عدد المقالات 41
يشير القرآن في كثير من آياته إلى ابتلاء الله سبحانه وتعالى الإنسان بالخير والشر، ومن هذه الآيات قوله تعالى: "وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ" (الأنبياء: 35)، وهذا البلاء يوضح الله غايته في بعض المواطن فيقول مثلاً: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ" (محمد: 31). والبلاء معناه الاختبار، وقد خصصت دلالاته عند كثير من الناس على الابتلاء بالشر، رغم أن الله ذكر بأنه يكون في الخير والشر. وهو مبدأ عظيم وسنة كونية قررها الله في خلقه، وأكدها في كتابه، ثم أتى عليها بقصص كثيرة كنماذج تطبيقية على الابتلاء بالعسر واليسر، وليعلمنا كيف واجه كل نموذج بلاءه، وكيف كان من بعد جزاؤه، فمن النماذج التي أوردها الله تعالى للبلاء بالشدة والرخاء سيدنا أيوب، الذي قال عنه الله تعالى بعد بلائه بالخير والشر: "إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ" (ص: 44)، وذكر لنا قصة أصحاب الجنة الذين ابتلاهم الله بالخير أولاً فأعطاهم ليرى هل سيؤدون حق الله أم سيبخلون بما آتاهم الله من فضله، فقال عنهم الله سبحانه: "إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ أَنْ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ" (القلم: 17-19). فأصحاب الجنة، كما هو مبين في الآيات، منعوا حق الفقراء، وقد كان عطاء الله لهم ابتلاء، فرسبوا في هذا البلاء، فحرموا العطاء ليعيشوا في الشقاء، وليكون العسر بعد اليسر، والشدة بعد الفرج. وما زالت أسمع عن قصص كثيرة لأناس ابتلاهم الله بالسراء والضراء، فمنهم من شكر وصبر، ومنهم من جحد وكفر، وأسوق للقارئ الكريم حادثتين سمعتهم لأناس عرفتهم؛ بغية أن نوقن أن سنن الله الكونية لا تتبدل ولا تتغير، وتختلف الأحداث والأشخاص والزمان والمكان، وتبقى العبرة واحدة. الحادثة الأولى عن رجل أنجب من الأبناء الأشداء ما يكفونه ذل السؤال في الكبر والضعف، ولكن أبناءه الرجال الأشداء بخلوا على أبيهم في العطاء، وأبوا خدمته ورعايته في حال شيخوخته، إلا ابنة لهذا الرجل الكبير فقيرة، وأخ لها أشد فقراً ومرضاً، استقبلوا أباهم واجتهدوا في بره، وأرسم الآن صورتين لفريقين من هؤلاء الأبناء كما أراهم الآن أمامي: الأولى أخ وأخته هم الأشد فقراً، وإخوة رجال ونساء أحسن حالاً وأكثر مالاً، ولكنهم بخلاء، فكيف حياتهم الآن؟ إن حياة الرجل والمرأة الذين يعطون أباهم ويقومون على خدمته في تحسن مستمر، ويأتيهم رزق الله كثيراً وفيراً، أما الآخرون فيجتهدون في الكد والعمل، والبركة ممحوقة من عندهم يأتون بالمال ثم ينفقونه في الحال، إما لمرض، أو لغرامة، أو لأشياء لا ينتفعون بها، وكان يكفي معشار هذا المال فقط لهذا الوالد المسكين، ولقد حكي لي أن أحدهم كانت عنده مزرعة من الأرانب تناسلت وتكاثرت، فذهبت إليه أخته تطلب منه أن يعطيها أرنباً واحداً لتذبحه طعاماً لأبيها المريض، فأبى أن يعطيها، فما مرت الليلة حتى ماتت كل مزرعته، ولم يبق منها شيء. القصة الأخرى سمعتها عن رجل أوتي من المال ما لا يحصى حتى كفر بأنعم الله، قائلاً: "أتحدى أن يفقرني الله"، فأراد الله أن يعذبه بماله، فأصيب بمرض عضال، فكان لا يأكل ولا يشرب ولا يتغوط ولا يتبول إلا بخراطيم، وماله أمام عينه، ولا يستطيع أن يأكل ما لذّ وطاب، فأصبح كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول. وما أشبه هاتين القصتين بقصة أصحاب الجنة، فأولئك ابتلوا باليسر ثم أعقبه العسر، وثمة نماذج أخرى ابتلوا بالعسر ثم جاء اليسر، ولنا معهم حديث إن شاء الله.
رمضان تستلزمه مفردات مثل الفطور والسحور والإمساك والاعتكاف والصوم، وغيرها من مفردات جاء ذكرها في معاجم اللغة التي حاولت على مرّ العصور أن تؤرخ لمفردات اللغة العربية، فجاءت جميعا بينها قدر من الاشتراك في توارد...
لطيفة اليومِ عن قولِه تعالى: «قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)» الأنعام. في هذه الآية لاحظَ المفسرون أنها خُتِمَتْ بقولِه: «وَأَنَا أَوَّلُ...
في سورة الضحى نقرأ: «والضحى والليل إذا سجى» لماذا اختار الله لفظ «سجى» وما معناها؟ وما الفرق بين هذه الآية وقوله تعالى: «والليل إذا يغشى»، وقوله تعالى: «والليل إذا يسرِ»؟ هذه اللطيفة كي نفهمها علينا...
لطيفة اليوم ننقلها لكم من حديث القرآن عن الجنة. نرى فيها مشهداً صوّره القرآن أجمل تصوير. إنه مشهد أهل الجنة حين يطوف عليهم الولدان والغلمان بالأكواب والأباريق، غلمان كأنهم لؤلؤ مكنون، وولدان إذا رأيتهم حسبتهم...
من المواطن المتشابهة في القرآن الكريم، وصف اليوم بأنه عقيم أو عبوس أو ثقيل. وحول هذه المواطن يكون هذا المقال. فأما وصف اليوم بالعقيم، فجاء في قول الله تعالى: (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) [الحج:...
** اليومَ نتأملُ سورتين منَ القرآنِ نزلتَا معًا.. سورتانِ قال عنهما رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "أُنْزِلَتْ عَليَّ اللَّيْلَة آيَاتٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُنَّ قَطُّ: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ". ولهذا سُميتِ...
من المتشابهات القرآنية أننا نقرأ أحياناً: (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، ونقرأ أيضاً: (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). فما الفرق بينهما؟ وردت (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ست مرات في القرآن الكريم، ووردت (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ست مرات، ووردت...
** عندما نتأملُ قولَه تعالى: (إذا جاءَ نصرُ الله والفتح) نتساءل: لماذا لم يقل إذا أتى نصر الله والفتح؟ ما الفرق بين جاء وأتى في الاستعمال القرآني؟ هنا لطيفة، نبَّه إليها أهل اللغة والتفسير، حيث...
أحياناً يختلط على القارئ أن يقول هذا أو ذلك، وفي هذا المقال نبيّن دقة التعبير القرآني في التعبير بأسماء الإشارة، فمثلاً قوله تعالى: «ذلك الكتاب لا ريب فيه»، يمكن التعبير عنها بصور كثيرة، ولكن القرآن...
اليوم نتأمل سورة نزلت وحولها سبعون ألف ملك، قال عنها سيدنا عمر إنها من نجائب القرآن. إننا اليوم نتأمل الآية الأولى من سورة الأنعام. قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ..)...
من المتشابهات في القرآن أن يأتي اللفظ واحداً ويختلف المعنى، ونمثل على ذلك بمركب (أمر الله) والفعل (عزم). يقول تعالى: (فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون) غافر: 78، وقوله تعالى: (جاء أمر...
نقرأ اليوم بعض اللطائف في قصة ذي القرنين، حيث طلب منه الناس أن يصنع لهم سداً، لكنه قال لهم إنه سيصنع لهم ردماً... (قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ...