وعد الآخرة

يصفعنا الحزن العربي لما يحدث في فلسطين، وينتعش الأمل في الوقت نفسه لتحقق آيات الله عز وجل: «وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا. فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً. ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا. سورة الإسراء الآية 4-6 ومفهومي لهذه الآيات وما استقيته من علماء الدين الذين تحدثوا عنها أن ما حدث في الماضي ويحدث الآن في الحاضر ما هو إلا لحكمة إلهية أودعها الله في سورة الإسراء، وإذا كان وعد أولاهما قد تحقق في الماضي لقوله تعالى «وكان وعداً مفعولاً» فإن وعد المرة الثانية والأخيرة «وعد الآخرة» الموضح تفصيلاً في قوله تعالى: إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا».. سورة الإسراء –الآية 7. أي أن المسلمين سيدخلون بيت المقدس مرة أخرى، وسينتهي علو هذا الكيان المارق الذي افسد في الأرض، وعداً إلهيا قطعي الحدوث. وما يبعث الأمل رغم المآسي والحزن الشديد على شهداء فلسطين هو إدراكي أننا في الجزء الأخير من هذا الاستدراج الرباني الذي يتوعد المفسدين في الأرض، وذلك لقوله تعالى: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا. سورة الإسراء الآية – 104. الجميع يعلم أن بني إسرائيل كانوا مقطعين أمما في هذه الأرض، ويسكنون مختلف دول العالم. فلا تكاد دولة تخلو من حي أو حارة أو جالية يهودية، لحين عرفنا ما يسمى بوعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود، وهذا تحقيقاً لقوله تعالى «فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا». وها نحن الآن نرى ذلك في أرض فلسطين، حيث «جئنا بكم لفيفاً» أي جميعا مختلطين من كل نوع، ومنهم عرب وأوربيون وآسيويون وغير ذلك، فما بقي الآن سوى توقيت هذا الوعد الذي آمل أن يكون قريباً.. «إن الله لا يخلف الميعاد».