alsharq

فيصل البعطوط

عدد المقالات 283

الثورة خائفة من الثورة!

30 ديسمبر 2018 , 02:24ص

كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب الجميع إلى بيوتهم من صقيع الشارع، هنا في يناير الساخن، يهرع كثيرون إلى الشارع يراودون الثورة على أي شيء، ويحاولون الثأر من حكومة العام الراحل، حتى بقتل أنفسهم حرقاً! القصة قديمة، بدأت في يناير من سنة 1952، وحفظتها الأعياد الوطنية باسم «ثورة 18 يناير» ضد المستعمر الفرنسي، ثم أخذت ألقاً جديداً في دولة الاستقلال مع «أحداث يناير 1978»، فـ «أحداث يناير 1984»، إلى أن تربع «14 يناير 2011» على صدارة المشغل التونسي، متخذاً لنفسه اسماً رومانسياً «ثورة الياسمين» مع أن آخر «مشموم ياسمين» يختفي من تونس في منتصف شهر سبتمبر! يناير الجديد 2019، سيكون «مخيفاً» في نظر أمين عام المركزية النقابية الأولى في البلاد، ولذلك فقد اختار يوم 17 يناير موعداً للإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، وإمعاناً في التخويف -أو لعلها صدفة ساخرة- «سيصادف» الموعد الجلل يوم خميس، بما يحيل الذاكرة إلى «الخميس الأسود» لأحداث يناير 1978، عندما أقرّ الاتحاد العام التونسي للشغل إضراباً عاماً، نزل فيه الجيش إلى الشوارع لأول مرة، فكانت الحصيلة -حسب تقارير مستقلة- حوالي 400 قتيل وأكثر من ألف جريح، في حين أقرّت حكومة الهادي نويرة آنذاك بسقوط 52 قتيلاً و365 جريحاً فقط! ليس اتحاد الشغل وحيداً في التلويح بقبضته لـ «يناير المخيف»، فـ «أصحاب السترات الحمراء» -الذين أعلنوا عن أنفسهم ولم يظهروا بعد- يهددون الحكومة بالويل والثبور، والمعارضة «الراديكالية» لا تنفك منذ مدة، تدعو الناس للخروج إلى الشوارع في يناير، لإسقاط «حكومة الفشل»، وللإجهاز على نظام هي جزء منه باعتبارها ممثلة في مجلس النواب، بل ترأس بعض لجانه، لكن المفارقة العجيبة لا تقف عندها، بل تتعداها إلى «انخراط شعبي» في عمليات حرق النفس على خطى بوعزيزي سنة 2011، حيث لا يمر يوم على تونس دون تسجيل حادثة سكب للبنزين وإشعال لولاعة، وإما أن تكون المحاولة جدية فتنجح في الارتقاء بفاعلها إلى لقب «الشهيد»، أو أن تفشل ولصاحبها منها شرف المحاولة! أما غريبة الغرائب، فتلك التي حدثت هذا الأسبوع مع مصور تلفزيوني يقول شقيقه إنه لا شيء كان ينقصه، وقد ظهر صبيحتها في المقهى على شريط فيديو، وهو يدخن سيجارة بولع، ويرتشف قهوة بهدوء لافت، كان يردد بين الحركتين -لمن كانوا يصوّرونه- أنه قرر إضرام النار في جسده بعد 20 دقيقة، احتجاجاً على التفقير والتهميش، مستدلاً على جدية ما يقول بقارورة بنزين كان يحتضنها إلى أن أزف موعد الـ 20 دقيقة، فسكبها فوق رأسه واضطرمت النار فيه بدون أن يكون قد أشعل شيئاً -حسب الفيديو- وها هم الملتفون حوله ساعتها يمثلون اليوم أمام التحقيق القضائي، لشكوك في أن «العملية تمت بتدبير جماعي محبوك»، كما وصفها أحد نواب الموالاة، وأن أحدهم أشعل ولاعته في ظهره غدراً! «حوس تفهم» مرة أخرى، فنطاق الغرائب متسع خرقه في تونس، حتى إن الأرجل بانت كثيراً من تحت اللحاف، وزاد الحابل اختلاطاً بالنابل والحق بالباطل، فيما تنقطع أنفاس الإعلام، وهو يلاحق سطوة مواقع التواصل الاجتماعي الغثّة والسمينة، فجميع من لهم ثأر يلهثون وراء بركات «يناير المخيف»، في حين يترجى جميع الخائفين من رئيس الحكومة إنزال قوات الأمن والجيش لقمع الاحتجاجات الليلية السوداء، التي تجددت مع دخول موسم «الليالي البيض»، أما ما لا يفهمه أحد على الإطلاق، فهو أن الفريقين «المتقاتلين» في يناير 2019، هما نفسهما اللذان كانا متعانقين في «ثورة يناير 2011»، بما لا يدع مجالاً للشك في أن الثورة في تونس أصبحت خائفة من الثورة!

في رئاسة «سي الباجي» المستدامة!

كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...

عادات تونسية ثم ويل وثبور!

بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...

«العشاء الأخير» للتونسيين!

لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...

ثماني سنوات

رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...

ماذا دخّنوا..؟!

في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...

في انتظار «غودو»..!

كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...

«نهاية التاريخ» في تونس!

عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...

عقارب الساعة ورقاصها في تونس

تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...

بيت من زجاج..

كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...

«النهضة».. نحو الجمهورية الثالثة

خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...

حتى لا تتكسر السفينة

من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...

وفاز باللذة الجسور

توصف الانتخابات البلدية التي تجري اليوم (الأحد) في تونس بأنها أهم استحقاق سياسي في البلاد منذ «ثورة 2011»، ويصل بعض السياسيين في تونس إلى حد اعتبارها أهم من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت في 2011...