دروس الحياة

لا أعلم من سيقرأ مقالي هذا، ولكن أسأل الله أن يرزقك السعادة وراحة البال في الدنيا والآخرة. ما دمت أتحدث عن السعادة وراحة البال.. كيف يبدو مزاجكم ونفسيتكم في هذه الفترة من العام، في صراع بين الدوام والإجازة والسفر؟ عموما.. أنا وإلى حدود هذه اللحظة أستطيع أن أقول بكل ثقة في النفس إنني لم أنل في هذا الصيف بالذات غايتي كاملة في السفر الموسمي في إطار الإجازة، ولربما هي مسؤوليات العمل أو التزاماته التي كان لها الوزن الأقوى. أتَعلمون أنّ ما يمنعني من السفر هو أنهم ينادون دائما «النداء الأخير» لركاب الطائرة، وأنا بصراحة لا يعجبني هذا الأسلوب في التهديد.. وحتى أرفع معنوياتي ومعنويات كثير منكم أقول الحمد لله على نعمة البيت، فهناك أناس يحترقون الآن بالشمس على هاواي وجزر المالديف. عموما.. وبعيدا عن المزاح، لا أخفي عليكم أنني وجدت في هذه الفترة فرصة مهمة للبقاء مع نفسي والتحدث إلى نفسي.. نعم هي لحظات صفاء مع أنفسنا نحتاجها أحيانا بعيدا عن ضجيج الشوارع وصخب المطارات وجلبة الناس. لحظة هدوء نحصي فيها ذكرياتنا وعلاقاتنا ومواقفنا وتجاربنا في الحياة. ربما تسألونني ماذا تعلمت من الحياة والعمر؟ أقول فورا تعلمت أن الذي معدنه ذهب يبقى ذهبا وأن الذي أصله حديد يصدأ ويتغير. وعلى ذكر العمر، تذكروا أن العمر مجرد رقم. لأن روحك هي الأهم، فقد تكون عجوزا في سن العشرين وقد تكون طفلا بعمر السبعين. نعم العمر مجرد رقم لا علاقة له بالسن، فأرقام عمرنا لا تعني شيئا.. نكبر ونصغر بحسب الظروف، أطفالا مع من نتآلف، مراهقين مع من نحب، عجائز إذا ضاقت بنا الدنيا. أيْ نعم نحن نكبر ونصغر بحسب من نتواجد معهم. إنّ مشاعرك كالقمح فلا تنثرها على أرض مالحة فتخسرها. فهناك أشخاص لو أعطيتهم عينيك سيقولون أعطانا عينين بلا حواجب!! ولذلك عندما تلتقط صورةً مع شخص ما فاحرص أن تترك مسافة بينكما فربما تحتاج لقصِّها يوما ما. وأنت تأكل لحم أخيك، تذكَّر أنْ تضيف بعض الملح الذي كان بينكما. أكثِر من مخالطة البسطاء الذين لا يفتخرون سوى بأخلاقهم ولا تترك محتاجا وأنت غارق في النِّعم، تصدَّق فليس للكفن جيوب. تأكد - وهذه من تجربة الحياة - عندما تجدهم يتحدثون خلفك فهذا يعني أنك في الأمام وفي القيادة والمقدمة. للأسف، نحن في زمن إن سمعوا عنك خيرا أخفوه وإن سمعوا عنك شرا أذاعوه، فإن لم يسمعوا شيئا اخترعوه!! لا يهمني أن أكون شخصا كاملا، يكفيني أن أكون شخصا لا ينافق ولا يخون ولا يجامل ولا يعرف الناس وقت الحاجة. كافح دائما من أجل أحلامك ولا تهتم بمحبطات الناس ولكن ناضل بجهدك وعلمك وعملك النافع وتعلقك بوطنك، واتعب في سبيل ذلك. فالذي قال إن «الحياة سهلة» أعتقد أنه قالها وهو يستلم ميراثه من أبيه. ولكن، كن على يقين بأن هنالك شيئا ما ينتظرك بعد الصبر ليبهرك وينسيك مرارة الألم.. ذاك وعد ربي «وبشّر الصابرين». رغم كل ما نكتبه ونقوله يبقى في القلب أشياء أكبر من أن تقال. مع مودتي وتحياتي لكم. @emanalkabee