


عدد المقالات 307
كانت الدفاعات السورية أسقطت في حزيران (يونيو) الماضي طائرة تركية واحدة لم تكن في مهمة حربية. أما الطائرات الإسرائيلية المشاركة في الغارة الأخيرة فلم يسقط أي منها بل لم يتعرض لأي إزعاج كما لو أنها غير معادية وأطلقت نيراناً صديقة. الأهم أن طائرات النظام التي تغير يومياً لقتل السوريين وتدمير بيوتهم لم تتصدَّ لمقاتلات العدو. لا شك أن هذا الدخول الإسرائيلي على خط الأزمة السورية سيكون له ما بعده. لكنه في اللحظة الراهنة أراد على الأقل توجيه إنذار بأن الوجود الإيراني في سوريا تجاوز الحدّ المقبول أميركياً وإسرائيلياً. أكثر من مرة هدد النظام السوري بمدّ الصراع إلى الجوار الإقليمي. فكّر في حرب، ورغب فيها، ليهرب إلى الخارج من فشله الذريع في الداخل. لكنه كان أحاط نفسه بأطواق من الخطوط الحمر التي تحرّم عليه مهاجمة إسرائيل، إلا إذا خاض آخرون -كالإيرانيين و «حزب الله»- الحرب بالنيابة عنه ليكتفي بالدعم الخلفي، على طريقة الأميركيين هذه الأيام. لكن، ها هي إسرائيل بادرت إلى ما كان النظام يتمنّاه ويلوّح به. ورغم أن البعض يعتقد أنها تحرّكت، كالعادة، خدمةً لمصالحها، إلا أن هناك من اعتبر أنها تحركت لإنعاش النظام. ولا ينسى مسؤول عربي ما نقله إليه زائر أجنبي كان التقى بنيامين نتنياهو وسأله في سياق الحديث: إلى متى ستساعدون بشار الأسد على البقاء في منصبه؟ رد الإسرائيلي: إنه يقوم بعمل رائع! ليس معروفاً، واقعياً، ما هو «الهدف المعيّن» الذي قال الأميركيون إن إسرائيل ضربته ليل الأربعاء الماضي. قد يكون قافلة عسكرية تنقل أسلحة إلى لبنان، وفقاً لمصادر سرّبت الخبر أولاً من لندن، وقد يكون المركز العسكري للبحوث العلمية في ضاحية جرمايا الدمشقية، وفقاً لبيان منسوب إلى الجيش السوري. المؤكد أن مركز البحوث ضُرب، وهو ما رصدته المعارضة. لكن أحداً لا يجزم بأن المركز، الواقع في قلب منطقة عمليات الفرقة الرابعة (يقودها ماهر الأسد)، يُستخدم كمستودع أسلحة من أي نوع. وعلى افتراض أن فيه أسلحة كيماوية يخشى الأميركيون والإسرائيليون استخدامها أو يحذّرون من نقلها إلى «حزب الله» أو انتقالها إلى أيدي متطرفين، فإن قصفه بهذه الطريقة كان ليتسبب بكارثة كبرى يقول الأميركيون لا الإسرائيليون إنهم يريدون تجنبها. كانت إسرائيل أكدت مراراً أنها في تشاور دائم مع واشنطن بشأن السلاح الكيماوي السوري. ونشرت مواقع إلكترونية متخصصة أن لإسرائيل عملاء استخباريين يراقبون على الأرض مباشرة مراكز وجود هذا السلاح، حتى إن أي تحريك له يُرصد ويُعمم في الدقائق التالية. لكن الوقائع التي بدأت يوم 23/1، غداة الانتخابات الإسرائيلية واستمرّت حتى الغارة الجوية، دلّت إلى أن الأمر يتعلّق بتسريبة استخبارية من داخل النظام، مسبقة ومبكرة ودقيقة، ودلّت أيضاً إلى عملية عسكرية، استخبارية لا علاقة لأهدافها بالقليل الذي أعلن عنها. ففي ذلك اليوم، وخلال فرز أصوات المقترعين الإسرائيليين، استدعى بنيامين نتنياهو قادة الأجهزة الأمنية وأُعلن بعدئذ أن الكيماوي السوري كان محور البحث، وأن معلومات توفرت وأوجبت هذا الاجتماع الاستثنائي. فيما بعد راحت التصريحات تهيئ لـ «التدخل» إذا نُقلت أسلحة كيماوية إلى «حزب الله»، ثم أضاف عسكريون وسياسيون إسرائيليون أن الأسلحة التقليدية المتطوّرة ممنوع نقلها أيضاً. ثم، ظهرت الأقنعة الواقية فجأةً في الأسواق. وفجأةً أيضاً نُشرت منظومة للقبة الحديدية المضادة للصواريخ بمحاذاة الحدود مع سوريا. وقبل ساعات من الغارة وخلالها كانت طائرات حربية تحلّق في الأجواء اللبنانية. وتضاربت المعلومات عن هدفين: مركز البحوث، وقافلة عسكرية. الأرجح أن المركز ضُرب لتحذير قيادة النظام، وللتمويه على ضرب القافلة التي قيل إنها تنقل صواريخ وليس سلاحاً كيماوياً. لكن هل هذه الصواريخ الأولى؟ وبماذا تختلف عن الألوف التي يقول «حزب الله» إنها في ترسانته؟ هذا ما لم يتضح. لا يمكن تحليل عملية استخبارية لم يفصح عن تفاصيلها، لذا يمكن استقراء النتائج. كانت هذه الغارة الحربية عدواناً على سوريا كائناً ما يكون نظامها، ومهما كانت الدوافع والتقديرات الإسرائيلية لا يمكن قبولها، حتى لو باركتها واشنطن وبررتها. ثم إنها تدخل في بلد يعيش صراعاً دموياً بين النظام والمعارضة ويعاني من تكالب «حلفاء» النظام و «أصدقاء» الشعب على اقتسام أشلائه بعد انهيار النظام. وبالتالي فإن إسرائيل، وهي عدو تاريخي لسوريا، باشرت استغلال الأزمة مثل روسيا وإيران دفاعاً عن «حصتها». للأسف لم يخرج الموقف العربي عن إطار الرفض والاستنكار رغم أن العدوان يعقّد الموقف في سوريا، أما دمشق وطهران فتوعّدتا بردٍّ «مفاجئ»، ليس من قبيل مواجهة العدو بل أملاً في استغلال التدخل الإسرائيلي على نحو يخدم بقاء النظام. اللافت أن استياء إيران و «حزب الله» كان أقرب إلى التهليل والترحيب، فالضربة رجّحت لديهما نظرية «المؤامرة» على النظام السوري. فها هو علي أكبر صالحي يرى أنها «تبرز تطابق أهداف المجموعات الإرهابية مع أهداف الصهيونية». هكذا يتحدث عن الشعب السوري. أما «حزب الله» فشرح أن العملية «تكشف خلفيات ما يجري في سوريا منذ عامين»، وكأن إسرائيل تتدخل إلى جانب المعارضة الثائرة. وأما سفير النظام السوري في بيروت فأفتى بأن العدوان «دليل قوة سوريا وتماسك بنيتها العسكرية، ما أسقط المؤامرة التي أرادت استهداف دورها المحوري في المقاومة والممانعة». ما يعني أن لا النظام ولا حلفاؤه تعلموا شيئاً من المحنة المشتعلة منذ عامين. تماماً كما برهنت واشنطن بمباركتها الهجوم أن حتى مآسي سوريا لم تعلمها شيئاً جديداً تتعامل به مع الشرق الأوسط. إنها منغلقة تماماً في العلبة الإسرائيلية.
لفت المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، بعد صمت أربعة أشهر منذ استقالته، إلى أن هذه الاستقالة كانت قراراً متأخراً. هو لم يقل ذلك، لكن تركيزه على الإحباط الذي سبّبه هجوم خليفة حفتر على...
في جلسة مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، قيل الكلام الأخطر والأسوأ للتحذير من جريمة إسرائيلية يجري ارتكابها علناً. إذا كان هذا المجلس بمثابة مرجع «قضائي»، باعتبار أن الشعوب تشكو إليه ما تعتبره مظلمة تقع بها، أو...
هل كانت شهادة جون بولتون لتغيّر كثيراً في محاولة تنحية دونالد ترمب؟ يحاول مستشار الأمن القومي السابق الإجابة في مذكراته عن الفترة التي أمضاها في المنصب، المفارقة من جهة أن بولتون يصف رئيسه بأنه غير...
فجأة تحوّلت التماثيل والنصب التذكارية من معالم تاريخية ومفاخر تاريخية وجواذب سياحية، إلى رموز خزي وعار وموضع إدانة ومساءلة، أصبحت آيلة للإزالة ليس من أمام الأنظار فحسب، بل أيضاً من الذاكرة والسجلات، وحتى من التعليم...
لم يخطئ دونالد ترمب أبداً بالنسبة إلى معاييره الشخصية، حتى في مقاربته لواقعة مصوّرة، مثل قتل الشرطي الأبيض ديريك شوفين المواطن الأسود جورج فلويد؛ إذ أذهل الرئيس الأميركي مواطنيه جميعاً بتعامله الفظّ مع ردود الفعل...
ما يظهر على السطح رفضٌ واستنكارٌ دولي لعملية ضم إسرائيل 30 % من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية. ما يحدث تحت السطح أن حكومة الائتلاف اليميني باشرت إجراءات الضمّ هذه على الأرض، ولا تنتظر الموعد...
وسط عشرات المسلسلات الدرامية في الموسم الرمضاني، وسوادها الأعظم رديء، كان من الطبيعي أن يبرز واحدٌ من خارج السباق، ومن الواقع المعاش لا من قصص متخيّلة أو مقتبسة. أُعطي أسماء عدة، لكن أفضلها كان «صراع...
لكي يخرق وزير الخارجية الأميركي الحظر «الكوروني» ويسافر إلى إسرائيل، ذهاباً وإياباً من دون توقّف، لا بدّ أن ثمّة شديداً قوياً يتطلّب ضبطاً، رغم أن طبيعة العلاقة بين إدارة دونالد ترمب وبنيامين نتنياهو لا تعاني...
مع رئيس الوزراء الجديد يفتح العراق صفحة غير مسبوقة، منذ سقوط النظام السابق، ذاك أن مصطفى الكاظمي لا ينتمي إلى أي حزب عقائدي ديني، كما كان أسلافه إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، وحيدر العبادي، وعادل عبد...
السؤال مطروح غرباً وشرقاً، سواء باسترشاد ما يُعتقد أن مكافحة الصين لوباء «كورونا» كانت نمطاً نموذجياً لم يتمكّن العالم الغربي من اتباعه، ولذا فقد تبوأ المراتب الأولى في أعداد الإصابات والوفيات، أو ما يمكن أن...
ملامح كثيرة للتغييرات المقبلة بدأت تتراءى أمام العيون وفي المخيّلات وفي دروس المحنة الفيروسية على كل المستويات الفردية والجماعية، بغضّ النظر عما إذا عانى الشخص أو لم يعانِ فقداً في عائلته أو صداقاته، وعن مدى...
لن تختلف تقديرات الخسائر كثيراً في حال «كورونا» عما هي في أي حرب عالمية. ولا يمكن توجيه اللوم لجهة أو لأحد بالنسبة إلى الوباء، رغم أن الانفعالات اندفعت هنا وهناك إلى مزالق سياسية وعنصرية شتّى،...