إعادة قانون الجمعيات التعاونية

تبنت دولة قطر منذ عام 1973 قانون الجمعيات التعاونية وذلك لتحسين حالة أعضائها الاقتصادية والاجتماعية بوجه خاص، وتحقيق أهداف التعاون بوجه عام، متبعة في ذلك المبادئ التعاونية، وأن تتاح العضوية لكل قطري تنطبق عليه الشروط المنصوص عليها في النظام الأساسي للجمعية، مع تساوي الأعضاء في الحقوق والواجبات دون نظر لما يملكون من أسهم. ومن اللافت للنظر في هذا القانون ان المادة الخاصة بحل الجمعيات التعاونية (غير موجودة) مما يدل على استقرار التوجه بشأن هذه الجمعيات ان تكون جزءا اصيلا من حياة المواطن تخدم اغراضه الاجتماعية والاقتصادية بجانب الشركات ذات الطبيعة التجارية البحتة. وفي عام 2000 وبعد مرور 27 عاما من التجربة الناجحة للجمعيات التعاونية شجع ذلك على تعزيز قانون 1973 بإدخال بعض التعديلات المتميزة اليه، والتي ستضيف الى القطاع التعاوني قوة اكبر من خلال إقرار 4 مواد في قانون رقم (5) لسنة 2000 وهي مادة 33, 34 و35 و36 والتي تجيز قيام الجمعيات المركبة والاتحادات التعاونية التي تهدف الى نشر الدعوة إلى التعاون والدفاع عن مصالح الجمعيات التعاونية ومساعدة المواطنين على إنشاء الجمعيات التعاونية. ويجوز لهذه الاتحادات القيام بخدمات اقتصادية أو مالية أو اجتماعية تتطلبها الجمعيات المنتمية إليها. وكذلك ادخال مواد الحل لمجالس هذه الجمعيات او تصفية لهذه الجمعيات. والتي ينظر لها انها تفعيل للرقابة الحكومية على هذه الجمعيات بدلا من الرقابة التي كانت تمارسها الجمعيات العمومية لهذه الجمعيات، والغاء قانون 1973 كليا. اتى قانون رقم (24) لسنة 2004 بتحويل الجمعيات التعاونية الاستهلاكية إلى شركة مساهمة قطرية لينهي مسيرة الجمعيات التعاونية ذات الغرض الاجتماعي والتكافلي الى شركة تجارية بحتة تتبع قانون الشركات التجارية، مع دخول الحكومة في ملكية الجمعيات التعاونية سابقا وشركة الميرة حاليا بنسبة 26% ونسبة 74% لمساهمي الجمعيات التعاونية السابقة، وليأتي قرار وزير الاقتصاد والتجارة رقم (40) لسنة (2005) بتأسيس شركة الميرة للمواد الاستهلاكية شركة مساهمة قطرية تجسيدا لواقع ارتفعت فيه الاسعار واختفت فيه مزايا الجمعيات التعاونية التي أثبتت نجاحها على مدى 27 عاما ومدى الضرر الذي تسببه ارتفاع هذه الاسعار على حياة المواطن والمقيم الاقتصادية على حد سواء، حيث انخفضت حياة الرفاه بتآكل القوة الشرائية للمستلزمات الضرورية واليومية للناس، في الوقت الذي تتعاظم فيه دور هذه الجمعيات التعاونية في الدول المجاورة وحتى العالمية التي تؤمن بهذه الجمعيات ودورها البارز والضروري في حياة مجتمعاتها وفي ناتجها المحلي واقتصادها التعاوني. إن الهدف من قانون التعاونيات عام 73 والمعدل منه عام 2000 هو إتاحة النشاط التعاوني على عدة مستويات وليس مستوى واحدا كما يظن البعض. ولذلك إلغاؤه حرم المجتمع من ممارسات النشاط التعاوني على مستويات اخرى غير القطاع الاستهلاكي، كقطاع التعاونيات الاسكانية والتعاونيات الصحية والتعاونيات المالية والتعاونيات السياحية والتعاونيات الصناعية والتعاونيات التكنولوجية والتعاونيات التعليمية، وبذلك تسهم في التنوع الاقتصادي القائم على انواع مختلفة من الاقتصادات ذات الاهداف المتنوعة. ومما يلفت النظر أننا هنا وأدنا قانونا مهما جدا بينما نجد في بعض الدول بذل المزيد في تطوير قانون جمعياتها التعاونية والتي استهدفت فيه: رفع مساهمة التعاونيات في الناتج المحلي للاقتصاد الوطني إلى 5% بحلول عام 2031. تأسيس تعاونيات في قطاعات جديدة بالدولة وتنويع أنشطتها لتشمل 7 أنواع. دعم قوة الاقتصاد الرقمي الوطني بتأسيس تعاونيات رقمية والتوسع بالأنشطة التكنولوجية. السماح بإدراج التعاونيات في الأسواق المالية بما يدعم استفادتها من الخدمات المتقدمة والمبتكرة منها. ومما يدل على اهمية الاقتصاد التعاوني عالميا حجمه البالغ حوالي 2 تريليون دولار حيث يبلغ عدد اعضائها حوالي مليار شخص، وكذلك يبلغ عدد الاعضاء في الجمعيات التعاونية في سنغافورة (25٪ من السكــــان) وهي اعلى نسبة في العالم في دولة متقدمة على كافة الاصعدة. وبناء على ما تقدم فإنني اقترح المطالبة بإعادة إصدار قانون الجمعيات التعاونية وان يكون خيارا مطروحا مع شركة الميرة ليختار المواطن انسب الاسعار والمواد التي يحتاجها، ولما لوجود هذا القانون من دفعة للاقتصاد التعاوني وتجسيده على ارض الواقع بعد أن اختفى كلية من الاقتصاد المحلي الذي فقد دورها في تعزيز ناتجه المحلي. بالاضافة الى فقد دولة قطر هذا النوع من الاقتصادات التي تزخر بها الاقتصادات الخليجية والعالمية وهذا مما لا يتناسب مع سعي الدولة في تعزيز صور حضورها في المحافل الاقتصادية الدولية وتعزيز موقعها على مؤشرات الاقتصاد التعاوني العالمي. @malkhayareen5