alsharq

شهرزاد المصرية

عدد المقالات 12

سعد عبد الله الخرجي - المدير التنفيذي لمركز قطر للتطوير المهني 27 أكتوبر 2025
خطاب يرسم خريطة طريق
رأي العرب 29 أكتوبر 2025
الاستثمار في العنصر البشري

سها وهناء

20 أغسطس 2011 , 12:00ص

عرفت سها عن طريق الصدفة، احتجت إلى سلعة ما، سألت وعرفت أنها متوفرة ولكن بائعيها يغالون كثيرا في السعر، بحثت وبحثت حتى وجدت موقع سها على الإنترنت، اتصلت بها رغم توجسي من شراء أي شيء على الإنترنت، فوجدتها لطيفة ومهذبة، أخبرتني أنها تبيع بالجملة فقط، وإن كانت على استعداد لبيعي أنا الكمية التي أحتاجها فقط وتقابلنا في اليوم التالي لإعطائي عينة مجانية أعجبتني كثيرا، ثم جاءت بعدها إلى بيتي لتوصيل ما اشتريته منها. أعجبتني سها لأنها تتميز بالمرح الشديد، والقدرة على الضحك من كل شيء، بالإضافة إلى بساطتها وتعودها على الناس بسرعة، وهكذا فقد أخذت بعد نصف ساعة من حضورها، تحكي لي عن زوجها الذي تزوجته منذ أكثر من عام وهو مصري يحمل جنسية دولة أوروبية، وعن رغبته في أخذها للعيش في هذا البلد الأوروبي وعدم قدرتها على ترك عائلتها، عن قلة كلامه التي تجعلها تفر كلما استطاعت إلى منزل أسرتها «قبل أن تنسى الكلام» على حد قولها، عن تأخرهما في الإنجاب بعد أن مر على زواجهما عاما ونصف ومحاولات العلاج، عن تأخرها هي في الزواج -أو هكذا كان رأيها- فقد تزوجت في الواحدة والثلاثين، وعن أختها التي تكبرها، هناء، التي تجاوزت الخامسة والثلاثين ولم تتزوج بعد، وعن قلق أسرتها عليها، مرت ثلاثة ساعات وأنا أحكي مع سها وسط ضحكاتنا، حتى انصرفت على وعد مني بمحاولة تدبير زواج أختها من شخص أعرفه يعمل في الخارج. مرت شهور وعاد الزميل الذي رغبت أن أزوجه لهناء ففاتحته في الموضوع، فقبل أن يقابلها مع أسرتها، كنت أعلم أنه يقترب من الخامسة والأربعين، ويدعي أنه رأى ما يقرب من 150 عروسا ولم تعجبه أي منهن، ورغم ذلك فقد كان عندي أمل أن تعجبه هناء ويعجبها، وينجح الأمر، أمل يراودني كلما حاولت تدبير إحدى الزيجات، وهي إحدى هواياتي المتعددة، اتصل العريس بوالد هناء، وحدد موعدا مبدئيا للقاء في النادي، قبل أن يتصل بي ليقول إنه لن يتصل بهم ثانية لأن الوالد بدا مترددا ولم يعجبه، حاولت إقناعه أن يراها فلم يبد عليه الاقتناع، طلبت منه أن يتصل للاعتذار فوعدني ولم يفعل. مرت أيام واتصلت بي سها تسأل لم لم يتصل العريس ثانية، فلم يطاوعني قلبي على إخبارها أن الأمر قد فشل قبل أن يبدأ، فقلت إني لا أعرف وإنه لا يرد على اتصالاتي، واعتذرت لها بشدة فقد أحسست بإحراج شديد، مرت شهور أخرى وقابلت سها ثانية للحصول على السلعة التي تبيعها، ثم بعد شهور أخرى مررت على منزل أسرتها لنفس السبب، قضيت بعض الوقت أضحك معها ومع والدتها المرحة أيضا، بعدها حضرت هناء فرأيتها لأول مرة، سمينة قليلا رغم مواظبتها على الجيم، ليست جميلة رغم اهتمامها الشديد بنفسها وملابسها الغالية، تبدو أكبر كثيرا من سنها، ولكن روحها الطيبة أعطتني إحساسا بأنها أجمل الجميلات، سلمت علي وبدأت الكلام كأنها تعرفني منذ سنوات، تحكي وتحكي عن اكتشافها لسرقات في الشركة الأجنبية التي تعمل بها وإبلاغها للمركز الرئيسي، وعن سفرها المقرر مع المتهمين بالسرقة في اليوم التالي إلى المركز الرئيسي للتحقيق وكيف غيرت يوم السفر لتسافر على طائرة أخرى؛ لأن أمها تخاف أن يؤذيها أحد منهم، وكيف تنوي أن تجعل برايان، الموظف الأمريكي في المركز الرئيسي يعتنق الإسلام ويتزوجها لأنه «مز» ويعجبها، تتكلم وتضحك ضحكة عالية مرحة وهي تميل إلى الجانب وتلقي رأسها للوراء، تماما كما تفعل سها ووالدتهما، انتقلت إلي عدوى المرح فدخلنا في سجال من النكات والقصص الطريفة قبل أن تحكي لي والدتهما، التي تجاوزت الستين، عن موقع الإنترنت الذي أنشأته للمربع السكني في المدينة الراقية حيث يسكنون، للتنسيق بين الجيران بخصوص النظافة والأمن وغيره، وعن الجار الذي يبعث إيميلات غير مفهومة، فانبهر من كون سيدة في عمرها، لم تكمل تعليمها الجامعي، قادرة على استعمال الإنترنت بهذه الصورة. تحكي سها عن موعدها مع الطبيب غدا، فهي لم تنجب بعد وقد مر الآن عامان ونصف على زواجها وتجاوزت الثالثة والثلاثين، تجاوزت هناء السادسة والثلاثين ولم تتزوج والأم قلقة عليهما كما تقول سها، وإن لم ألمح أي أثر للقلق على ثلاثتهن، لا شيء غير المرح والرغبة في الاستمتاع بما هو متاح والتغاضي عن النواقص والرغبة في فعل الجديد دائما، لا شيء غير حكايات مرحة وضحكات مجلجلة يطلقنها وهن يملن إلى الجانب ويلقين برؤوسهن إلى الوراء. غادرت منزل أسرة سها وأنا أتساءل، هل لو كانت سها قد أنجبت بمجرد زواجها وهناء تزوجت في العشرينيات، هل كانتا ستحتفظان بهذا المرح والرغبة في الحياة والقدرة على اقتناص اللحظات السعيدة من بين الظروف السيئة؟ أم هل كانتا ستتصرفان مثل معظمنا، تريان نصف الكوب الفارغ وتلعنان نواقص حياتهما وتقضيان الوقت في التذمر وتضيعان متعة الإحساس بالأشياء الجميلة التي تملكانها حتى يفوتهما الوقت؟ لم أعرف الإجابة وفي الغالب لن أعرف، ولكني قررت منذ تلك اللحظة، أن أركز دائما على نصف الكوب المليء قبل أن يفوتني الوقت.

الآخرون

هل يجب أن يفعل الشخص ما يريده أم ما يريده الآخرون أن يفعله؟ قد يبدو هذا سؤالا بديهيا، فإذا كان الأمر يتعلق بالشخص نفسه ولا يمس شخصا آخر فليفعل ما يريد وإن كان يمس الآخرين...

عيون زرقاء

«عيون زرقاء»، عبارة اعتدت وزملائي أن نتبادلها كثيرا في سياق يتضمن الحسرة أو السخرية أو المواساة، فمجال عملنا يوجد به الكثير من الأجانب سواء من يعملون معنا أو مع جهات منافسة، ولأن هؤلاء الأجانب يتقاضون...

الإشارات الإلهية (2)

توقفت في المقال السابق عند وصف حياة الأخوين جراهام (ميل جيبسون) وميرلين (خواكين فينيكس) الشخصيتين الرئيسيتين في فيلم الإشارات (signs) وهو من الأفلام الفلسفية عميقة المعنى والدلالة. لم تكن الحياة أفضل بالنسبة للطفلين ابني جراهام...

الإشارات الإلهية (1)

أردت أن تدرس تخصصا ما ثم لم تؤهلك درجاتك له؟ أردت أن تعيش في مكان ما ثم لم تسمح لك ظروفك؟ أردت شيئا ثم لم تحصل عليه؟ كل منا بالتأكيد مر بظرف مماثل مرة واحدة...

بين السطور

أنا أعشق الكتب والأفلام البوليسية كما أعشق كتب وأفلام الجاسوسية، فطالما أحببت الإثارة اللامتناهية في أحداثها وكمية الأدرينالين التي تتسبب بضخها في دماء المشاهد أو القارئ، والتي هي في رأيي مطلوبة دائما لإضافة قدر من...

المقياس

كم يبلغ طول قامتك؟ هل أنت طويل، قصير، متوسط؟ وماذا عن وزنك؟ هل أنت نحيل، سمين، معتدل، وزنك مائة كيلوجرام؟ ربما أنت بدين إذاً، ولكنك طويل جدا، طولك يقترب من المترين، فأنت لاعب كرة سلة.....

اعصِف.. فكر

حيرتني كثيرا فكرة الحدود التي يجب أن نتوقف عندها كبشر في طفولتي المبكرة جدا، حتى كبرت قليلا وعرفت أنها حدود الله سبحانه وتعالى. لكن ماذا عن حدود التفكير؟ هل التفكير يجب أن يتوقف عند حد...

يمين أم يسار؟

لا أذكر بالتحديد متى سمعت أو قرأت عن هذا الأمر، أمر نصفي المخ الأيمن والأيسر واختصاص كل منهما وخصائص شخصية من ينشط لديه أحد النصفين أو الآخر، ولكني أذكر بدقة أول مرة شاهدت فيها هذا...

الصندوق

نحن لا نعيش في هذه الدنيا الرحبة، بل كل منا يعيش داخل صندوق! قد يبدو هذا للبعض ليس حقيقيا وربما مستَغرباً أو تخيلياً، ولكن يجب أن يمعن هؤلاء التفكير في رأيهم هذا. فكل منا يعيش...

الألف الرابعة

مشغول، مثقل بالمسؤوليات، مرهق، ليس لدي وقت، لا أعرف كيف أفعل كل ما يجب فعله، أريد يوما من ثمان وأربعين ساعة.. كلمات وجمل كثيرا ما نسمعها ونقولها في حياتنا العصرية المجنونة هذه وأنا أول من...

طعم السنين

رمضان كريم، ها قد أتى رمضان آخر، هذا الشهر الفضيل الذي يحتل مكانة عظيمة في قلب كل مسلم، ولكن ألم يرحل رمضان السابق منذ شهور قليلة؟ ألم نكن نشتري ثياب عيد الفطر الماضي لأطفالنا منذ...