


عدد المقالات 283
منذ ستة أيام بالعد أتابع ارتدادات زلزال لم يهتز له أحد، ويا لعجبي.. زلزال جرى على لسان الرئيس الأميركي «دونالد ترمب» مساء الاثنين الماضي، تحديداً عندما أعلن أن الإدارة الأميركية كفرت بضرورة تصدير الديمقراطية إلى العالم العربي.. وقررت التوقف عن مشروعها التاريخي، لأنها «بذلت الكثير من المال ومن الرجال بدون نتيجة تذكر»، بحسب ما قال بالحرف. هكذا تتغير العقيدة الأميركية، أو ما كان العالم يعتقد أنه عقيدة على مدى عقدين من الزمن تقريباً.. تماماً مثل ما يفعل أي شخص مع حذاء رياضي قديم، يرميه في أقرب سلة مهملات، أو يتركه في الشارع ويعود حافياً.. مع فارق أنه في هذه الحالة لن يعود الأميركي إلى منزله حافياً، بل الحفاة هم من صدقوا ومن آمنوا بمسيرة «الربيع العربي»..! معنى ذلك أيضاً، ألا شرق أوسط جديد، ولا فوضى خلاقة، ولا هم يحزنون، بعد سبع سنوات عجاف على أصحابها الذين عليهم اليوم إكمال الطريق بمفردهم.. أو العودة من حيث أتوا إذا شاءوا..! كان الأمر يسيراً على الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة، عندما قال كلمته الشهيرة في 3 يناير 1984 بعد أن اشتعلت تونس، بسبب ما يعرف بـ «أزمة الخبز»، فأنهى الأمر بكلمتين: «نرجعو وين كنا».. كلمتان أطفأتا النيران المشتعلة في كل مكان، لأن سعر الخبز عاد إلى ما كان عليه قبل قرار الزيادة فيه.. لكن تونس ليست الولايات المتحدة الأميركية، ولا الأمر مجرد زيادة بعشرين مليماً في سعر الخبزة.. إنها الولايات المتحدة الأميركية، وإنه القرار الاستراتيجي بإلحاق دول الشرق الأوسط بركب الحضارة الإنسانية، وفي مقدمتها الديمقراطية وحقوق الإنسان، التي لا يمكن معها القول «نرجعو وين كنا»، بعد أن انطلقت الرصاصة.. فمعنى أن يقول السيد «دونالد ترمب»: «نرجعو وين كنا» ثقيل جداً، بل تنوء بحمله الجبال.. فماذا ستفعل تونس وليبيا واليمن مثلاً بعد سنوات من المكابدة من أجل حلم السيدة «كونداليزا رايس» الذي كنا نعتقد أنه حلم أميركي يتشاطره بعض مواطني المنطقة؟.. وأين استمرارية الدولة الأميركية التي يقال لنا دائماً إنها لا تبني سياساتها على اللحظة، وإنما تخطط لعشرات السنوات القادمة؟! إن أكثر ما كان يشحذ همم الذين ما زالوا يؤمنون بـ «الربيع العربي» أو على الأقل أولئك الذين وجدوا أنفسهم وجهاً لوجه معه، هو الضمانة الأميركية من أجل بلوغ شاطئ الأمان، بما يعني ذلك من صبر على التدرب، وخصوصاً من تدفق للأموال، حتى تستعيد تلك المجتمعات المترنحة سياسياً وأمنياً واقتصادياً توازنها المأمول بواسطة مساعدة «العالم الحر»، وعلى رأسه زعيمته الولايات المتحدة الأميركية، التي أعلنت يوم الاثنين الماضي نفض يدها من الموضوع بكل بساطة.. وكأنها حكم صفّر نهاية المباراة في نصف شوطها الأول.. وكأنها تاجر باع بضاعة دفع المشترون ثمنها، لكنه لم يقدم لتسليمها! إنه أمر جلل سيدخل المنطقة بأسرها في فوضى جديدة لا أحد يمكن له أن يتكهن بمنتهاها.. فمنذ قديم الزمان كان الحكماء والعقلاء يحذرون من نصف العشاق ومن نصف المجانين ومن نصف الطريق.. وها إننا في قلب الطريق لنكمله حفاة أو لنعود عنه حفاة.. وفي كلتا الحالتين فإن جيلين من العالم العربي على الأقل يدفعان وسيستمران في دفع ثمن النكوص الأميركي بالحاضر، رغم ألا أحد منهم -تقريباً- كان يطالب بخلع الباب المفتوح، أو باستجلاب ربيع من وراء البحار ليصبح شتاء قارساً بجرة قلم!
كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...
بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...
لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...
كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...
رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...
في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...
كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...
عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...
تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...
كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...
خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...
من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...