


عدد المقالات 12
«عيون زرقاء»، عبارة اعتدت وزملائي أن نتبادلها كثيرا في سياق يتضمن الحسرة أو السخرية أو المواساة، فمجال عملنا يوجد به الكثير من الأجانب سواء من يعملون معنا أو مع جهات منافسة، ولأن هؤلاء الأجانب يتقاضون مبالغ هي أضعاف ما نتقاضاه نحن من المصريين بلا اعتبار لعامل الكفاءة المهنية، وإنما فقط للانتماء لجنسية أوروبية أو أميركية، فقد أصبحت هذه العبارة كـ «شفرة سرية» بيننا للتذمر من هذا الوضع كلما اضطر أحدنا لتصحيح خطأ وقع فيه أحد هؤلاء، أو وقع في صراع معه لم ينصفه فيه أحد فـ «العيون الزرقاء» تكسب غالبا، ولم يسلم من هذه الشفرة القليل من الأوروبيين أو الأميركيين من ذوي الأصل الإفريقي وليست لهم «عيون زرقاء» فعليا، ولكن المصطلح تطور ليشمل كل من يحمل جنسية أجنبية أيضا، كنا في العادي نتبع هذا المصطلح بنصيحة مازحة عن وجوب اقتناء زوج من العدسات اللاصقة الزرقاء وشعر مستعار أشقر ربما وقتها نعتبر نحن أيضا: «عيون زرقاء». ولكن ما طالعتني به الأخبار هذا الأسبوع يبدو أنه سيجعل النصيحة الخاصة بالعدسات اللاصقة تتغير، فقد ابتكر طبيب أميركي جراحة بالليزر لتحويل لون العيون البنية إلى الأزرق عن طريق تسليط شعاع من الليزر على قزحية العين، وهي الجزء الذي يحمل المادة الملونة المسؤولة عن لون العين، يؤدي شعاع الليزر إلى تضرر المنطقة الحاملة للخلايا الملونة فيقوم الجسم بامتصاصها كما يفعل عادة مع الخلايا المتضررة أو التالفة وتصبح القزحية بلا مادة ملونة، وهذا هو الوضع مع أصحاب العيون الزرقاء منذ الولادة، وغياب الخلايا الملونة يجعل العيون تبدو زرقاء بسبب ظهور انعكاس الضوء بداخلها، وهذا هو الحال مع القطط حديثة الولادة أيضا، فهي تولد من دون خلايا ملونة في القزحية فتظهر عيونها زرقاء لأسابيع بعد الولادة، حتى تتكون المادة الملونة فيتحول لون العيون إلى الأخضر أو الأصفر أو الرمادي. ما زالت عملية هذا الطبيب الأميركي في طور التجريب ولكن لمعرفتي بمجتمعاتنا التي تحكمها «عقدة الخواجة» لدرجة كبيرة، أعتقد أنها لو أتيح لها الانتشار فستنتشر بداية في مجتمعاتنا الشرقية وما يماثلها، وربما انتشرت عندنا أيضا من دون أن يتم إقرارها في أوروبا وأميركا، فالطبيب الذي ابتكرها أجرى عددا من الجراحات التجريبية على بشر في المكسيك كانوا يحتاجون لزراعة القرنية وتم منحهم قرنيات جديدة بشرط أن يوافقوا على إجراء عملية تغيير لون العين، فالواقع يقول إن مجتمعاتنا تميل إلى التنميط والتقليد بصورة كبيرة، وتُثمن كل ما هو أجنبي، وتبخس قيمة كثير من الأشياء الحسنة التي تمتلكها سواء تلك التي تختص بالشكل أو السلوك لمجرد أنها وطنية، ولنتذكر هذه الكلمة التي استعملت في أحد الأفلام لا أذكر اسمه «local» وتعني بالإنجليزية «محلي» وهو شيء لا يعيب والكلمة تستعمل في أميركا لوصف من جاء من نفس المجتمع، أما في الفيلم فقد استعملت بمعنى «مبتذل» وهو شيء مؤلم أن تكون نظرتنا إلى أنفسنا بتلك الصورة. إذا، فربما تنتشر هذه العملية في مجتمعاتنا في المستقبل، فما أراه الآن أن كثيرا من الفتيات يستعملن العدسات اللاصقة الملونة كنوع من التغيير أو كأنها ضمن أدوات التجميل بصرف النظر عن ضررها المحتمل على العين، بل كثيرا ما يشترين أنواعا رديئة رخيصة الثمن من دون استشارة طبيب وهو نوع من عدم الشعور بالمسؤولية تجاه عضو ثمين من الجسد الإنساني يصعب تعويضه إذا تضرر، كما أنه نوع من سلوك القطيع والتخلي عن الشخصية التي خلقنا الله عليها والتي تكمن أشد ما تكمن في العينين- هذا رأيي على الأقل- وربما يأتي علينا المستقبل وقد أصبحت جميع النساء بشكل متقارب بفضل انتشار العدسات اللاصقة وعمليات التجميل التي تخطت دورها من إصلاح العيوب إلى تغيير الشكل كما تحب صاحبته –أو كما يحب صاحبه- والملابس الجاهزة التي لا تخرج عن موديلات متشابهة تطرح كل موسم ثم تتغير في الموسم القادم إلى أشكال وألوان جديدة لكنها تشبه بعضها أيضا، نعم، ربما تصبح جميع النساء متشابهات، وربما جميع الرجال متشابهون أيضا في المستقبل القريب ونصبح كأننا في أحد أفلام الكائنات الفضائية التي تثير رعبي دائما. في الواقع الجزء الأخير هو حلم تسبب فيه خبر العملية الجراحية التي تُغير لون العيون ولكنه تحول إلى كابوس، وعلي أن أصحو الآن لأضع عدساتي اللاصقة الزرقاء وأذهب إلى العمل، فأنا في طريقي لمقابلة مهمة مع «عيون زرقاء»، وذلك مؤقتا طبعا حتى يتم إقرار العملية الجراحية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هل يجب أن يفعل الشخص ما يريده أم ما يريده الآخرون أن يفعله؟ قد يبدو هذا سؤالا بديهيا، فإذا كان الأمر يتعلق بالشخص نفسه ولا يمس شخصا آخر فليفعل ما يريد وإن كان يمس الآخرين...
توقفت في المقال السابق عند وصف حياة الأخوين جراهام (ميل جيبسون) وميرلين (خواكين فينيكس) الشخصيتين الرئيسيتين في فيلم الإشارات (signs) وهو من الأفلام الفلسفية عميقة المعنى والدلالة. لم تكن الحياة أفضل بالنسبة للطفلين ابني جراهام...
أردت أن تدرس تخصصا ما ثم لم تؤهلك درجاتك له؟ أردت أن تعيش في مكان ما ثم لم تسمح لك ظروفك؟ أردت شيئا ثم لم تحصل عليه؟ كل منا بالتأكيد مر بظرف مماثل مرة واحدة...
أنا أعشق الكتب والأفلام البوليسية كما أعشق كتب وأفلام الجاسوسية، فطالما أحببت الإثارة اللامتناهية في أحداثها وكمية الأدرينالين التي تتسبب بضخها في دماء المشاهد أو القارئ، والتي هي في رأيي مطلوبة دائما لإضافة قدر من...
كم يبلغ طول قامتك؟ هل أنت طويل، قصير، متوسط؟ وماذا عن وزنك؟ هل أنت نحيل، سمين، معتدل، وزنك مائة كيلوجرام؟ ربما أنت بدين إذاً، ولكنك طويل جدا، طولك يقترب من المترين، فأنت لاعب كرة سلة.....
حيرتني كثيرا فكرة الحدود التي يجب أن نتوقف عندها كبشر في طفولتي المبكرة جدا، حتى كبرت قليلا وعرفت أنها حدود الله سبحانه وتعالى. لكن ماذا عن حدود التفكير؟ هل التفكير يجب أن يتوقف عند حد...
لا أذكر بالتحديد متى سمعت أو قرأت عن هذا الأمر، أمر نصفي المخ الأيمن والأيسر واختصاص كل منهما وخصائص شخصية من ينشط لديه أحد النصفين أو الآخر، ولكني أذكر بدقة أول مرة شاهدت فيها هذا...
نحن لا نعيش في هذه الدنيا الرحبة، بل كل منا يعيش داخل صندوق! قد يبدو هذا للبعض ليس حقيقيا وربما مستَغرباً أو تخيلياً، ولكن يجب أن يمعن هؤلاء التفكير في رأيهم هذا. فكل منا يعيش...
عرفت سها عن طريق الصدفة، احتجت إلى سلعة ما، سألت وعرفت أنها متوفرة ولكن بائعيها يغالون كثيرا في السعر، بحثت وبحثت حتى وجدت موقع سها على الإنترنت، اتصلت بها رغم توجسي من شراء أي شيء...
مشغول، مثقل بالمسؤوليات، مرهق، ليس لدي وقت، لا أعرف كيف أفعل كل ما يجب فعله، أريد يوما من ثمان وأربعين ساعة.. كلمات وجمل كثيرا ما نسمعها ونقولها في حياتنا العصرية المجنونة هذه وأنا أول من...
رمضان كريم، ها قد أتى رمضان آخر، هذا الشهر الفضيل الذي يحتل مكانة عظيمة في قلب كل مسلم، ولكن ألم يرحل رمضان السابق منذ شهور قليلة؟ ألم نكن نشتري ثياب عيد الفطر الماضي لأطفالنا منذ...