عدد المقالات 168
أن تصبح أحلامك وأجمل أيامك، أهلك وأصدقاؤك مجرد ذكرى، أن تصبح الدنيا صحراء قاحلةً بعدهم لا طعم لها، حين يكون الموت أبسط الخيارات وأهون فكرة. يخطر ببالك أنك إن كنت المفقود فذلك أهون من أن تعيش الآلام والهموم، أن تعيش الفقد والشوق معاً، شوق لن تصل لصاحبه مهما عشت، ستخطر ببالك كل الأفكار والكلمات، ستختلط المشاعر مع المفردات لتحيلك إلى الحيرة والشرود. إن خرجت من المنزل والطائرات تقصف يميناً ويسارا فمن الذي يضمن لك أن تعود أو يضمن لك إن رجعت أن تجدهم أو لا -وهذه أصعب التخيلات- الكثير من العائلات كانت تجتمع لتنام في غرفة واحدة خلال حرب غزة قبل عام من الآن ليس لشيء ولكن حتى تشترك في مصير واحد ولا يتجرع مرارة الفقد شخص دون آخر. هم لا يجدون أن الراحل منهم في هذه الحرب أو المفاصلة خاسر بل رابح وفائز بحياة خير من هذه الحياة، إلا أنهم بشر يؤلمهم الفراق، كما آلم من قبلهم خير البشر، لذلك يريدون أن يعيشوا مع بعضهم البعض هذه الحياة أو تلك والخوف الأكبر ليس إلا شعور الفراق والفقد. فمن لم يجد ليس كمن وجد وفقد، ومن لا يأمل ليس كمن يأمل ويصاب بخيبة الأمل، فرق المشاعر هنا ليس له وصف ومن الصعب أن تصدقه العبرات. لكن الذي فقد شهيداً أو أكثر شقيقاً كان أم ابناً، أباً أو صديقاً أو محبا قد يحتاج فقط قبلة وداع يلقيها على جبين نفس أحبها قبل أن توارى الثرى أو على الأقل لمسة أو نظرة وداع أخيرة. وهذه حرم منها الكثيرون هنا، كنت أنا أحدهم فلم أستطع بفعل القصف وتعثر الحركة وصعوبة الموقف المشاركة في تشييع الكثير من الشهداء الذين أعرفهم وأحبهم، وبعض الشهداء تفتتت أجسادهم ولم يبق منها إلا الشيء اليسير بفعل القصف الرهيب لطائرات الاحتلال أو دباباته وبوارجه، ولا تزال عالقةً بأذني كلمات أم الشهيد والألم يعتصر قلبها: «يا ليتني ودعته فقط، يا ليتني قبلته قبل الرحيل، يا ليت ويا ليت». ومن الفقد أن تفقد الحركة أو جزءاً من جسدك وقد خلفت الحرب أكثر من 11 ألف جريح، كثير منهم فقد جزءاً من جسده أو حركته، وكثير منهم فقد أهله أو بعضاً منهم وفقدوا أيضاً منازلهم، وقد كنا نجمع أحياناً أشلاء الشهداء بعد الانفجار من فوق أسطح منازل الحي وما جاوره من الأحياء. المنزل ليس كومةً من الحجارة، والغالبية العظمى من الناس في غزة تشيد منازلها بنفسها أي أنها لا تسكن بعمائر حكومية أو مشاريع إسكانية جاهزة، كما هو الحال في الكثير من الدول، وبطبيعة الحال أغلب الناس هنا قاموا ببناء منازلهم على مراحل ولسنوات طويلة يجمعون القرش فوق القرش من أجل ذلك في وسط ظروف قاهرة وصعبة. وفي ثوان معدودة يطير ذلك كله، وتطير ذكريات الطفولة ومواقف الصبا وأناشيد أم لابنها عند السمر، وحتى اللعب بالوسائد سيشتاقون إليه. المكان الذي يحتضنهم صيفاً وشتاء اختفى وكثير من الأحلام تناثرت بين ثنايا المنزل المتبعثر، كما جرى مع 22 ألف منزل تدمرت بالكامل وعشرات الآلاف من المنازل بشكل جزئي، وهذه الأرقام تمثل نسبة عالية من حصيلة المنازل في قطاع غزة الذي يسكنه أكثر من 1800000 نسمة، وقد ذكرت القناة العاشرة في تقرير لها بأن حجم المتفجرات التي سقطت على غزة كان 5000 طن وهو ما يعادل قنبلة نووية. الكثير من سكان غزة فقدوا مصدر رزقهم ومن هؤلاء أصحاب شركات كبيرة ومصانع تعمد الاحتلال قصفها وحرقها، كما فعل بالمنطقة الصناعية شرق بيت حانون، وانقلب بذلك حال الآلاف من الأسر من طبقة التجار ورجال الأعمال ولم يقتصر الدمار على فئة دون أخرى، فقد سعى الاحتلال جاهداً من أجل تخريب كل شيء يجده في طريقه بهمجية غير محدودة ولا متناهية. هذا غيض من فيض ووقفة قصيرة مع الحرب التي لا نتمناها ونسأل الله لغزة أن تتعافى منها، فما زالت آثارها قائمة أو قل إن الحرب وكأنها انتهت بالأمس فكل شيء على حاله لا إعمار ولا كسر للحصار ولا تضميد للجراح.. ❍  @rdooan
«الضمّ» حلقة من حلقات المشروع الصهيوني المتوسع في المنطقة، ويأتي ضمن سلسلة خطوات قام بها الصهاينة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، وكانت النية نحو مخطط ما يسمى بـ «الضمّ» وما شابه مبيّتة وجاهزة قبل...
تعيش فلسطين هذه الأيام تحت وطأة تهديد ابتلاع الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة منها، ضمن ما يعرف بمخطط «الضم» الذي من المرجح -حسب أحاديث إعلامية إسرائيلية- أن يكون على أكثر من مرحلة، وأنه يستهدف هذه المرة...
ما أشبه اليوم بالبارحة! وما أسرع أن ينسى جزء من الناس جراحهم وتاريخهم! وينسى كثير من العرب أن الاحتلال الإسرائيلي قتل منهم في مثل هذه الأيام من عام 1967م، زهاء 20000 عربي، وجرح واعتقل آلافاً...
قد يقول البعض إنه ليس من الجيد الآن، وفي هذه الفترة تحديداً، أن ننصرف إلى النقد الداخلي بدلاً من الحديث عن ضرورة التوحّد في مواجهة مشاريع الاحتلال التوسعية الجديدة، أو ما اصطلح على تسميته «مشروع...
في حين يواجه العالم أزمة تفشي وباء «كورونا»، ويسعى إلى السيطرة عليه والتقليل من آثاره السلبية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى مزيد من التوسع على حساب حقوق الفلسطينيين وأراضيهم، ومن ذلك ضمّه أو سلبه قبل أسابيع...
النكبة شكلت الواقع الفلسطيني وجزءاً كبيراً من أفكار الفلسطينيين وتصوراتهم ونمط حياتهم، مثّلت نقطة تحوّل فارقة، أصبحت القضية جزءاً من حياة الفلسطينيين، وسمة عامة يعيشونها، يلاحقونها وتلاحقهم. وينبغي أن تظل «النكبة» حاضرة لأنها تعيد تلخيص...
عندما نتحدث عن مسلسلات درامية وُضعت لها ميزانيات بملايين الدولارات من أجل تمرير خطاب التطبيع والتهوين من قيمة القضية الفلسطينية، فبكل تأكيد يعني الأمر أننا لم نعد نتحدث عن مجرد خطوات فردية واجتهادات عابرة، الأمر...
ملامح تآكل «النظام العالمي» الحالي تتجلى كثيراً في هذه الفترة، ولطالما تغنى هذا النظام بعناوين التضامن الدولي، ورفع لافتات التكافل الإنساني، وما إلى ذلك من اللافتات التي كانت جزءاً من أدواته للبقاء، ومد نفوذه وعلاقاته،...
مع انتشار فيروس «كورونا» وسط الاضطرابات الكبيرة التي تحدث في العالم، يعيش الناس قلقاً كبيراً على مصائرهم ومستقبلهم؛ بعض القلق مُبرَّر وأكثره لا، فالقلق لا يبدّل المصائر ولا يقي من المخاطر، بل لربما يكون هو...
قادت السلطة الفلسطينية -على لسان العديد من مسؤوليها والناطقين باسمها- حملة استمرت لأكثر من سنة، تمحورت حول ترويج رواية سياسية تقول إن صفقة القرن تستهدف بالأساس إقامة دولة فلسطينية في غزة على حساب الضفة الغربية،...
في ظل ما بين أيدينا من المعطيات قد نقول إن الصراع حسم، وإن الكفة تميل لصالح الاحتلال بانحراف صارخ، وإن عقارب الزمان تسير لصالحه، لا شك أن تلك المعطيات واضحة إذا أخذنا بالاعتبار أن الدولة...
إن من أسوأ ما يمكن أن يُبتلى به الإنسان هو انشغاله بالجدل وابتعاده عن العمل، وما هو أسوأ من ذلك أن ينشغل بالجدل في أمر العاملين وعملهم دون فعل شيء، ودون تقديم حلول ممكنة وتصورات...