alsharq

جيهان أبوزيد

عدد المقالات 103

د. هدى النعيمي 26 أكتوبر 2025
صدى روايات خالد حسيني.. تردده الأجيال
هند المهندي 26 أكتوبر 2025
ريادة قطرية في دبلوماسية السلام
سعد عبد الله الخرجي - المدير التنفيذي لمركز قطر للتطوير المهني 27 أكتوبر 2025
خطاب يرسم خريطة طريق

لغة ليس بها حروف ولا أرقام

22 يناير 2013 , 12:00ص

لم تفصح عن السؤال، ثم انتظرت الإجابة. تلك كانت اللعبة التي شرحتها «ماري» السيدة الكندية التي تقترب من نهاية عقدها الثامن. كان على أحدهم أن يختار سؤالا ثم يطلب الإجابة من شريكه في التمرين من دون تقديم أي معلومات قد تقود إلى السؤال. اللعبة كانت تقضي أن ينصت كل اللاعبين إلى أصواتهم الداخلية، أن يتعلموا الاستماع إلى ذواتهم المنسية الضائعة في ضجيج الحياة اليومية والأحداث الكبرى، أن يبحثوا عن الرموز الأخرى التي هي ليست حروفا ولا أرقاما، كان عليهم أن يبحثوا عن لغة لا يعرفون عنها شيئا وعن رموز لا يستخدمها العقل. دفعت بهم للبحث عن الرموز التي يستخدمها القلب، تركتهم يبحثون بمفردهم بعض الوقت ثم قالت: قد يرسل لكم القلب نبضة زائدة، أو لونا متوهجا يضيء حتى والعيون مغلقة، أو قد يكون رجفة مفاجئة تطال أحد الأطراف. عندما أنهوا لعبهم سألت كلا منهم منفردا عما أعاق سمعه لصوته الداخلي وعما منعه من فك طلاسم القلب، لم يكن الحضور بالسذج أو بالتائهين، كانوا طلابا حاصلين على درجات علمية هامة يعملون في مجالات شتى، ولم يجمع بينهم سوى البحث عن سبيل للمقاومة. إحداهن كانت تريد مقاومة ذكريات طفولتها الأليمة، وآخر كان يبحث عن وسيلة لمقاومة صوت رفاقه المستيقظ أبداً بداخله وهم يسخرون ضحكا كلما تعثر في نطق بعض الكلمات، شاب ممتلئ الجسد اعترف أنه لا يتقن إلا الخوف من المستقبل ومن التغيير ومن تحرير أحلامه المكبلة بصوت أبيه الذي طالما ردد «حتفضل فاشل». كنت أستمع لوقائع اللقاء بالسيدة الكندية العجوز وإذا بانقباضة مفاجئة تضربني إثر عرض مشهد الجرافات الإسرائيلية وهي تزيل خيام قرية «باب الشمس» التي أقامها نشطاء وناشطات فلسطينيون وتقمع المقاومين بالغازات والهراوات مُوقعة في صفوفهم إصابات، قبل أن يعاودوا محاولات نصبها ثانيةً. المحكمة العليا في إسرائيل أعطت الضوء الأخضر لتفكيك هذا المخيم الذي أقيم على أراض فلسطينية محتلة تعتزم السلطات مصادرتها لإقامة مشروع جديد من شأنه إتمام عزل مدينة القدس عن الضفة الغربية المحتلة وقطع التواصل بين أبناء الأرض ومدينة جدودهم وآبائهم. باب الشمس حين فُتح جاء بضوء جديد في الصراع مع المحتل الإسرائيلي، في مواجهة التوسع الصهيوني على الأراضي الفلسطينية، حتى الصغار فرحوا كما الكبار بالنموذج الجديد الذي اعتبروه مرحلة جديدة في تطوير الأدوات النضالية الشعبية لأبناء فلسطين الذين سئموا الشعارات والتصريحات الرسمية على مدار أكثر من عشرين عاما. تعود أهمية باب الشمس إلى كونه مبادرة وليس رد فعل في تطور جديد للمقاومة الفلسطينية. الشعب الفلسطيني ومنذ عام 1917 وحتى يومنا هذا مارس أشكالاً متنوعة من النضال ضد الاستعمار البريطاني والاحتلال الإسرائيلي، واتسمت كل مرحلة من مراحل نضاله باستخدام نوع مختلف من أنواع المقاومة. باب الشمس ملحمة لم يصنعها تيار سياسي ولا فصيل ديني، بل هي وليد ينتمي إلى المقاومة الشعبية، وهي مشروع تضامن فيه مئتا فلسطيني وأجنبي وضربوا خيامهم في قرية أطلقوا عليها اسم باب الشمس وتقع بين القدس المحتلة ومستوطنة «معاليم أدوميم». إن مبادرة باب الشمس تحمل في ثناياها أهمية قصوى، خاصة أنها أقيمت على أراضي القدس، تلك المدينة التي سعى الاحتلال منذ عام 1967 إلى عزلها جغرافيا وسياسيا وثقافيا وفكريا عن بعدها الوطني الفلسطيني وعن بعدها الثقافي والديني الأوسع. «باب الشمس» عنوان مخيم لكنه أيضاً عنوان عمل روائي للكاتب «إلياس خوري» احتضنته السينما وخرج بنفس اسم «باب الشمس» العمل الروائي الشهير. قرية باب الشمس خلقت من الخيام أفقا جديدا في الصراع، ليس فقط في مناطق عام 1967 إنما أيضاً في مناطق 1948. السيدة الكندية طلبت من الحضور تقليد سكان باب الشمس، وضرب خيامهم داخلهم، داخل ذواتهم التي سرقتها طفولة موجعة أو سرقتها خبرات الحياة المؤلمة أو ضاعت بفعل خوفٍ كبر واستشرى، أو أنانية أحكمت غلق الأبواب على صاحبها. طلبت السيدة ضرب الخيام مباشرة أمام الجدران التي تمنعنا من التواصل مع ذواتنا والتي تحجبنا عن الاستماع إلى صوت القلب أو لمس الهواء المنبعث من روح حرة طليقة تجمع من السماء والأرض خبرات وورود وتهديها لي ولكم ولكل سكان باب الشمس.

مصر حتنور تاني

إنه اللقاء بكل شغفه ولهفته وقوته وطاقته القادرة على إحياء الأمل وبعثه من باطن اليأس. إنه اللقاء.. فلم أجد لفظة أخرى تصف العيون المتلألئة ولا الخطوات المندفعة ولا تلك الحياة التي عادت تجري فكست الوجوه...

بين اللجوء والنزوح مساحة ألم

سمعت تلك الكلمة للمرة الأولى في منزلنا بينما جارتنا تأخذ قسطا من الراحة لدينا. اعتذرت عن كوب الشاي الذي أعدته أمي قائلة «لازم احضر العشا للاجئين اللي عندي». أخبرتني أمي أن «اللاجئ « مصطلح يطلق...

من الطابق التاسع رأيت خط الطباشير الأبيض

في الطابق التاسع كنت أسكن. ومن أعلى رأيت أطفال الجيران يرسمون في الشارع الإسفلتي خطا أبيض. ثم احتكروا لأنفسهم المساحة الأكبر وتركوا للطفل الأسمر وأقرانه ما تبقى. والأسمر كان في مثل عمرهم. وكذلك فريقه الذي...

في قلب القاهرة ماتت «شهرزاد»

«لقرون طويلة حكيت عني يا شهرزاد, غطى صوتك على صوتي» لكنى الآن وبدون ندم أشيعك إلى مثواك وأعلم أني لن أسبح في الفرح, لكني سأعيش بهجة غسل تراثك. وفى حضرة الحكاية علينا أن نبدأ القصة...

ثلاثة مشاهد لا يربط بينها إلا «المياه»

المشهد الأول: كان أن تحدث مرشح الرئاسة عن برنامجه الطموح لقيادة مصر في مرحلة مفصلية, واستعرض مجالات عدة ثم قال «وأما عن المياه فسوف نزيد مياه النيل بالدعاء». المشهد الثاني: صوت جهوري لرئيس الجمهورية آنذاك،...

خطاب بعلم الوصول إلى رئيس مصر

طرقة واحدة مفاجئة، ثم ضاع الضوء وانسحبت الكهرباء إلى أسلاكها وتركتنا في عتمة قاتمة، بنظرة واحدة على الشارع أدركت أننا نصفان، نصف مضيء ونصف معتم، كان جانبنا صامتا وكأن الحياة قد توقفت عنه، حارسة العقار...

وبينهن نساء عاشقات لقهوة الصباح

أعادته مرة أخرى إلى الطبق الصغير عقب الرشفة الأخيرة، ثم انتظرتْ دقائق وقَلَبَتْه فسال اللون الداكن برائحته النفاذة وتلون الخزف الأبيض. وأكملت هي حوارها تاركة لي الحيرة من أمر تلك القهوة التي تجمع جدتي بجارتنا...

أم سيد والواد شمعة وسلاح سوريا الكيماوي

أيمكن أن يصدق عاقل أن «فارس» حمل عتاده وسلاحه وسافر طويلا لكي يحمي «مالك» الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئا. البعض قال لي لا بد أن «فارس» ملاك في جسد بشر. لكن آخرين كانوا...

في اكتمالي موتي.. وبالنقصان أستعيد الحياة

كان يكفي أن أنظر للسماء لأعلم لما لا يرد شقيقي على الهاتف. متحفزا. مكتملا. باهيا. كان قرص القمر في قلب السماء. متألقا وسط النجوم. مدركا حجم ضوئه وعمق أثره. مختالا بنوره الذي يوقظ كل الصحاري...

وللنساء مع الزلازل شأن آخر

في مايو ومنذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين عاما, وقبل أن تهبط الأحلام على النائمين انفجر غضب ما من باطن الأرض فقسمها وضرب مبانيها وأهال التراب على ما يزيد على ثلاثة آلاف نسمة. يومها لم...

ولكل منا أريكته الزرقاء.. ولكل منا آذان أخرى

الشاب ذو الصوت الصادق حاصرني, كما كان لأسئلته تفرد مدهش فلم أملك إلا الانتظار, سار بي خطوات قليلة ثم أشار إلى سمكتين لونهما أزرق يتوسطان لوحة القماش المعلقة, وقال: «أتعرفين لماذا وُلدنا؟». صمت من هول...

في المطار يسألونك: أتحب الغناء والفرح!

أتصدقون أن بين وحشين كبار عاشت الغزالة الصغيرة آمنة حالمة, لكن الأهم أنها عن حق سعيدة, ثم عَنَّ لها أن تجرب الجنون, فإذا بها تعلن بصوت عال أنها في طريقها لتصدير السعادة, ولو لم أكن...