


عدد المقالات 6
في إحدى الفعاليات التكريمية صرح الروائي الصيني المعروف «مو يان» باستخدامه الذكاء الاصطناعي في تحرير خطاب يشيد بصديقه الكاتب يو هوا، حدث ذلك بعد محاولته لأيام دون أن يتوصل إلى كتابة خطاب لائق، وفي لحظة، يقول الحائز على جائزة نوبل في الأدب: «استعنت بأحد الطلبة فأنتج (ChatGPT) أكثر من ألف كلمة من الثناء على طراز شكسبير». في واقعة مشابهة، لم تتردد الروائية الأمريكية جينيفر إيغان، الحائزة على جائزة بوليتزر المرموقة، في كشف استخدامها الذكاء الاصطناعي في بعض أبحاثها. خلّف التصريح شهيق الجمهور في القاعة، وسخر أحدهم: «قد يتصل شخص ما بالشرطة!»، في حين بدا مو يان منسجما مع حوار سابق قال فيه: «عندما بدأت الكتابة في الثمانينيات، سمعت الكثير من أجراس الإنذار تدق حول مصير الأدب مع انتشار التلفزيون، لكن اتضح أن كل تقدم علمي يعطي الأدب أجنحة جديدة». وفي حوار آخر، يتفاءل مو يان، قائلا: لسنا أمام أزمة كبيرة في الأدب، ومهنة الكاتب لن تنتهي مع ظهور الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك لا يطمئن أكثر المتفائلين هذه الأيام من هبّة الذكاء الاصطناعي بنماذجه اللغوية التي تجعل الموضوع مثيرا للجدل، على نحو يصبح دق جرس الإنذار مشروعا، وليس أقل مشروعية منه طرح السؤال: هل نحن بصدد أفول العصر الذهبي للمؤلف البشري؟ في كتابه «موت المؤلف»، الصادر في ستينيات القرن الماضي، كتب رولان بارت: «إنها اللغة التي تتكلم، وليس المؤلف»، بينما رأى معارضو نظرية «موت المؤلف» أن إغفال السياق الذاتي للنصوص يسقط القارئ في التفسيرات الانتقائية، بل والخاطئة وحتى المفرطة. ليس المجال مناسبا للاستطراد في أمور أكاديمية، لكن التذكير بالسياق الذي طرح فيه بارت نظرية «موت المؤلف»، يفيد في تحري آثار «جريمة القتل» التي يرتكبها الذكاء الاصطناعي اليوم ليقوم مقام المؤلف! طرح بارت نظريته في ستينيات القرن العشرين، في سياق بلوغ البنيوية أوج تأثيرها، جنبا إلى جنب مع تأثير أبحاث اللسانيات في تعريف اللغة كنظام من العلامات والبنى العميقة والسطحية. والسياق الآخر، يتعلق بالتطور التقني للطباعة ووسائل الإعلام الذي ساعد على انتشار النصوص وتداولها بقدر ما ساهم في تراجع هالة المؤلف نتيجة حضوره الاعتيادي والمبتذل أحيانا في التلفزيون والراديو. والسياقان معا مهدا إلى توسيع مجال نظرية «موت المؤلف» لتشمل قراءة السينما والموسيقى وباقي أشكال الإنتاج الثقافي ثم لتستشرف مع ظهور النشر الإلكتروني منذ الثمانينيات والتسعينيات تأثير التكنولوجيا على عملية إنتاج المعنى وتلقيه على نحو ما نشهده في وقتنا الراهن. بتطوير نماذج قادرة على فهم السياق النصي، والترجمة، والنطق الآلي للنصوص، تجاوز تأثير اللسانيات الحديثة في نماذج الذكاء الاصطناعي مستوى التأثير الذي بلغته في نظرية «موت المؤلف». وعلى وجه المقارنة الممكنة، تبرز بين نظرية «موت المؤلف» ونماذج الذكاء الاصطناعي، قواسم وأهداف مشتركة؛ فكلاهما تأثرا بالأبحاث اللسانية والتقدم في مجال التكنولوجيا، وإذا كان بارت استخدم اللسانيات لتحليل النص مستقلا عن المؤلف، فإن نماذج الذكاء الاصطناعي استخدمتها لتأليف النص، وبينما ركزت نظرية بارت على استقلالية النص عن المؤلف وهو ما يعني اعترافا بوجوده الضمني، تركز نماذج الذكاء الاصطناعي على المحاكاة الشاملة للغة البشرية مما يعني تنحية كلية للمؤلف والنص معا. في وقت الطفرات العظمى يصطف المتوجسون والمتفائلون، ففي حين ترى هذه الفئة الأخيرة، أن الذكاء الاصطناعي يساعد على تجاوز إكراهات الخيال والإلهام، على نحو ما صرح به مو يان، فإن المتوجسين يمتعضون من تفشي المحتوى التافه والسطحي الذي يولده صناع المحتوى بعشوائية واعتماد كلي على الذكاء الاصطناعي. هل يقتصر صون الإبداع الأصيل بترديد شعار مبدئي من أجل حمايته؟ من طرافة الحلول، أن تكون خوارزميات الذكاء الاصطناعي نفسها هي الكفيلة بدعم الإبداع الحقيقي، والكشف عن الانتحال وحماية حقوق الملكية الفكرية، هذا، إن لم يتعارض ذلك مع المصالح التجارية لشركات الذكاء الاصطناعي التي يهمها مشاركة الجمهور العام بغض النظر عن أي معايير جمالية وأخلاقية. وسواء كان الكتاب متفائلين بالتحليق بأجنحة الأدب الجديدة التي بشر بها مو يان، أو متشائمين بموت المؤلف والنص معا، فإن استخداماتنا للذكاء الاصطناعي مسألة حتمية، وحينها لن تكون ذروة المخاوف هي تعطيل التعريف التقليدي للمبدع ولمعايير قياس إبداعه وتذوقه، ولن يكون «الأدب في خطر» فقط، وإنما استدامة التنوع الثقافي، والتعبير عن الهويات، هو ما يستدعي دق أجراس الإنذار!
«تتميز أعماله بقدرتها على تجاوز الحدود الجغرافية، وتأثيرها بالغ الأهمية في توثيق العلاقات الإنسانية بين مختلف الثقافات والشعوب... هي ابتسامة ذكية تستوطن رسوماته الكاريكاتيرية التي عالج من خلالها العديد من القضايا المحلية والإقليمية والعالمية في...
تعانقت أرضها مع الكنعانيين، وتغنت بها قصائد الأشوريين ونقوش اليمن القديم، وفي أسواقها نسجت حكايات الشرق والغرب، فكانت لؤلؤة المتوسط ودرة الشام، وعلى أسوارها تحطمت أحلام الغزاة. هي غزة، التي تقف شامخة تاجًا على جبين...
تتعلق مناسبة هذه المقالة عن الفنان التشكيلي القطري البارز سلمان المالك، بدعوة كريمة لزيارة مرسمه قبل أيام، ومحاورة سابقة بعنوان: هل حقق المالك نقلة نوعية في معرضه «اتجاه»؟ وبشكل أساسي بجديد فناننا في معرضه المنصرم...
في ظلّ ازدياد أهمية الثقافة ودورها في تشكيل الهوية والوعي المجتمعي، تبقى إشكالية الذكاء الاصطناعي وتأثير الشاشات الذكية على مستقبل الطلاب، أحد أهمّ الموضوعات الثقافية التي تُناقش حاليًا. حول هذا الموضوع، يستند المقال إلى تحقيق...
أولى الكتابات المسمارية التي تتعلق بالبدو الذين يركبون الجمل تُنسب إلى الآراميين الذين قاتلوا ضد خصمهم الآشوري ناصر بال في عام 880 قبل الميلاد. مصدر ذلك، على الأرجح، النصوص الآشورية التي تتحدث عن معارك العرب...