alsharq

فيصل البعطوط

عدد المقالات 283

وفاز باللذة الجسور

06 مايو 2018 , 12:14ص

توصف الانتخابات البلدية التي تجري اليوم (الأحد) في تونس بأنها أهم استحقاق سياسي في البلاد منذ «ثورة 2011»، ويصل بعض السياسيين في تونس إلى حد اعتبارها أهم من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت في 2011 ثم في 2014، والآتية في 2019.. لعل الأمر كذلك، بدليل الاهتمام الخارجي -الغربي على وجه الخصوص بها- لكن أجواء الحملة الانتخابية كانت باردة، بما يعكس عدم مشاطرة عموم التونسيين ذلك الرأي، أو لعله سوء فهم لها. من ثمة جاء الخوف شديداً من عزوف التونسيين عن التوجه إلى صناديق الانتخابات اليوم، وهو أمر وارد جداً، حيث لا يتوقع أشد المتفائلين أن تتجاوز نسبة المقترعين 35 % في أفضل الحالات. الخطأ الأول الذي وقع فيه مهندسو هذه الانتخابات المحلية، أنهم واصلوا تسميتها بـ «الانتخابات البلدية»، في حين أنه وفقاً للقانون الجديد المنظم للجماعات المحلية، أصبح اسمها «انتخابات الحكم المحلي»، بالنظر إلى الصلاحيات الواسعة التي أصبح يتمتع بها رئيس البلدية، بما يجعله رئيس دويلته، قراراً وتخطيطاً وتنفيذاً. الخطأ الثاني متسرب عن الخطأ الأول، إذ ينظر كثير من التونسيين بعين الريبة إلى هذه الانتخابات، التي ستفرز قيادات محلية مستقلة بدرجة عالية عن مركزية القرار (الحكومة)، ويرون في نتائجها -وفق القانون الجديد- تفكيكاً للدولة التونسية الضعيفة أصلاً، وتكريساً لانفصال الأطراف عن المركز، وفي ضوء درجة وعي ونضج شعبي، لا تكفي لخوض هذه المغامرة التي تشبه القفز في المجهول. صحيح أن ما يسمى بالحكم المحلي، أو الديمقراطية التشاركية، هي آخر ما أبدعه الفكر السياسي في الكون، بدليل أن دولاً عظمى، مثل الولايات المتحدة الأميركية أو البلاد الاسكندنافية، أو حتى إيطاليا وبلجيكا، يمكن أن تعيش لسنوات بدون حكومة ولا رئيس لها، وبدون أن يؤثر ذلك في ريادتها الاقتصادية، ولا أن يهزها اجتماعياً، بفضل إدارات الحكم المحلي القوية، لكن التونسيين الفخورين جداً بأنفسهم، يعلمون في أعماقهم أنهم ليسوا بأميركان ولا اسكندنافيين، ولا حتى «طلاينة».. فقد كابدت تلك الشعوب طويلاً قبل أن تشفى من «الصدمة الحضارية»، وبلغت من الوعي المتدرج درجة من المدنية ومن التحضر تسمح بأن يستقيل مسؤولوها بسبب اصطدام قطارين، أو بسبب استهلاك كوب عصير من المال العام! أما ثالثة الأثافي، فهو خيبة الأمل العميقة لدى جزء مهم من التونسيين من مخرجات الديمقراطية خلال السنوات السبع الماضية، وبما أن القانون الانتخابي الجاري سيفرز بالضرورة مجالس بلدية فسيفسائية على صورة ما أفرزه في مجلس نواب الشعب سيء الصيت، فإن الخوف شديد أيضاً من ظهور 350 فضيحة، مشكلة يومياً في 350 بلدية، بما يبرر انقطاعهم عن الشأن العام، وانفضاضهم من حول السياسيين الذين أوصلوهم إلى حالة اقتصادية ومعنوية لا تسر عدواً ولا حبيباً. قد تكون انتخابات «الحكم المحلي» التي تجري اليوم، مهمة للبعض، وغير مهمة على الإطلاق للبعض الآخر، لكن الثابت والأكيد أن غداً الاثنين 7 مايو 2018 سيكون مفصلياً في تاريخ تونس، فإما أن يؤرخ لولادة نخبة سياسية جديدة ديمقراطية وحازمة، تلعب في نادي كبار الديمقراطيات في العالم، أو أنها ستدق المسمار الأخير في نعش تجربة عربية كانت طيبة، قبل أن يتوفاها الله.. وفي كلا الحالتين، هي جسارة وقفزة في المجهول، وقديماً قال الشاعر العباسي سَلْمُ بن عمرو بن حمّاد الملقب بـ «الخاسر»، «وفاز باللذة الجسور!».

في رئاسة «سي الباجي» المستدامة!

كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...

عادات تونسية ثم ويل وثبور!

بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...

«العشاء الأخير» للتونسيين!

لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...

الثورة خائفة من الثورة!

كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...

ثماني سنوات

رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...

ماذا دخّنوا..؟!

في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...

في انتظار «غودو»..!

كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...

«نهاية التاريخ» في تونس!

عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...

عقارب الساعة ورقاصها في تونس

تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...

بيت من زجاج..

كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...

«النهضة».. نحو الجمهورية الثالثة

خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...

حتى لا تتكسر السفينة

من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...