عدد المقالات 168
فارس بارود (51 عاماً) إنسان فلسطيني أمضى أكثر من نصف حياته داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، محكوم -أو كان- بالمؤبد مدى الحياة، أمضى ٢٨ سنة في السجن حتى أصبح اسمه عميد أسرى غزة، منها ١٨ سنة وحيداً داخل العزل الانفرادي. كان فارس يعيش وحيداً في السجن، كما والدته التي كانت تعيش وحيدة في بيتها بمخيم الشاطئ للاجئين في قطاع غزة، هو ابنها الوحيد الذي منعها الاحتلال من زيارته داخل السجن حوالي ١٨ سنة، فقدت بصرها من شدة حزنها عليه وشوقها إليه. سأل أحد الأسرى فارس بعد خروجه من العزل الانفرادي إن كان يشتاق إلى الحرية؟ فأجاب: «أنا كالمقطوع من شجرة، ليس لي في هذه الحياة الدنيا إلا أمي، وقد تفارق الحياة قبل خروجي من السجن، لكن اشتاق إلى البحر.. فأنا أحب البحر جداً». أمه لم تكن تكل أو تمل من الحديث عن شوقها إليه، ورغم فقدانها بصرها فإنها كانت تعرف الطريق إلى كل اعتصام وفعالية لأجل الأسرى وحريتهم، وكانت تتنظر -مثل كل الأمهات- اليوم الذي ترى فيه ابنها عريساً يزف إلى عروسه، وكانت تبحث له أحياناً عن عروس منتظرة خروجه في أية لحظة. فارس خرج أخيراً من سجون الاحتلال ولكن شهيداً، جراء الإهمال الطبي، وبعد أن رحلت أمه قبل عام، بعد طول مكابدة مع الشوق والحزن والقهر. من كان له قلب عاش الألم عندما سمع بقصة فارس وأمه، ربما لدقائق، أو ساعات، أو أيام، لكن فارس وأمه عاشوا الألم أكثر من ربع قرن بأيامها ولياليها. الأنكى من ذلك أن رئيس السلطة محمود عباس قطع راتب الأسير الشهيد فارس قبل استشهاده، بحسب ما أفاد مكتب إعلام الأسرى، وآلاف آخرون أيضاً قطعت رواتبهم ومخصصاتهم المالية قبل أيام غزة، بينهم عوائل شهداء وأسرى وجرحى. حتى من قطعوا راتب فارس نعوه وأدانوا الجريمة بحقه، مع أنه كان يموت ببطء ويذبح بصمت لسنوات طويلة، دون أن يتحرك لأجله أحد سوى بعض البيانات الاعتيادية، ولم تحدث (الضجة الإعلامية) إلا بعد رحيله. تماماً مثل غزة، السجن المفتوح الأكبر في العالم، تذبح ببطء، كل يوم يزداد الخناق، شيئاً فشيئاً حتى يطبق على الأنفاس، الإغاثات تتواصل، والفقر يزداد، والجوع يأكل الأكباد، دونما حراك حقيقي، هي وحيدة مثل فارس منسية سوى من بعض البيانات، ووجبات الطعام المتقطعة التي تأتي من خلال السجان، غير أنه ليس لها اليوم أم، ولا تشعر بوجود الإخوة دوماً. كل شيء شبه متوقف ويكاد يتوقف تماماً في غزة، حتى المستشفيات التي تترنح من حين لآخر، والعالم لا يتذكر غزة إلا حال حصلت فيها مأساة كبرى من قبيل موت كثير وما شابه، ربما بعد فوات الأوان كمثل تذكرهم لفارس بعد رحيله. ويذكرها الآخرون باعتبارها غزة البطلة التي تحمل قضية الأمة وتنافح عنها، وبالنيابة عنهم، كما لو كانت معزوفة موسمية، أما غزة التي تموت ببطء دون صخب فهي منسية مهمشة، لا يسمع الناس عن أوجاعها إلا حين تطرق جدران الغلاف.
«الضمّ» حلقة من حلقات المشروع الصهيوني المتوسع في المنطقة، ويأتي ضمن سلسلة خطوات قام بها الصهاينة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، وكانت النية نحو مخطط ما يسمى بـ «الضمّ» وما شابه مبيّتة وجاهزة قبل...
تعيش فلسطين هذه الأيام تحت وطأة تهديد ابتلاع الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة منها، ضمن ما يعرف بمخطط «الضم» الذي من المرجح -حسب أحاديث إعلامية إسرائيلية- أن يكون على أكثر من مرحلة، وأنه يستهدف هذه المرة...
ما أشبه اليوم بالبارحة! وما أسرع أن ينسى جزء من الناس جراحهم وتاريخهم! وينسى كثير من العرب أن الاحتلال الإسرائيلي قتل منهم في مثل هذه الأيام من عام 1967م، زهاء 20000 عربي، وجرح واعتقل آلافاً...
قد يقول البعض إنه ليس من الجيد الآن، وفي هذه الفترة تحديداً، أن ننصرف إلى النقد الداخلي بدلاً من الحديث عن ضرورة التوحّد في مواجهة مشاريع الاحتلال التوسعية الجديدة، أو ما اصطلح على تسميته «مشروع...
في حين يواجه العالم أزمة تفشي وباء «كورونا»، ويسعى إلى السيطرة عليه والتقليل من آثاره السلبية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى مزيد من التوسع على حساب حقوق الفلسطينيين وأراضيهم، ومن ذلك ضمّه أو سلبه قبل أسابيع...
النكبة شكلت الواقع الفلسطيني وجزءاً كبيراً من أفكار الفلسطينيين وتصوراتهم ونمط حياتهم، مثّلت نقطة تحوّل فارقة، أصبحت القضية جزءاً من حياة الفلسطينيين، وسمة عامة يعيشونها، يلاحقونها وتلاحقهم. وينبغي أن تظل «النكبة» حاضرة لأنها تعيد تلخيص...
عندما نتحدث عن مسلسلات درامية وُضعت لها ميزانيات بملايين الدولارات من أجل تمرير خطاب التطبيع والتهوين من قيمة القضية الفلسطينية، فبكل تأكيد يعني الأمر أننا لم نعد نتحدث عن مجرد خطوات فردية واجتهادات عابرة، الأمر...
ملامح تآكل «النظام العالمي» الحالي تتجلى كثيراً في هذه الفترة، ولطالما تغنى هذا النظام بعناوين التضامن الدولي، ورفع لافتات التكافل الإنساني، وما إلى ذلك من اللافتات التي كانت جزءاً من أدواته للبقاء، ومد نفوذه وعلاقاته،...
مع انتشار فيروس «كورونا» وسط الاضطرابات الكبيرة التي تحدث في العالم، يعيش الناس قلقاً كبيراً على مصائرهم ومستقبلهم؛ بعض القلق مُبرَّر وأكثره لا، فالقلق لا يبدّل المصائر ولا يقي من المخاطر، بل لربما يكون هو...
قادت السلطة الفلسطينية -على لسان العديد من مسؤوليها والناطقين باسمها- حملة استمرت لأكثر من سنة، تمحورت حول ترويج رواية سياسية تقول إن صفقة القرن تستهدف بالأساس إقامة دولة فلسطينية في غزة على حساب الضفة الغربية،...
في ظل ما بين أيدينا من المعطيات قد نقول إن الصراع حسم، وإن الكفة تميل لصالح الاحتلال بانحراف صارخ، وإن عقارب الزمان تسير لصالحه، لا شك أن تلك المعطيات واضحة إذا أخذنا بالاعتبار أن الدولة...
إن من أسوأ ما يمكن أن يُبتلى به الإنسان هو انشغاله بالجدل وابتعاده عن العمل، وما هو أسوأ من ذلك أن ينشغل بالجدل في أمر العاملين وعملهم دون فعل شيء، ودون تقديم حلول ممكنة وتصورات...