alsharq

جيهان أبوزيد

عدد المقالات 103

د. هدى النعيمي 26 أكتوبر 2025
صدى روايات خالد حسيني.. تردده الأجيال
هند المهندي 26 أكتوبر 2025
ريادة قطرية في دبلوماسية السلام
سعد عبد الله الخرجي - المدير التنفيذي لمركز قطر للتطوير المهني 27 أكتوبر 2025
خطاب يرسم خريطة طريق

معجون أسنان وصابون وفراخ

27 يونيو 2011 , 12:00ص

شامبو، معجون حلاقة، برنامج تلفزيوني، صلصة، مناديل ورقية جديدة، و.... أعادني سيل اللعنات التي انصبت على رأسي إلى صوابي، فأنا أقود سيارتي فوق الجسر الأطول في مصر وإفريقيا وهو كوبري 6 أكتوبر، الذي يبلغ طوله 20.5 كلم وكلّف قرابة نصف مليار جنيه مصري. اعتذرت مستخدمة كل ما لديّ من قاموس الاعتذارات غير قادرة على تبرير تمايل سيارتي وتراقصها فوق جسر تمر عليه السيارات طيرا، إذا ما كان هادئا، أو تمر غاضبة متنمرة إذا ما كان مزدحما، قبل أن أصل إلى ميدان مصر الأشهر «ميدان التحرير» قادمة من الجيزة، هالتني تلك الكوكبة من إعلانات الطرق التي تعلو المباني القديمة والحديثة منها. جذبت ورقة وقلماً من حقيبة يدي وأخذت أدوّن كل إعلان ألقاه، مستخدمة كلمة واحدة في محاولة لتحجيم جهد الكتابة بينما أقود السيارة، أخذني هذا الجنون إلى تمايل السيارة مرتين، في الأولى تجاوزني قائد السيارة ساخطا، وفي الثانية أفقت على جريمتي. ما إن انفك الالتباس المروري الذي تسببت به، حتى راودتني نفسي العنيدة على إعادة تسجيل الإعلانات، ضبطت إيقاعي أكثر موقنة بعبثية وغباء ما أقوم به، لكني كنت قد انجرفت. حفاظات أطفال، بيتزا، وفجأة أمطرت السماء أطباقاً من كافة الأحجام، فوق المنازل وأعلى أبراج حديدية عالية، وعلى رأس مبنى لامع. لم يعد بالصورة المحيطة بي سوى الإعلانات والأطباق. انقسمت مصر إلى عالمين: عالم علوي غارق في النظارات الأنيقة والأحذية ومزيلات العرق والمطاعم، وعالم سفلي يمر أسفل الكوبري، حيث الشوارع الجانبية التي خاصمتها الشمس وأغلقت أعمدة الكوبري منافذها على الهواء والسماء. عالم يموج بترف السلع التكميلية، عالم يجاهد للبقاء على قيد الحياة، وكما هي العادة الظالمة، العالم الأكثر ثراء هو في النصف الأعلى، والآخر في النصف السفلى، على الأقل في المقطع العرضي الذي رسمته وأنا أقود. أرى قاهرتي من نصفها الفوقي، تسير على نصفها السفلي بسرعة وجرأة، وحين خرج بعض نفر من العالم السفلي إلى العالم العلوي كانوا هناك لينظفوه. حين جاورتني الكنيسة العريقة التي تتوسط حي الظاهر، هدأت حركة السيارات لتعطل إحداها، هللت لهدية السماء لي، فتلك هي الإعلانات سوف تكتب ببعض العناية، كما ستحظى عيني بمزيد من التفاصيل، لكنى لم أستمتع بهذا ولا ذاك، فقد خرج أربعة رجال متوسطي العمر بملابس منعدمة الألوان من واحد من مطالع الكوبري، الذي يضم ثلاثة وعشرين مطلعا ومنزلا. قبض كل رجل من الرجال الأربعة على «مقشة» تنظيف، حين وصلوا إلى الكوبري كانت الحركة هادئة بل بطيئة، فبدؤوا في الكنس، تتحرك أياديهم للأمام تدفع شعيرات مكانسهم المهترئة، بينما عيونهم مركزة على السيارات منفصلة تماما عن الأيدي، لكأنما هي أيدي أناس آخرين. أطلت أصابع قليلة من إحدى السيارات قدمت شيئاً ما إلى واحد من الرجال، فألقى الثلاثة الآخرون بمكانسهم وهجموا على السيارة منتظرين أو سائلين عن المعاملة بالمثل. كان الرئيس المصري أنور السادات قد أصدر ما سمي «ورقة أكتوبر»، ونشرها في 1974. تلك الورقة التي جعلت من الانفتاح أحد المهام الرئيسية للمجتمع المصري في مرحلته القادمة بعد نصر عام 1973. انفتحت مصر على رأس المال العربي والأجنبي في شكل استثمار مباشر في كل المجالات تقريبا، أدى الانفتاح الاقتصادي إلى نمو هش، فهو نمو خدمي بالدرجة الأولى، فلم تكن أولوية للقطاعات السلعية كالزراعة والصناعة وإنما للقطاعات غير السلعية كالتجارة والتوزيع والمال والإسكان الفاخر والنقل الخاص وسياحة الأغنياء، فبينما بلغت معدلات النمو في القطاعات الخدمية من %12 إلى %14، ولم يزد معدل نمو الزراعة عن %2 على أكثر تقدير طبقا للإحصاءات الرسمية، كذلك فحتى هذا النمو لم يستند إلى عناصر القوة الذاتية للاقتصاد المصري بقدر ما استند إما إلى استهلاك الموارد الطبيعية كاستخراج البترول وتصديره أو إلى ازدياد حركة الملاحة العالمية وتأثيرها على إيرادات قناة السويس أو الأوضاع الخاصة بدول الخليج وتأثيرها على استيراد العمالة المصرية، أو تدفق الاستثمارات الخارجية في صيغة بالغة الخطر وهي القروض والمعونات الخارجية. على صعيد آخر، أدى الانفتاح الاقتصادي إلى اعتماد سياسات اقتصادية موالية فقط لرؤوس الأموال، متجاهلة المورد الأهم في مصر وهو الشعب ذاته، ولم تنجح القرارات المبعثرة في تضميد جرح الفقراء ولا في إقرار سياسات اجتماعية مساندة، فكان أن سقط فقراء مصر في اليتم، وصاروا بلا عائل يحميهم ويذود عنهم من قسوة وتسلط رؤوس الأموال. تزايد عدد الفقراء في مصر، ومع اقترابنا من نصف عام 2011 فإن خُمس المصريين ينجزون كافة متطلبات البقاء في الحياة بما يعادل دولاراً واحداً يومياً، يتحمل هذا الدولار المعجزة أعباء الطعام والسكن وبالطبع يتجاهل هذا الدولار مصروفات زائدة كالتعليم والعلاج، فهي رفاهية لا يحتاج إليها الفقراء. تدفقت السيارات مرة أخرى، وعاد الرجال الثلاثة خائبين حين رفض الرجل أن يساوى بينهم وبين الرابع المحظوظ الذي نال منه قروشاً أو جنيهات قليلة، وتركهم محبطين، شاخصين مرة أخرى إلى السيارات المتدفقة بينما أيديهم تدفع بعيدا شيئا لا يرونه، ربما يكون الفقر أو الظلم.

مصر حتنور تاني

إنه اللقاء بكل شغفه ولهفته وقوته وطاقته القادرة على إحياء الأمل وبعثه من باطن اليأس. إنه اللقاء.. فلم أجد لفظة أخرى تصف العيون المتلألئة ولا الخطوات المندفعة ولا تلك الحياة التي عادت تجري فكست الوجوه...

بين اللجوء والنزوح مساحة ألم

سمعت تلك الكلمة للمرة الأولى في منزلنا بينما جارتنا تأخذ قسطا من الراحة لدينا. اعتذرت عن كوب الشاي الذي أعدته أمي قائلة «لازم احضر العشا للاجئين اللي عندي». أخبرتني أمي أن «اللاجئ « مصطلح يطلق...

من الطابق التاسع رأيت خط الطباشير الأبيض

في الطابق التاسع كنت أسكن. ومن أعلى رأيت أطفال الجيران يرسمون في الشارع الإسفلتي خطا أبيض. ثم احتكروا لأنفسهم المساحة الأكبر وتركوا للطفل الأسمر وأقرانه ما تبقى. والأسمر كان في مثل عمرهم. وكذلك فريقه الذي...

في قلب القاهرة ماتت «شهرزاد»

«لقرون طويلة حكيت عني يا شهرزاد, غطى صوتك على صوتي» لكنى الآن وبدون ندم أشيعك إلى مثواك وأعلم أني لن أسبح في الفرح, لكني سأعيش بهجة غسل تراثك. وفى حضرة الحكاية علينا أن نبدأ القصة...

ثلاثة مشاهد لا يربط بينها إلا «المياه»

المشهد الأول: كان أن تحدث مرشح الرئاسة عن برنامجه الطموح لقيادة مصر في مرحلة مفصلية, واستعرض مجالات عدة ثم قال «وأما عن المياه فسوف نزيد مياه النيل بالدعاء». المشهد الثاني: صوت جهوري لرئيس الجمهورية آنذاك،...

خطاب بعلم الوصول إلى رئيس مصر

طرقة واحدة مفاجئة، ثم ضاع الضوء وانسحبت الكهرباء إلى أسلاكها وتركتنا في عتمة قاتمة، بنظرة واحدة على الشارع أدركت أننا نصفان، نصف مضيء ونصف معتم، كان جانبنا صامتا وكأن الحياة قد توقفت عنه، حارسة العقار...

وبينهن نساء عاشقات لقهوة الصباح

أعادته مرة أخرى إلى الطبق الصغير عقب الرشفة الأخيرة، ثم انتظرتْ دقائق وقَلَبَتْه فسال اللون الداكن برائحته النفاذة وتلون الخزف الأبيض. وأكملت هي حوارها تاركة لي الحيرة من أمر تلك القهوة التي تجمع جدتي بجارتنا...

أم سيد والواد شمعة وسلاح سوريا الكيماوي

أيمكن أن يصدق عاقل أن «فارس» حمل عتاده وسلاحه وسافر طويلا لكي يحمي «مالك» الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئا. البعض قال لي لا بد أن «فارس» ملاك في جسد بشر. لكن آخرين كانوا...

في اكتمالي موتي.. وبالنقصان أستعيد الحياة

كان يكفي أن أنظر للسماء لأعلم لما لا يرد شقيقي على الهاتف. متحفزا. مكتملا. باهيا. كان قرص القمر في قلب السماء. متألقا وسط النجوم. مدركا حجم ضوئه وعمق أثره. مختالا بنوره الذي يوقظ كل الصحاري...

وللنساء مع الزلازل شأن آخر

في مايو ومنذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين عاما, وقبل أن تهبط الأحلام على النائمين انفجر غضب ما من باطن الأرض فقسمها وضرب مبانيها وأهال التراب على ما يزيد على ثلاثة آلاف نسمة. يومها لم...

ولكل منا أريكته الزرقاء.. ولكل منا آذان أخرى

الشاب ذو الصوت الصادق حاصرني, كما كان لأسئلته تفرد مدهش فلم أملك إلا الانتظار, سار بي خطوات قليلة ثم أشار إلى سمكتين لونهما أزرق يتوسطان لوحة القماش المعلقة, وقال: «أتعرفين لماذا وُلدنا؟». صمت من هول...

في المطار يسألونك: أتحب الغناء والفرح!

أتصدقون أن بين وحشين كبار عاشت الغزالة الصغيرة آمنة حالمة, لكن الأهم أنها عن حق سعيدة, ثم عَنَّ لها أن تجرب الجنون, فإذا بها تعلن بصوت عال أنها في طريقها لتصدير السعادة, ولو لم أكن...