عدد المقالات 272
يتكشف يوماً بعد يوم حجم العفن والتفسّخ الذي تراكم -ولا يزال يتراكم- منذ بداية الثورة، هذا العفن الذي لن يكون ضرره وسلبياته وتداعياته على سوريا والسوريين وإنما على المنطقة، وربما العالم كله، ما دام العالم كله مرتبطاً ببعضه، ومصالحه وأخطاره يأخذ بعضها برقاب بعض، لا يمكن فصل بلد عن بلد ولا منطقة عن أخرى. على الصعيد العسكري، يعاني النظام السوري نقصاً حاداً في وفرة القيادات والقوات المقاتلة على الأرض، بعد النزيف المتواصل لتسع سنوات استنزف قيادات أمنية وعسكرية للنظام، ولا يزال. وعلى الرغم من النقص الذي سعى النظام إلى تعويضه بجلب عصابات طائفية وميليشيات عابرة للحدود، فضلاً عن احتلالات متعددة؛ فإن النظام السوري لا يزال يعاني، لا سيّما مع رحيل معظم قياداته العسكرية والأمنية التي أرعبت السوريين لعقود، وحتى الشخصية الأخيرة العسكرية التي تبقّت للنظام، وهو سهيل النمر الذي يقود ما تُسمى بـ «قوات النمر» الموالية لروسيا، يشكك الكثيرون في وجودها أصلاً، ويتحدثون عن أنها البديل عن سهيل الحقيقي الذي قُتل قبل فترة ليست قصيرة. قوات النظام السوري تفرّق ولاءها بين الروس والإيرانيين؛ فـ «قوات النمر» تابعة للقوات الروسية، بينما «قوات الفرقة الرابعة» و»الحرس الجمهوري» تابعة للقوات الإيرانية، وقد عانت الأخيرة فضائح عسكرية متراكمة أخيراً بالفشل الذريع الذي مُنيت به في جبهة كبينة على الساحل السوري؛ إذ إنها لأشهر تحاول يومياً اقتحام المنطقة بعد أن وصل عدد الاقتحامات أكثر من ثلاثة وأربعة اقتحامات يومياً، لكنها لم تحرز أيّ تقدم؛ ما دفع القوات الروسية إلى نقلها إلى منطقة حلب. الأهم من هذا وذاك هو تحوّل قوات النظام السوري في اعتمادها في تمويلها على اقتصاد الحروب والمعابر، وهو ما ضرب تراتبية القيادة العسكرية وشتّت معه القرار العسكري وحتى ربما الولاء، وضرب معه الاقتصاد السوري، وخلق اقتصادَ ظلٍّ واقتصاداً سرياً تحت الأرض، يدفع ثمنه التجار الحقيقيون والشعب السوري بشكل عام. فمثلاً التاجر الذي يستورد بضائعه عبر ميناء طرطوس اليوم، لا يستطيع أن ينافس البضائع التي تأتي بها قوات الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري من تركيا عبر معابرها الخالية من الجمارك المفروضة على التاجر الذي يأتي ببضائعه من طرطوس، وهو ما يعني انتعاشاً ورواجاً لبضائع الفرقة الرابعة وكساداً للتاجر الحقيقي الذي يجلب بضائعه عبر الموانئ «الشرعية». الاحتراب بين الموالين لإيران والموالين لروسيا في المعارك التي يخوضونها ضد الثوار، تقابله وحدة في قيادة الثوار اليوم، ممثلة بغرفة «الفتح المبين»، والتي تتواصل منذ عامين تقريباً. ولعلّ مقتل قاسم سليماني -قائد «فيلق القدس»- سيلقي بظلاله وتداعياته على الميليشيات الطائفية التابعة له، والتي تدين في الغالب لشخصه بالولاء؛ كونها تفتقر إلى الولاء المؤسساتي كحال الكتائب والفرق النظامية. التفسخ الاقتصادي الحاصل داخل النظام السوري؛ من انهيار العملة وغلاء الأسعار، بالإضافة إلى عودة الحراك من جديد إلى درعا وتململ في الجزيرة السورية، كلها أمور تزيد الأعباء على النظام ومؤيديه وأسياده، والأهم من ذاك كله هو الحراك الذي يجري في العراق ولبنان وإيران، وهي الدول التي تشكّل خزانه الميليشياوي وخزان دعمه العسكري والسياسي والمالي والدبلوماسي؛ الأمر الذي سيزيد من تعفّنه وتفسّخه، مما سينعكس سلباً على المنطقة والعالم كله، وبمقدار استمرارية بقاء النظام سيكون ضرر رحيله على المنطقة -وربما العالم- في ظل إصرار شعبي سوري على المضي قدماً بالثورة رغم كل هذه التكلفة.
كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...
قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...
أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...
لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...
ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...
الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...
منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...
تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...
يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ...
أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...
الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...
لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...