alsharq

جيهان أبوزيد

عدد المقالات 103

د. هدى النعيمي 26 أكتوبر 2025
صدى روايات خالد حسيني.. تردده الأجيال
مريم ياسين الحمادي 25 أكتوبر 2025
توجيهات القيادة
هند المهندي 26 أكتوبر 2025
ريادة قطرية في دبلوماسية السلام

الرجولة التائهة

19 سبتمبر 2011 , 12:00ص

والله هذا ما حدث أمامي، قالت له «إنت راجل إنتَ»؟ رفع الرجل يده اليمنى لأبعد ما يستطيع وهوى بها على وجه زوجته، صرخت وسقطت على الأرض مذبوحة الكرامة، بينما استعاد هو مهابة رجولته التي كانت موضع شك قبل ثوان، استجمع أنفاسه، ورفع رأسه لأعلى معتزا بقوة عضلاته. أراد الرجل طرد زوجته في الثانية ليلا من منزلها حينما واجهته برسائل غرامية اطلعت عليها على هاتفه الشخصي. صرخت في وجهه مؤنبة ومطعونة الكبرياء والأنوثة، فأهانها وتطور الشجار، فإذا به يدفع بها نحو الباب ليطردها بعد منتصف الليل، وقفت أمامه من دون خوف قائلة «إنت راجل إنت؟! لو راجل ما تطردش مراتك من بيتها». بأشكال عديدة يتكرر هذا المشهد كل يوم، ضرب للنساء أو إهانات لفظية أو تحرش في الطرق والأماكن العامة ولا تخلو دولة عربية أو غير عربية من هذا الحمق، ففي كل مكان هناك من ينسى أن دورة تطور الإنسان قد بلغت «مرحلة الإنسان»، وأننا بلغنا المرحلة التي أصبح فيها العقل سيد القرار، وأن كلانا نساء ورجالا نتمتع بنفس العقل، لكن هل اقتنع الرجال حقا أن للنساء عقلا مكافئا للرجال، إن لم يكن أفضل إن تعلمن واكتسبن معارف أرقى! لقد كشفت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية حول عشرة بلدان، أن هناك ما بين 30 إلى %56 من النساء يفيدون بالتعرض لأي شكل من الانتهاك الجسدي أو الجنسي من قبل الزوج. وفي مصر كشفت دراسة حديثة أنجزت عام 2009 أن %28 من الزوجات تعرضن للضرب على أيدي أزواجهن. بينما يتعرض حوالي نصف الفتيات إلى الضرب من الأب أو الأخ. لا تضيف تلك الأرقام إلينا خبرا لا نعلمه. فالعنف ضد النساء مستشرٍ في المجتمعات كافة، ومجتمعنا العربي من بينها، وإن كان بنسب عالية، ومعدلات تكرار مخيفة تؤشر بلا شك إلى مشكلة عميقة في البيت العربي. في أحد البرامج التدريبية طُلب متطوع من الشباب لكي يسجل التحديات التي تواجهه في حياته في المرحلة الراهنة، فتقدم «أحمد» متطوعا، وفي المقابل تقدمت «سمر» للقيام بالمهمة نفسها، سجلت الفتاة كل ما تخاف منه وما يحبطها. في المقابل سجل الشاب نفس الشيء حين قرأ كل منهما ما كتبه الآخر، أسقط في أيديهم، اكتشف أحمد أنه لا يعرف أي شيء عن أعباء النساء ولا عن التحديات والعقبات التي تواجههن. كتبت سمر في ورقتها «أخاف من المرور في شارع «أحمد إسماعيل» بسبب الرجال الجالسين على المقهى يحدقون بي ويلقون بكلمات غير لائقة فأذهب إلى عملي من طريق أطول للتحايل عليهم». وأضافت: «أخشى أن يتمادى رجل يجلس بجواري في الميكروباص. بينما أغلب الراكبين ذكور ولا أستطيع رفع صوتي وإلا تعرضت للهجوم من الجميع. أرتعد لعودة أخي إلى المنزل غاضبا فيفرغ غضبه في أنا وشقيقتي الصغرى. أخشى ألا أساعد أمي في أعمال المنزل فيعود أبي ويغضب عليها هي، فأساعدها حتى ولو كنت أترنح إرهاقا. وأخاف أن يصيبني الله بزوج من عينة الرجال الذين أتعامل معهم، وساعتها أفضل الموت». كتب أحمد في التحديات «أنه قلق بشأن عدم إدراج اسمه في كشوف الترقي. وأن ميراثه من جده معلق بوفاة الجد الذي يرفض مغادرة الحياة ليستمتعوا بميراثهم. كما أشار إلى قلقه من عدم قبول والده مصاحبته لخطبة فتاة أحلامه نظرا للخلاف القديم بينه وبين والدها». حينما حاول كلا الشابين تفسير ما كتبه، توصل إلى أن أغلب تحديات أحمد آتية من أمور ذات علاقة مباشرة به، بينما كافة التحديات التي تواجهها سمر قادمة من رجال حولها. في تلك اللحظة بدأ النقاش الموضوعي حول أسباب هذا الاكتشاف, ولماذا يشكل الرجال عبئا على النساء عوضا عن مد يد المساندة، كما يجب أن تكون بين الجنسين. قادنا الحوار الطويل إلى السلطة، وإلى مفهوم الرجولة الخاطئ الذي تربى عليه كل من سمر وأحمد. لقد تعلم أحمد في منزله أن الرجولة قوة عضلية وصوت خشن وأوامر تكرس سلطته أمام النساء وتعوضه عن أي ضعف أو موقع متدن خارج منزله. بينما شبَّت سمر على صوت أبيها الجهوري وانكسار أمها التي لا تلبث أن تسب والدها بعدما يخرج من المنزل، ثم تجتهد في مخالفة أوامره سرا انتقاما منه. تصورت سمر أن السلطة سوط لا يمكن أن يلمسه غير الرجال، وحين سألتها من الذي خصص السلطة للرجال قالت «هم», ولم تعرف من هؤلاء «هم». فقد تربينا على الطاعة الغبية, وسقطنا أسرى لجهالات أدت إلى رؤية رجل يصفع زوجته ويضرب ابنته عوضا عن احتضانهما. وزوجة تسب زوجها في سرها عوضا عن التغني بحبه. حين أبقوا العنف بيننا، بين النساء والرجال مزقوا ما يجب أن يتوحد، وزرعوا الخوف عوضا عن الحنان، حين كذبوا على الرجال بتلقينهم رجولة كاذبة قوامها العضلات وليس القيم والأخلاق وحكمة العقل. اضطرت النساء إلى تبديل مفهوم الأنوثة الراقي إلى تحايل وميوعة واستبداد مبطن أحيانا. عندما بلغنا الساعة الأخيرة في الأيام التدريبية الثلاثة تعهد «أحمد» باحترام إنسانية أخته وتأسيس علاقة زوجية قائمة على المساواة في الحقوق والواجبات. وأقسمت سمر أنها لن تسير في الشارع الطويل والبعيد. وأن والدها وأخاها لن يلمسا وجهها صفعا بعد ذلك أبدا. لقد استيقظ «الإنسان» داخلهما. وأحلم أن يستيقظ بقلب الجميع.

مصر حتنور تاني

إنه اللقاء بكل شغفه ولهفته وقوته وطاقته القادرة على إحياء الأمل وبعثه من باطن اليأس. إنه اللقاء.. فلم أجد لفظة أخرى تصف العيون المتلألئة ولا الخطوات المندفعة ولا تلك الحياة التي عادت تجري فكست الوجوه...

بين اللجوء والنزوح مساحة ألم

سمعت تلك الكلمة للمرة الأولى في منزلنا بينما جارتنا تأخذ قسطا من الراحة لدينا. اعتذرت عن كوب الشاي الذي أعدته أمي قائلة «لازم احضر العشا للاجئين اللي عندي». أخبرتني أمي أن «اللاجئ « مصطلح يطلق...

من الطابق التاسع رأيت خط الطباشير الأبيض

في الطابق التاسع كنت أسكن. ومن أعلى رأيت أطفال الجيران يرسمون في الشارع الإسفلتي خطا أبيض. ثم احتكروا لأنفسهم المساحة الأكبر وتركوا للطفل الأسمر وأقرانه ما تبقى. والأسمر كان في مثل عمرهم. وكذلك فريقه الذي...

في قلب القاهرة ماتت «شهرزاد»

«لقرون طويلة حكيت عني يا شهرزاد, غطى صوتك على صوتي» لكنى الآن وبدون ندم أشيعك إلى مثواك وأعلم أني لن أسبح في الفرح, لكني سأعيش بهجة غسل تراثك. وفى حضرة الحكاية علينا أن نبدأ القصة...

ثلاثة مشاهد لا يربط بينها إلا «المياه»

المشهد الأول: كان أن تحدث مرشح الرئاسة عن برنامجه الطموح لقيادة مصر في مرحلة مفصلية, واستعرض مجالات عدة ثم قال «وأما عن المياه فسوف نزيد مياه النيل بالدعاء». المشهد الثاني: صوت جهوري لرئيس الجمهورية آنذاك،...

خطاب بعلم الوصول إلى رئيس مصر

طرقة واحدة مفاجئة، ثم ضاع الضوء وانسحبت الكهرباء إلى أسلاكها وتركتنا في عتمة قاتمة، بنظرة واحدة على الشارع أدركت أننا نصفان، نصف مضيء ونصف معتم، كان جانبنا صامتا وكأن الحياة قد توقفت عنه، حارسة العقار...

وبينهن نساء عاشقات لقهوة الصباح

أعادته مرة أخرى إلى الطبق الصغير عقب الرشفة الأخيرة، ثم انتظرتْ دقائق وقَلَبَتْه فسال اللون الداكن برائحته النفاذة وتلون الخزف الأبيض. وأكملت هي حوارها تاركة لي الحيرة من أمر تلك القهوة التي تجمع جدتي بجارتنا...

أم سيد والواد شمعة وسلاح سوريا الكيماوي

أيمكن أن يصدق عاقل أن «فارس» حمل عتاده وسلاحه وسافر طويلا لكي يحمي «مالك» الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئا. البعض قال لي لا بد أن «فارس» ملاك في جسد بشر. لكن آخرين كانوا...

في اكتمالي موتي.. وبالنقصان أستعيد الحياة

كان يكفي أن أنظر للسماء لأعلم لما لا يرد شقيقي على الهاتف. متحفزا. مكتملا. باهيا. كان قرص القمر في قلب السماء. متألقا وسط النجوم. مدركا حجم ضوئه وعمق أثره. مختالا بنوره الذي يوقظ كل الصحاري...

وللنساء مع الزلازل شأن آخر

في مايو ومنذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين عاما, وقبل أن تهبط الأحلام على النائمين انفجر غضب ما من باطن الأرض فقسمها وضرب مبانيها وأهال التراب على ما يزيد على ثلاثة آلاف نسمة. يومها لم...

ولكل منا أريكته الزرقاء.. ولكل منا آذان أخرى

الشاب ذو الصوت الصادق حاصرني, كما كان لأسئلته تفرد مدهش فلم أملك إلا الانتظار, سار بي خطوات قليلة ثم أشار إلى سمكتين لونهما أزرق يتوسطان لوحة القماش المعلقة, وقال: «أتعرفين لماذا وُلدنا؟». صمت من هول...

في المطار يسألونك: أتحب الغناء والفرح!

أتصدقون أن بين وحشين كبار عاشت الغزالة الصغيرة آمنة حالمة, لكن الأهم أنها عن حق سعيدة, ثم عَنَّ لها أن تجرب الجنون, فإذا بها تعلن بصوت عال أنها في طريقها لتصدير السعادة, ولو لم أكن...