


عدد المقالات 43
هي خُطبة الجُمُعة.. بل هي نبأٌ عظيم أعرَض عن غاياتِها «مِن أصحاب الشأن» بخطاباتٍ يُسمَعُ منها دوِي أصواتِهم، ولا يُفقهُ عنهم (ما يُنتظر أن يُقال).. فبينَهُمْ وبين الحِكمِ النوافذِ إلى القلب (وحشة وغُربة).. وعن قوافي البيان -التي يجري سِحْرُها في المسامعِ- هم (مُعرِضون)! وعمّا «ألهَمَتْ ضروراتُ المرحلة وما ألهَبَتْ الفتنُ المائجة» مع ضياع البوصلة واختلاط الأمور، وعن كثيرٍ مما يَلزمُ الناس معرفتُهُ في مؤتمر المسلمين الأسبوعيّ، فانكفأ «أكثرُهُم» على قضايا، لا أرضاً في فضاءات الإصلاح بها قطَعوا، ولا قواعِدَ في المجتمعات أرْسَوا، ولا لعباد الله -العطاش لموارد الحكمة ولنور الحقّ- ظهراً أبْقوا... وما يُزعجُ (كلّ ذي حِجْر) أننا نجِدُ من بين الذين حُمّلوا أمانة ورسالة الجُمعة من انصرفَ عن واقع وهموم المصلين، أو نراهُم (أصفاراً) في قضايا الأمّة المصيرية.. أما كيفيّة معالجة الوقائع بتنزيل الأحداث وربطها «بهدي دعوة النبي الكريم مِنْ منظورِ الكتاب الحكيم»، فإنّ البعض ليس لهم في هذه الخطوب ما يُغني الإسلام فتيلاً. روي عنهُ عليه السلام: «إِنَّكمْ في زمانٍ علماؤهُ كثير، خُطباؤهُ قليل.. وسيأتي على النّاس زمانٌ يقلّ علماؤهُ يكثرُ خُطباؤه».. أخرجهُ أحمد. من أولئك إمامنا ش/ أحمد بن سعيد الفودعي- (إمامٌ بمنطقة ازغوى). الذي يَعنيني في هذا المقام بشأن الثناء لهذا الداعية هو قوّة خطاباتِهِ، بأن أعود بالفضلِ وأذكرهُ لأهله بالإشادة بطرائق «الفودَعي اليَمانِيّ» والإشارة لأساليبهِ المُبدعة ومضامينهِ المُلهِبة، عندما يتناول ما هو مُنشغلٌ به بصدق لهجتِهِ، وبعاطفة جيّاشة، وبلسانٍ عربي فصيح لا تكادُ تلحَظُ في كلامه لحناً، ولا تنِدُّ عنهُ كلمة تأنفُ الأذنُ سَمَاعَها.. ولأن ذلك يحتاجُ أكثرَ من مقال، فإني لن أخوضَ في طبيعة تلك الهموم والقضايا التي تَصُبُّ في دائرة اهتماماتِ «الرجُل»، والتي يَنفخُ بها ممّا استكنّ في روحِهِ ليُسْكِنَها (بلوعَة لا تخفى) في قلوبِ ومشاعرِ مُريديهِ، فهوَ يَغرِفُ من وديان المعارف التي آتاهُ اللهُ إيّاها ما يُحرّكَ بهِ عقولَ مُحبّيه وعشّاقّ بيانهِ الآسر للألباب.. «ذلكَ فضلُ اللهِ يؤتيهِ مَنْ يشاء واللهُ واسعٌ عليم».. «الرسالة» التي ينبغي أن أثْبتَها هي أنهُ ليس كلّ خطيبٍ مُفوَّهٍ بإمكانِهِ أن يكون علامة بارزة في عالم الخطابة والموعظة، فالمسألة لا تتعلّق فقط بما يحملهُ الداعية أو الخطيب من معلوماتٍ يُفرِغها -كيفما اتّفق- في أسماع المصلّين، مثلما أنّ التألق في الخطبة وتأثيرَ صاحبِها في الناس غير موقوفٍ على «قدرة المتحدّث على الصُراخ» (كالذي ينعِقُ بما لا يَسْمَعُ، وما لا يُسْمِعُ، إلا دُعاءً ونداءً)! ومن هذا الباب.. فإنّ التميّزَ في إلقاء الخُطَب ليس مرهوناً بالقدر الذي يجمعُهُ المتحدّث، من الشواهد أو «القصص والأخبار اللا معنى لها» فيُرسِلها مع فقدانهِ ما يبينُ بهِ المعنى وافتقارهِ لما يزينُ به المبنى، فتُصيبُ خُطبته «ببلاءٍ» من تَشاء أو تُخطِئ مَن تشاء، فيَخرُج الواحد من مُصلاه مسارعاً لا يلوي على شيء، إلا أن يُعوّضَ ما أصابَه من نَكَد الخطبة، وليرضى من «غنيمة جُمعتِهِ» بالإياب. الخلاصة من كلامنا أن الخطيب أو الواعظ (أو حتى الشاعر) الذي لا يحترقُ من داخلِهِ بكلامِه أو بنظمِه، فلن يلذَع خطابَه صميم أحد، ولن تسري كلماته في وجدان مُستمع، والذي لا تحتلّ كلماته مكاناً عليّاً في نفسه فأنّى له أن يجد لها في نفوس غيره موطناً أو موئلاً؟! إن الخطابة ليست جملة من المعلومات أو العبارات الطنّانة المسجوعة (يُلقيها موظفٌ) على رؤوس الملأ ليَنال بها بضع مئات من الريالات.. الخطابة «يا مشايخنا» هي مشاعر متدفقة، وأحزانٌ -ممّا وَصَلْنا إليه- متواصلة، وهمُّ يُؤرّقُ نهار الذي يقبضُ على الجمر، ويُسهرُ ليله في (غربة الدّين الثانية).. الخطابة -لَعَمْري- شيءٌ آخر (شبه مفقود) فارتفعت عوضاً عن البيان المنشود أصواتُ كلِّ تافهٍ (فوق منابرَ شتّى) يتكلّمُ في أمر العامّة.. الخطابة النافذة: تَكادُ تُحسُّ القلبَ بين سُطورِها وتَمسَحُ بالأردانِ مَجرى المَدَامِعِ آخر الكلمات لمَن ألهَبَها: بُورِكْتَ يا شيخ أحمد، وبُورِكَ منطوقُك، وفتح الله لنور بيانك -وبِهِ- قلبَ من يَحضُرُكَ وأذنيه.. وأسألُ اللهَ أن يُكثر في بلادِنا وأمّتنا الذين يُمسّكون بالكتاب، ويَهْدون بالحقّ، وبه يَعْدِلون.. آمين.. عجِبتُ لإزراءِ العَيِي بِنَفْسِهِ وصمتِ الذي قدْ كانَ بالنُطقِ أعلما ولنا لقاء والسلام..
عـلى محمل الغوص سنبحر إلى خليج الأمس، ومع هدير الموج المرعد «بالهولو والـ يا مال». المال!! الرجال!! فما قصة «اليامال» ومجازفة الرجال؟؟ وما أدراك ما صنع الرجال في خليجنا العظيم عندما أرخصوا الأرواح؟ ذاك -وربِّ...
يقول الكويتي الرائع سعد المطرفي: مِجالِسِن خمسه بخمسه ولا لِكْ مَحَلْ أربع وعشرين ساعه تَطبَخْ دلالَها!!! ومجالِسِن كُبْرَها كُبراه ما تِندهل حتّى بساس الحواري ما تِعنّى لها؟؟! أرسل يدعوني قريب (في الصدر له منزلة لا...
وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً قديماً قيل: تركتُ هَوى ليلى وسُعْدَى بِمَعزِلِ وعُدتُ إلى تَصحيحِ أوّلِ مَنزِلِ؟؟! فنادَتْ بيَ الأشواقُ مَهلاً فهذِهِ منازلُ من تَهوى رُويدكَ فانْزِلِ غزلتُ لهُمْ...
من طول وتقادم زمان الصمت العربي المريب فإنّ ** في الجراب يا حادينا الجواب في كل يوم ألج مكتبه المتلألئ الأنيق -كما صاحبه البسّام المنيف- ومع كلّ اتصال، وعند كل لقاء.. لا يلقاني أبداً إلا...
في غرة المحرم من هذه السنة، انتبه أهل الإسلام «وعلماؤهم وساستهم» واستيقظوا من رقدة طال أمدها قروناً خلت، وتقادمت عليها الأعوام عقوداً تخلت، ومع بزوغ شمس العام، تدفقت في الأمة دماء الغيرة والإباء، وانفجرت في...
فقدنا يوم الجمعة (8 ذي الحجة 1440هـ) أحد أنقى وأصفى وأصدق وألطف الرجال، إنه العزيز الكريم، ضحوك السن، واسع القلب، الضحّاك جالب السرور وانشراح الصدر لكلّ من عرفه؛ إنه الأستاذ علي بن محمد الكُميت الخيارين،...
(ترى النعمة زوّالة) !! (كثيب رمل مهيل).. حول شواطئ (بحر الخليج).. يتراكم ويموج.. من خلفه الطوفان.. من خلفه السد. من «عودة قلم» الاثنين (21/1/2019) حول «هدر الأموال» وبوهج قبس الكاتبة سهلة آل سعد، لوزيرة الصحة...
تمهيد لا بُدّ منه: تعالى الله ربنا الجليل وتقدس أن «يفهم أمره» في قوله جل جلاله: «وإذَا أَرَدْنَا أَن نُهلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا»، تعالى الله أنْ يأمرَ الفاسق...
في الغابات نشاهد بقر الوحش والظباء والدوابّ كافة، وقد سخّر الله بعضها بحكمته البالغة لكي تُفترس بالأنياب، ذلك للحفاظ على حياة القطيع وباقي الأنواع، «صُنعَ اللهِ الذي أتقنَ كلّ شيءٍ»، وما يُعرف بـ «دورة الحياة»...
باسم الله مُجريها.. وما أدراك ما أُلهِبت النفس عندما يتعلق البيان بقطر؛ نبض أعصابنا، وتربة آبائنا وأمهاتنا. توهّم الواهمون في «كيانات» فاشلة تعزف على «طبول أساتذة جوفاء» أن قطر صيد يسهل اقتناصه وابتلاعه، بخاصة الذي...
هل إلى «تدبُّر» القرآن من سبيل؟! صح عن النبيّ الأكرم -صلى الله عليه وآله وسلم- قوله: «ألا إن سلعة الله غالية».. وعطاء العظيم بمقدار عظمته وكرمه.. والقرآن العظيم هو أعظم ما امتنّ به العظيم -سبحانه-...
في زمانٍ مضى وتولى كان العربُ -الشرفاءُ منهم، والنبلاء بالأخص، وأصحاب الزعامة والوجاهة- يأنفون من الكذب ويستقبحونهُ أشدّ القبح، ويعدّونهُ من خوارم المروءات التي يُعيّرُ بها المرء إنْ أُثرَ عنه أنه أحدثَ كذبة!! فلا يزال...