


عدد المقالات 604
النكبات والكوارث في مصر ثلاثة مستويات، تبدأ من الاستشهاد، مرورا بالسجن، وانتهاء بالاختفاء القسري. المستوي الأول أصاب أسرا عديدة بالآلاف في مصر، منذ بداية ثوره 25 يناير 2011، وزادت بعد 3 يوليو 2013، ارتضى الجميع بقضاء الله وإرادته، واعتبروا ضحاياهم من الشهداء عند ربهم يرزقون، ونحن هنا لا نفرق بين من مات في مظاهرة أو تجمع جماهيري وبين من توفي في مواجهة جماعات الإرهاب من قوات الأمن والجيش، فهم جميعا مصريون، دماؤهم ذكية، أرواحهم طاهرة ذهبوا إلى بارئهم، أما المستوى الثاني فهناك تقديرات عديدة لعدد المساجين، والرقم يصل إلى 40 ألفا وقد يزيد، فالاعتقالات مستمرة بصفة يومية، كما أنه يتم اعتقال من يحصل على أحكام قضائية بالبراءة من قبل الأجهزة الأمنية، ويتم حبسهم احتياطيا لمدد متفاوتة وتصل إلى عامين، أما أم الكوارث فهي ظاهرة الاختفاء القسري والتي تشكل نوعية جديدة في التعامل مع المعارضين في مصر لم نعهدها من قبل إلا في أضيق الحدود، هي الصعب؛ لأن أهالي الشهداء تحلوا بالصبر، وأهل المعتقلين يتمسكون بالأمل، بينما أسر المختفين قسريا ليسوا من النوع الأول الذي سلم أمره إلى الله، ورضي بقضاء الله وقدره، وليسوا من الثاني فينتظرون فرج الله وقدرته على فك أسر ذويهم، هم بين ذلك وذاك، لا يعرفون مصير أبنائهم في غياب تخطى أحيانا عامين، دون أي معلومات موثقة عن مصيرهم. والأرقام تتفاوت من جهة إلى أخرى حول حجم الظاهرة، المجلس القومي لحقوق الإنسان وهو منظمة شبة رسمية مصرية وتتعاون مع الدولة ويصدر قرار بتشكيله من الأجهزة المعنية في غياب مجلس الشورى، حدد الرقم في آخر تقاريره بـ163 حالة، بينها 66 حالة اختفاء قسري وفقا للمعايير الدولية، و64 حالة احتجاز دون وجه حق، و31 حالة لم يتمكن المجلس من متابعتها، دون أن يذكر التقرير الفرق بين الأنواع الثلاثة، وإن كان قد أشار إلى القاهرة تأتي في المرتبة الأولى، وبعدها كفر الشيخ والجيزة. ونفس العدد السابق تم توثيقه من حملة «الحرية للجدعان»، وقالت إن تلك الحالات منذ أبريل الماضي حتى يونيو، وتوزعت على 22 محافظة، اثنان توفيا أثناء فترة الاختفاء القسري هما إسلام عطيتو وصبري الغول. التنسيقية المصرية للحقوق والحريات -وهي مبادرة مجتمع مدني- أشارت في تقرير لها عن تلك الحالات في مايو الماضي إلى أنها وصلت إلى 393، تفاوتت المدد التي اختفت فيها ما بين 48 ساعة و30 يوما، ولكن هناك 120 حالة لم تظهر حتى الآن، و62 أخرى لم تتوصل إلى أي معلومات حول ما إذا ما تم عرضهم على النيابة أم ما زالوا رهن الاعتقال؟ منظمة هيومن رايتس أشارت في تقرير لها عن الظاهرة إلى أنها تلقت خلال النصف العام الأول من 2015، مئات الشكاوى في هذا الصدد، مع تعرضها لانتهاكات حقوقية بحق الضحايا، وصلت إلى القتل خارج إطار القانون ودون أسباب واضحة، وتحدثت عن رصدها لـ582 حالة خلال ستة أشهر، من بينهم نسبة كبيرة من الصحافيين والمحامين ثم الطلاب، آخر الضحايا من الصحافيين هو هشام جعفر عضو النقابة ومدير مؤسسة مدي للتنمية الإعلامية، وحسام الدين السيد الصحافي بالمؤسسة، وقد تقدمت نقابة الصحافيين ببلاغ إلى النائب العام منذ أيام، اعتبرت أن ما حدث لهما يعد اختفاء قسريا، ويخالف المادة 69 من القانون رقم 76 لسنة 1970 والخاص بإنشاء نقابة الصحافيين، والمادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 54 من الدستور، ومن بين الصحافيين أيضا محمد علي مراسل لصحيفة التحرير، الذي تم اختطافه في يونيو الماضي، أثناء تغطيته لوصول جثامين قيادات إخوانية تم تصفيتهم جسديا في شقة بمدينة أكتوبر في حادثة شهيرة. حالات الاختفاء القسري مؤلمة، وتحفل بها تقارير دولية ومحلية، من منظمات حقوقية هالها حجم الظاهرة وضخامتها، قياسا بما يحدث في دول العالم، ومنها حالة أشرف شحاتة، وهو أحد مؤسسي حزب الدستور، وهو ذو توجه ليبرالي، وقد اختفى قسريا منذ يناير من العام الماضي، حيث تم اختطافه من أمام مدرسة يملكها، وسلكت أسرته كافة السبل لمعرفة مصيره دون جدوى، قدمت بلاغا للنائب العام، اشتكت للمجلس القومي لحقوق الإنسان، حررت محضرا في قسم شرطة كرداسة، دون أن تتوصل إلى معرفة مصيره، سوى معلومات حول وجوده في أحد مقرات الأمن الوطني. مثال ثان الدكتور محمد صبحي عبدالحميد، اختفى في أغسطس الماضي ولم يظهر حتى اليوم، قدمت أسرته شكاوى إلى كل الجهات، إلى رئاسة الجمهورية، إلى وزارة الداخلية ووزير العدل، إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، وحرروا محاضر بهذا الخصوص، دون أن تهتم أي جهة بالرد، ومعلومات الأسرة وهي غير رسمية أنه تم القبض علية بمعرفة الأمن الوطني في بشرا الخيمة، وأنه تحت التحري دون أن يكون عليه أي تهمة. والسؤال هنا لماذا لم يتم الإعلان رسميا عن ذلك الاعتقال، وعن التهم الموجهة له، وألا تكفي فترة الشهرين لإنهاء التحري، بإحالته للنيابة إذا كان متهما، أو الإفراج عنه إذا كان بريئا. الاختفاء لا يقتصر على الشباب، فهناك الدكتورة أسماء خلف طبيبة نساء في مستشفى أسيوط الجامعي، اختفت منذ أبريل من العام الماضي، وكانت في طريقها إلى منزلها في سوهاج، ولم تقدم الشرطة المصرية أي معلومات عنها، وإن كان قد تم إبلاغ أهلها بشكل غير رسمي باحتجازها في جهاز الأمن الوطني. حالة أحمد عبدالحكيم البالغ من العمر 20 عاما مختلفة، اختطف من أمام منزله واختفى في مكان غير معلوم، ثم ظهرت أخيرا جثة بعد أن أعلنت الداخلية عن عملية تصفية لعدد ممن قالت إنهم إرهابيين، وذكرت اسم أحمد من بينهم. وهناك حالات صهيب مسعد وعمر علي ومعهم الطالبة إسراء الطويل، وهؤلاء ظهروا مؤخرا بعد فترة طويلة من الاختفاء، والأخيرة أصيبت إصابات بالغة أثناء تصويرها أحداث ذكرى ثورة يناير في العام الماضي، بعد أن نفت وزارة الداخلية وأجهزة الأمن معرفتها بأي معلومات عنهم، وكذلك إسلام خليل الذي اختفى في 24 مايو الماضي، ولم يعرض على النيابة سوى في سبتمبر بمحضر، كما لو كان قد تم القبض عليه في يوم عرضه، بتهمة الانضمام إلى جماعة محظورة. وقد صعدت منظمة هيومن رايتس من مواقفها تجاه القضية، وتقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة حول الظاهرة، خاصة أن المنظمة الدولية تحيي في نهاية أغسطس من كل عام اليوم العالمي لضمان الاختفاء القسري، بعد أن تبنت في عام 2006 اتفاقية دولية لحماية الأشخاص من ذلك، ووقع عليها 93 وصدقت عليها 50 دولة، ودخلت حيز التنفيذ في عام 2011، وقد طالبت المنظمة بإجلاء مصير المختطفين والمختفين قسريا، والإفراج عنهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، ودعت إلى تدخل دولي للضغط على مصر لتنفيذ هذه المطالب، ولكن الداخلية المصرية لها رأي آخر «فلا حياة لمن تنادي»، فما زالت تنفي وجود مختفين قسريا، بل تحدى اللواء صلاح فؤاد مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان وجود تلك الظاهرة واعتبرها أكذوبة إخوانية، رغم أنها وفقا لما قاله ناصر أمين عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر أن الداخلية لا تعطي ردودا رسمية حول القضية، رغم الحالات الموثقة التي قدمها المجلس الذي استقبل الأسر التي تعيش في حيرة حول مصير أبنائها. فهل تنتهي تلك الظاهرة التي تتنافى مع أبسط قواعد الإنسانية في مصر؟ نتمنى.. usama.agag@yahoo.com •
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...