alsharq

د. أحمد موفق زيدان

عدد المقالات 272

دروس من وباء عام 1918

15 أبريل 2020 , 01:46ص

يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ تفشي الأوبئة في سابق العهد والزمان، وطرق مواجهتها، سيما في ظل عجز العلم عن فهم فيروس «كوفيد - 19»، وبالتالي فخط الدفاع الأول هو نفسه الذي كان قبل قرون، أولى هذه الخطوات تتمثل في إجراءات التباعد الاجتماعي. تروي لنا كتب التاريخ أن أول حالة ظهرت في وباء إنفلونزا 1918، كانت حالة الكوليرا في فيلادلفيا بأميركا في 17 أكتوبر 1918، وتفشت الكوليرا يومها كانتشار النار في الهشيم، وهو ما حصد حتى عام 1920 أكثر من خمسين مليون شخص، في أميركا وإسبانيا وبريطانيا ودول غربية أخرى، ويتضح من السجلات التاريخية لتلك الأيام، أن المدن التي التزمت بحظر التجوال ونظرية التباعد الاجتماعي، كان تفشي المرض فيها أقل من النصف مقارنة بالمناطق التي لم تلتزم به، وقد دفع هذا المسؤولين يومها إلى إغلاق كل المرافق العامة مثل الكنائس والمدارس وأماكن التجمعات العامة، وأقدمت شرطة سان فرانسيسكو على إرغام الناس بالقوة على التزام بيوتها، حتى أطلقت ذات مرة النار على ثلاثة أشخاص لرفضهم ارتداء الأقنعة الطبية المفروضة. ولوحظ أن المدن التي رفعت حظر التجوال بعد شهرين، قد عادت فيها الحالات للظهور مجدداً، بينما المدن التي طبقت حظر التجوال لفترة أطول من هذه لم تظهر فيها الحالات ثانية. كان وباء جوستينان الذي تفشى في القرن السادس الميلادي قد حصد بدوره أكثر من خمسين مليون شخص، أما الوباء الذي امتد لعقد كامل بين عامي 1347 ـ 1357، فقد تمكن يومها من قتل 200 مليون شخص، أما ما أطلق عليها بالسلالة السابعة من وباء الكوليرا، فقد أبادت ملايين البشر، والتي بدأت في عام 1817 لتستمر عدة سنوات. في غياب العلاج حتى الآن، ليس أمام البشرية اليوم إلا تطبيق إجراءات واحترازات 1918-1920، وهو ما نصح به عالم الأوبئة في جامعة كولومبيا ستيفن مورس، بأنه مع العجز حتى الآن عن العثور على المصل، فإن «الدرس الذي ينبغي الاستماع له والالتزام به هو درس وباء 1918، وهو ما سيجنّبنا تكرار ما حلّ يومها، ألا وهو التباعد الاجتماعي والتزام البيوت». أهم درس تعلمناه من وباء «كوفيد - 19» هو ما ذكرته مجلة «التايم» الأميركية عام 2017، وهو أن العالم ليس مستعداً للوباء، واليوم يتأكد لنا جميعاً أن العالم أجمع لم يكن مستعداً، فلا الأجهزة الأمنية الحريصة على التجسس على الشعوب كانت قادرة بالحماس والنشاط نفسه على التجسس لصالحها، لتتنبأ علمياً بهذا الوباء، ولا حتى مراكز الدراسات توقعت أو نجحت في إيجاد المصل له. حتى اليوم أكثر من مائة ألف ماتوا بسبب هذا الوباء، وأكثر من مليون ونصف المليون أصيبوا به، وهي البداية على ما يبدو، والحل هو ليس بالترويج للمرض بشكل يصيب الناس بالهلع والخوف والقلق، ليتحول إلى فوبيا، وهو في الواقع أخطر من الوباء ذاته، فلا بدّ من توعية الناس بأن العلاج ليس بالتعلق بالمصل والدواء ولغة الأرقام، وإنما بأخذ الإجراءات الشخصية، بالتزام البيوت وبالتباعد الاجتماعي، وتقليل السفر إلى حالة العدم. لأول مرة تجد البشرية نفسها في العصر الحديث أمام عدو مشترك واحد، ولأول مرة نجد فيالق الأطباء والممرضين هم الجنود والضباط في حرب مفتوحة لحماية الإنسان، ليتراجع معه دور المقاتلين وأسلحتهم المدججة، إلا الذين ما زالت شهيتهم وولعهم يدغدغانهم، فلم يتمكن «كوفيد - 19» من إلزامهم ثكناتهم، فيواصلون هواية القتل والتدمير في سوريا وليبيا وغيرهما. الحرب اليوم ضد عدو غير مرئي، فلا تنفع معه كل الأسلحة المتطورة التي ابتكرها الإنسان لقتل أخيه الإنسان، بعد أن عجز أو رفض أن ينفق 1% على الكشف عن هذا الفيروس، مقارنة بما أنفقه على قتل البشرية وإبادتها، وصدق العلي العظيم القائل: «وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً».

موسكو تعود إلى أفغانستان من البوابة السورية (1-3)

كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...

الشمال المحرّر معاناة لا تنتهي (2-3)

قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...

الشمال المحرر معاناة لا تنتهي (1-3)

أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...

مدن الشام فارغة وأهلها يرقبونها من خيامهم

لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...

المشروع الروسي خارج الزمان والمكان

ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...

خرْق السفينة الأسدية

الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...

السوريون وثورة الجياع اللبنانية

منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...

الأسد بين موسكو وطهران (2-2)

تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...

أفغانستان ما بعد الاتفاق الطالباني- الأميركي (2-2)

أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (2-2)

الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (1-2)

لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...

في الذكرى العاشرة للثورة والحنين للأصل

عادت أجواء ثورة الياسمين السورية في ذكراها العاشرة تماماً كما بدأت، أجواء الاعتصامات والمظاهرات والشعارات ورفع علم الثورة السورية باعتباره علماً وحيداً وحّد الثائرين المنشقين عن الظلم والاستبداد والاستعباد. عادت أجواء التظاهرات السلمية لتؤكد من...