوات

رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...

ماذا دخّنوا..؟!

في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...

في انتظار «غودو»..!

كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...

«نهاية التاريخ» في تونس!

عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...

عقارب الساعة ورقاصها في تونس

تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...

بيت من زجاج..

كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...

«النهضة».. نحو الجمهورية الثالثة

خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...

حتى لا تتكسر السفينة

من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...

وفاز باللذة الجسور

توصف الانتخابات البلدية التي تجري اليوم (الأحد) في تونس بأنها أهم استحقاق سياسي في البلاد منذ «ثورة 2011»، ويصل بعض السياسيين في تونس إلى حد اعتبارها أهم من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت في 2011...