alsharq

محسن عتيقي

عدد المقالات 6

..الإبادة الثقافية !حرب غزة الصامتة

23 سبتمبر 2024 , 11:25م

تعانقت أرضها مع الكنعانيين، وتغنت بها قصائد الأشوريين ونقوش اليمن القديم، وفي أسواقها نسجت حكايات الشرق والغرب، فكانت لؤلؤة المتوسط ودرة الشام، وعلى أسوارها تحطمت أحلام الغزاة. هي غزة، التي تقف شامخة تاجًا على جبين التاريخ، جرحنا اللانهائي ينزف من مستقبل الحضارة الإنسانية! رصد تقرير حديث بعنوان «تدمير التراث الثقافي في غزة»، أعده الخبير في مجال الآثار والتراث الفلسطيني، د. حمدان طه، الأضرار الجسيمة التي ألحقتها الحرب المستمرة على غزة بمعالم حضارة عمرها آلاف السنين، في انتهاك صريح للاتفاقيات والمعاهدات الدولية، بدءًا من اتفاقية منع الإبادة الجماعية (1948) واتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية (1954)، وصولاً إلى القرارات الأممية الحديثة. وكلها التزامات يفرضها القانون الدولي على المحتل الإسرائيلي، كما تشكل إطارًا شاملاً لقرارات منظمة اليونسكو، بشأن حماية التراث الثقافي في ظل الاحتلال. لا شك في أن اليونسكو قد لعبت دورًا فعالًا في حماية التراث الثقافي في مناطق النزاع مثل العراق وسوريا ومالي، بل ورفعت قضايا للمحكمة الجنائية الدولية في هذا الشأن، واعتُبر قرار مجلس الأمن (رقم 2347 لعام 2017) إنجازًا متقدمًا بتأكيده على أن الهجمات الموجهة ضد المواقع والمباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، أو الآثار التاريخية، قد ترقى إلى جرائم حرب. ووفقًا لمصادر التقرير، لا تزال الاستجابة الدولية متقاعسة عن حماية التراث الثقافي الفلسطيني في غزة، باستثناء تسجيل موقع تل أم عامر، على لائحة اليونسكو للحماية المعززة. تسجل المسوحات الأثرية، بحسب التقرير، وجود نحو 130 موقعًا أثريًا في القطاع، إضافة إلى المراكز التاريخية للمدن والبلدات التي تشكل سجلاً حيًا لتاريخ المنطقة. ورغم صعوبة إجراء تقييم شامل للأضرار التي أصابت هذه المواقع، يرسم التقرير صورة مقلقة لحجم الدمار الذي لحق بالتراث الثقافي والمواقع الأثرية العريقة في غزة مثل تل السكن (العصر البرونزي المبكر)، تل العجول (العصر البرونزي الوسيط والمتأخر)، وموقع البلاخية أو «أنثيدون» (الفترتين اليونانية والرومانية)؛ أما المساجد والكنائس التاريخية، فقد تعرض للتدمير الجامع العمري في حي الدرج (الفترة الأيوبية)، جامع كاتب ولاية (العصر المملوكي 1334م، مع إضافات عثمانية 1586)، جامع السيد هاشم (العصر العثماني)، ومسجد الظفردمري المملوكي (1360)؛ كما تضررت كنيسة جباليا البيزنطية ومقبرتها الأثرية (الفترتين الرومانية والبيزنطية)، كنيسة القديس بيرفيريوس (القرن الخامس، مع تجديدات في القرن الثاني عشر)، إضافة إلى دير القديس هيلاريون في تل أم عامر؛ ولم تسلم باقي المباني التاريخية، كالمدرسة الكاميلية (1237)، دار السقا (1661)، وسبيل الرفاعية العثماني (1568م). وفي ضربة موجعة للذاكرة الثقافية الفلسطينية، يشير التقرير إلى تدمير نحو 12 متحفًا، من بينها متحف قصر الباشا (العصر المملوكي)، الذي كان يضم عشرات آلاف القطع الأثرية. ووفقًا لوزارة الأوقاف الفلسطينية، تم تدمير كلي أو جزئي لنحو 1000 مسجد من أصل 1200 في قطاع غزة، وذلك حتى تاريخ 22 يناير 2024. ولم تنج المقابر التاريخية، حيث تضررت المقبرة المسيحية المعمدانية، ومقبرة الكومنولث الخاصة بجنود الحرب العالمية الثانية. إضافة إلى ذلك، تم اقتحام ونهب مخازن الآثار التابعة لدائرة الآثار في غزة، والتي تحوي آلاف القطع الأثرية من مختلف العصور. حجم الضرر مفجع، ويمثل نموذجاً صارخاً لنمط التدمير الممنهج بغاية الطمس الحضاري للهوية الفلسطينية. ففي سياق ما يجري في غزة، نستخلص من تقرير حمدان طه، أن استهداف المعالم الثقافية والتاريخية يتجاوز كونه مجرد أضرار جانبية للحرب، وإنما «إبادة ثقافية»، بالإحالة إلى مرجعيات فكرية فاعلة، يوردها التقرير، منها موقف المفكر البولندي رافائيل ليمكين، الذي كان له دور في صياغة اتفاقية منع الإبادة الجماعية، مؤكدا أن الإبادة الثقافية لا تقل خطورة عن التدمير المادي لمجموعة بشرية. وموقف راز سيغال، خبير الهولوكوست اليهودي الأمريكي في جامعة ستوكتون، الذي وصف الحرب في غزة بأنها تمثل حالة نموذجية لحروب الإبادة الموجهة لتدمير مجموعة بشرية. ثم موقف جون هوكينغ، عضو محكمة الجرائم الدولية ليوغسلافيا السابقة، القائل: «أينما يوجد تدمير ثقافي هناك شبهة إبادة جماعية».

ابتسامتنا الذكية ..

«تتميز أعماله بقدرتها على تجاوز الحدود الجغرافية، وتأثيرها بالغ الأهمية في توثيق العلاقات الإنسانية بين مختلف الثقافات والشعوب... هي ابتسامة ذكية تستوطن رسوماته الكاريكاتيرية التي عالج من خلالها العديد من القضايا المحلية والإقليمية والعالمية في...

! المؤلف في ذمة الله

في إحدى الفعاليات التكريمية صرح الروائي الصيني المعروف «مو يان» باستخدامه الذكاء الاصطناعي في تحرير خطاب يشيد بصديقه الكاتب يو هوا، حدث ذلك بعد محاولته لأيام دون أن يتوصل إلى كتابة خطاب لائق، وفي لحظة،...

ألوان سلمان المالك الجديدة

تتعلق مناسبة هذه المقالة عن الفنان التشكيلي القطري البارز سلمان المالك، بدعوة كريمة لزيارة مرسمه قبل أيام، ومحاورة سابقة بعنوان: هل حقق المالك نقلة نوعية في معرضه «اتجاه»؟ وبشكل أساسي بجديد فناننا في معرضه المنصرم...

ذعر الشاشات! هل أصبحنا أكثر غباءً؟

في ظلّ ازدياد أهمية الثقافة ودورها في تشكيل الهوية والوعي المجتمعي، تبقى إشكالية الذكاء الاصطناعي وتأثير الشاشات الذكية على مستقبل الطلاب، أحد أهمّ الموضوعات الثقافية التي تُناقش حاليًا. حول هذا الموضوع، يستند المقال إلى تحقيق...

سنة دولية للإبليات.. خطورة تحويل الجمل إلى بقرة!

أولى الكتابات المسمارية التي تتعلق بالبدو الذين يركبون الجمل تُنسب إلى الآراميين الذين قاتلوا ضد خصمهم الآشوري ناصر بال في عام 880 قبل الميلاد. مصدر ذلك، على الأرجح، النصوص الآشورية التي تتحدث عن معارك العرب...