alsharq

رضوان الأخرس

عدد المقالات 168

المسجد الإبراهيمي من الفجر إلى الفجر

16 ديسمبر 2019 , 01:52ص

فجر يوم الجمعة في الخامس والعشرين من فبراير عام 1994 ضجت جنبات المسجد الإبراهيمي في مدينة خليل الله سيدنا إبراهيم عليه السلام في الضفة الغربية بأصوات زخات من الرصاصات وصرخات مصلين نالت منهم رصاصات المجرم الإسرائيلي باروخ غولدشتاين. بينما كان المصلون سجوداً بادرهم المجرم بالطلقات الغادرة والقنابل حتى ابتل سجاد المسجد بالدماء، وتناثرت الأشلاء في المكان، المكان الذي يعتبر ثاني أهم المعالم الإسلامية في فلسطين، ويروى أن سيدنا إبراهيم دفن فيه. ارتقى في المجزرة «29 شهيداً وجرح 15 آخرين، وسرعان ما ارتفع عدد الشهداء ليبلغ الخمسين شهيداً، بعد أن أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على المشيعين أثناء الجنازة». انقض من نجا من المصلين على المجرم، ولم يخرج من تحت أيديهم حياً، ولم تكد تمضي أسابيع على المجزرة، حتى نفذت كتائب القسام عدداً من «العمليات الاستشهادية» قُتل فيها، وأصيب العشرات من الإسرائيليين، وكانت العمليات من تخطيط المهندس يحيى عياش. واليوم بعد خمس وعشرين عاماً من المجزرة عاد الفلسطينيون أكثر حضوراً وتجذراً، يقصدون المسجد فجراً بالآلاف لتكتظ جنباته والشوارع المحيطة به بالمصلين، ومن يشاهد صور المصلين وهم يتوافدون على المسجد قد يخيل إليه أنها مظاهرة. يعيدنا هذا المشهد بجماهيريته وحيويته إلى مشهد النصر الذي حققه المرابطون حول المسجد الأقصى المبارك في هبة باب الأسباط عام 2017، حين احتشد أهالي القدس والفلسطينيون من المناطق المحتلة عام 48 لإحباط المخططات التهويدية، والتصدي للأطماع الإسرائيلية الكبيرة التي استهدفت الأقصى، وقد كان الاحتلال حينها يحاول صنع واقع تهويدي في الأقصى مشابه لما يجري بحق المسجد الإبراهيمي. يسعى الاحتلال بكل حيلة ووسيلة لإخراس صوت الآذان في المسجد الإبراهيمي ومصادرته، ومن ثم تحويله بالكامل إلى «كنيس يهودي»، من حين لآخر يعطّل صوت الآذان، ويسمح للمستوطنين بانتهاك حرمة المسجد، والإفساد فيه بالاحتفالات والمزامير والرقصات التلمودية، في محاولة للسيطرة التامة على المسجد وانتزاعه من أيدي المسلمين بالكامل. وهو ما يقاومه الفلسطينيون وأهل الخليل الذين يدشنون اليوم مرحلة نضالية جديدة بحشودهم الكبيرة في صلوات الفجر بالمسجد الإبراهيمي. فمع تصاعد الهجمة الاستيطانية وارتفاع وتيرة المخططات التهويدية يشهد المسجد الإبراهيمي منذ أسابيع ارتفاعاً ملحوظاً وكبيراً في أعداد المصلين في صلاة الفجر. أراد الاحتلال أن يصنع من انتهاكاته وتشديد إجراءاته القمعية حول المسجد حالة يأس في نفوس الفلسطينيين تستسلم لهيمنته وبطشه، وحاول منذ احتلال المدينة إخضاع أهلها ومصادرة إرادتهم، إلا أنهم ما زالوا واقفين وشامخين لم تثنهم الجراح ولا الآلام يقولون للاحتلال: لا. لم يرهبهم فجر المجزرة الدامي، ولم يكسر همتهم ولم يهزم روحهم، ها هم أبناء وأحفاد أولئك الشهداء الذين قضوا في المجزرة أكثر عدداً وأكبر عزماً، تلك الرصاصات نالت من الجسد، لكن الروح الأبية بقيت، والإيمان أعظم من النيران. أهل الخليل صمود من الفجر إلى الفجر حتى مطلع شمس الحرية والنصر.

«الضمّ» الإسرائيلي.. أبعاد وتداعيات

«الضمّ» حلقة من حلقات المشروع الصهيوني المتوسع في المنطقة، ويأتي ضمن سلسلة خطوات قام بها الصهاينة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، وكانت النية نحو مخطط ما يسمى بـ «الضمّ» وما شابه مبيّتة وجاهزة قبل...

فلسطين.. أولويات ضائعة في مرحلة حرجة

تعيش فلسطين هذه الأيام تحت وطأة تهديد ابتلاع الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة منها، ضمن ما يعرف بمخطط «الضم» الذي من المرجح -حسب أحاديث إعلامية إسرائيلية- أن يكون على أكثر من مرحلة، وأنه يستهدف هذه المرة...

في ذكرى النكسة.. هل ينسى العربي جرحه؟

ما أشبه اليوم بالبارحة! وما أسرع أن ينسى جزء من الناس جراحهم وتاريخهم! وينسى كثير من العرب أن الاحتلال الإسرائيلي قتل منهم في مثل هذه الأيام من عام 1967م، زهاء 20000 عربي، وجرح واعتقل آلافاً...

عباس.. «إلغاء اتفاقيات» أم هروب من استحقاقات؟

قد يقول البعض إنه ليس من الجيد الآن، وفي هذه الفترة تحديداً، أن ننصرف إلى النقد الداخلي بدلاً من الحديث عن ضرورة التوحّد في مواجهة مشاريع الاحتلال التوسعية الجديدة، أو ما اصطلح على تسميته «مشروع...

«الضمّ».. فصل من فصول النكبة

في حين يواجه العالم أزمة تفشي وباء «كورونا»، ويسعى إلى السيطرة عليه والتقليل من آثاره السلبية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى مزيد من التوسع على حساب حقوق الفلسطينيين وأراضيهم، ومن ذلك ضمّه أو سلبه قبل أسابيع...

النكبة والندبة!

النكبة شكلت الواقع الفلسطيني وجزءاً كبيراً من أفكار الفلسطينيين وتصوراتهم ونمط حياتهم، مثّلت نقطة تحوّل فارقة، أصبحت القضية جزءاً من حياة الفلسطينيين، وسمة عامة يعيشونها، يلاحقونها وتلاحقهم. وينبغي أن تظل «النكبة» حاضرة لأنها تعيد تلخيص...

أحاديث التطبيع من مضامين الصفقة!

عندما نتحدث عن مسلسلات درامية وُضعت لها ميزانيات بملايين الدولارات من أجل تمرير خطاب التطبيع والتهوين من قيمة القضية الفلسطينية، فبكل تأكيد يعني الأمر أننا لم نعد نتحدث عن مجرد خطوات فردية واجتهادات عابرة، الأمر...

هل يأكل «النظام العالمي» نفسه؟

ملامح تآكل «النظام العالمي» الحالي تتجلى كثيراً في هذه الفترة، ولطالما تغنى هذا النظام بعناوين التضامن الدولي، ورفع لافتات التكافل الإنساني، وما إلى ذلك من اللافتات التي كانت جزءاً من أدواته للبقاء، ومد نفوذه وعلاقاته،...

شذرات في وقت التيه والقلق

مع انتشار فيروس «كورونا» وسط الاضطرابات الكبيرة التي تحدث في العالم، يعيش الناس قلقاً كبيراً على مصائرهم ومستقبلهم؛ بعض القلق مُبرَّر وأكثره لا، فالقلق لا يبدّل المصائر ولا يقي من المخاطر، بل لربما يكون هو...

صفقة القرن وعبث الاتهامات!

قادت السلطة الفلسطينية -على لسان العديد من مسؤوليها والناطقين باسمها- حملة استمرت لأكثر من سنة، تمحورت حول ترويج رواية سياسية تقول إن صفقة القرن تستهدف بالأساس إقامة دولة فلسطينية في غزة على حساب الضفة الغربية،...

لا تيأس.. فلسطين باقية!

في ظل ما بين أيدينا من المعطيات قد نقول إن الصراع حسم، وإن الكفة تميل لصالح الاحتلال بانحراف صارخ، وإن عقارب الزمان تسير لصالحه، لا شك أن تلك المعطيات واضحة إذا أخذنا بالاعتبار أن الدولة...

الازدواجية العمياء وانتقاص العاملين!

إن من أسوأ ما يمكن أن يُبتلى به الإنسان هو انشغاله بالجدل وابتعاده عن العمل، وما هو أسوأ من ذلك أن ينشغل بالجدل في أمر العاملين وعملهم دون فعل شيء، ودون تقديم حلول ممكنة وتصورات...