alsharq

جيهان أبوزيد

عدد المقالات 103

خيرتك فاختاري

08 أغسطس 2011 , 12:00ص

بعد خمس وسبعين عاما من الوجود الفرنسي حصلت تونس على الاستقلال عام 1956، فقد فرضت الحماية الفرنسية على تونس عام 1881. بعد الاستقلال رسمت تونس ملامح دولة مدنية ليبرالية على يد زعيمها «الحبيب بورقيبة» الذي وقع وثيقة الاستقلال التام، ثم ألف «بورقيبة» أول حكومة بعد الاستقلال، مفتتحا عصرا جديدا من الاستنارة دشنه بإصدار مدونة الأحوال الشخصية التي مثلت ثورة في عهدها، قيد من خلالها تعدد الزوجات وأعاد الطلاق إلى سلطة المحكمة. أسس «بورقيبة» لتونس جديدة ساعيا لترسيخ قدم النساء في الفضاء العام والسياسي، معترفا بفضل كفاح المرأة في الاستقلال. هذا الإنجاز الذي حصدته تونس منذ ما يقرب من ستين عام، يعاني القلق متوجسا من توجهات المرحلة القادمة وما يمكن أن تسفر عنه؛ فتقليص الحريات هو أحد التخوفات التي ترفعها القوى السياسية التونسية من بلوغ «حركة النهضة» للحكم أو لأغلبية برلمانية تخول لها تشكيل الحكومة القادمة. وبرغم محاولات «الغنوشي» زعيم حركة النهضة طمأنة الشارع التونسي والمرأة التونسية على وجه الخصوص بعدم المساس بالمكتسبات التي حصلن عليها، لكن غياب الثقة يعوق قبول وعود الغنوشي، وتبين الاستطلاعات أن حركة النهضة التي عانت من الحظر طوال عهد «بن علي» تحظى بتأييد أكثر من %20 من الناخبين، وهي لم تتخل قط عن آمالها في بناء دولة إسلامية وتعارض مبدأ فصل الدين عن الدولة، على عكس تصريحات زعميها. لكن هناك فريقا آخر متفائلا بالخطوات الديمقراطية التي أدت إلى تشكيل «المجلس الوطني التأسيسي» ويجمع المهتمون بالشأن السياسي التونسي على الأهمية غير المسبوقة لانتخابات المجلس التأسيسي لأن هذه الانتخابات ستنقل السلطات التنفيذية الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) إلى هذا المجلس الذي سيتولى تسيير شؤون البلاد إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وسيحتفظ المجلس بهذه السلطات حتى ينتهي من صياغة دستور جديد للبلاد بديلا لدستور 1959 وتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية حسب الدستور الجديد. إن انتخاب الأعضاء المشاركين في تشكيل «المجلس الوطني التأسيسي» سوف يشير كذلك إلى المزاج السياسي التونسي في المرحلة الراهنة، فهو بالإضافة إلى كونه خطوة للإمام نحو ممارسة الديمقراطية ونحو بناء أسس متينة للدولة التونسية القادمة، لكنه أيضاً اختبار لحجم قوة التيارات الدينية التونسية وعلى رأسها حركة النهضة. إن تونس التي بلغ سكانها أحد عشر مليون ونصف بما فيهم تونسيو الخارج، والموزعين على 24 ولاية وتستقبل سنويا سبعة ملايين سائح- تسعى إلى الاستقرار وإلى إعادة عجلة الاقتصاد وإلى رفع معدلات البطالة والحد من الفقر الذي طال أكثر من 1.2 مليون تونسي، أي نحو %11 من سكان البلاد يعيشون في فقر ارتفع وفق تقديرات الحكومة الانتقالية إلى %24. فالاستقرار السياسي هو الضامن الوحيد لبقاء التماسك الداخلي. فوجود الجيش خارج اللعبة السياسية هو مطلب للتيارات السياسية المتنوعة، كما أنه أيضاً أمر واقعي، فقوة الجيش رمزية أكثر من كونها قوة فعلية، فالجيش الذي قوامه 50.000 عسكري لا يمكنه صد هجمات مدروسة خاصة أنه لا يستعمل أسلحة حديثة أو متطورة، فلا تصنع تونس أي معدات ثقيلة متطورة، وتتركز أدوار الجيش في مهمات مدنية والمساعدة خلال الكوارث الجوية، كما يشارك كذلك في مهمات حفظ سلام تحت غطاء الأمم المتحدة. في ضوء ذلك تتعاظم أهمية انتخابات «المجلس الوطني التأسيسي» المزمع عقدها يوم 23 أكتوبر القادم، والتي سوف تنظمها هيئة غير حكومية وهي «الهيئة المستقلة للانتخابات» بعد أكثر من 50 عاما من احتكار وزارة الداخلية لهذه المهمة، ويحق لعدد 7.9 مليون ناخب تونسي الإدلاء بأصواتهم، إلا أن هناك خشية من عدم إقبال المواطن التونسي على الاقتراع خاصة مع ضعف الإقبال على التسجيل الانتخابي الذي استقبل حتى الآن ما يقرب من مليون ناخب فقط أي ما يقرب من سُبع عدد الناخبين المحتملين، ولمواجهة ضعف الإقبال تقرر مد أمد التسجيل في القوائم الانتخابية إلى منتصف هذا الشهر. يأمل بعض النشطاء السياسيين في تمثيل ليبرالي جيد يضمن الحفاظ على الحريات العامة المكتسبة من حقبة بورقيبة، ويحشدون قواهم لتشكيل المجلس الوطني بأغلبية ليبرالية، في حين يحلم الإسلاميون بالعكس، خاصة وقد استطاعوا فتح أبواب المساجد التونسية التي طالما اقتصر دورها على الصلاة، فصارت الآن وعقب الثورة معقلا للترويج الديني والسياسي، فالمساجد المنتشرة في كل بقعة تونسية تسمح لهم بحضور مكثف وتشكل انطلاقة هائلة لعرض توجهاتهم السياسية، تراهن التيارات الإسلامية على جذب المواطن التونسي المدرك لسنوات إقصائهم سائلين إياه منحه فرصه يستحقها، كما تراهن على إعجاب الشعوب العربية بالنموذج التركي المتمثل في «حزب العدالة والتنمية»، بينما تراهن التيارات الليبرالية على مزاج تونسي أقرب في هواه للمزاج الأوروبي، يميل إلى العيش حرا من دون قيود خانقة ودون بوصلة تشير له إلى أي يسبح. لكن هناك تحديات تنتظر كلا الفريقين، فالتيارات الليبرالية مفتتة ومنقسمة وما زال المخلصون بها يسعون لجمع الشمل وتجميع الصفوف، بينما التيارات الدينية تواجه بالشك، كما تواجه بقوى خارجية لا تثق بها وتخشى تكرار تجارب الماضي الأليمة في الدول الأخرى. بينما التحدي الذي يجمع كلا التيارين هو موقف الأغلبية الصامتة، التي بحكم صمتها لا يعلم أحد إلى أين تتجه لحظة التصويت ليبقى الموقف غامضا، ويبقى مستقبل تونس مفتوحا على احتمالين: فإما أن تمثل ثورتها انتصارا لليبرالية أو انتصارا للتيارات الدينية المدعومة بحلم الخلافة الإسلامية وبأموال متدفقة.

مصر حتنور تاني

إنه اللقاء بكل شغفه ولهفته وقوته وطاقته القادرة على إحياء الأمل وبعثه من باطن اليأس. إنه اللقاء.. فلم أجد لفظة أخرى تصف العيون المتلألئة ولا الخطوات المندفعة ولا تلك الحياة التي عادت تجري فكست الوجوه...

بين اللجوء والنزوح مساحة ألم

سمعت تلك الكلمة للمرة الأولى في منزلنا بينما جارتنا تأخذ قسطا من الراحة لدينا. اعتذرت عن كوب الشاي الذي أعدته أمي قائلة «لازم احضر العشا للاجئين اللي عندي». أخبرتني أمي أن «اللاجئ « مصطلح يطلق...

من الطابق التاسع رأيت خط الطباشير الأبيض

في الطابق التاسع كنت أسكن. ومن أعلى رأيت أطفال الجيران يرسمون في الشارع الإسفلتي خطا أبيض. ثم احتكروا لأنفسهم المساحة الأكبر وتركوا للطفل الأسمر وأقرانه ما تبقى. والأسمر كان في مثل عمرهم. وكذلك فريقه الذي...

في قلب القاهرة ماتت «شهرزاد»

«لقرون طويلة حكيت عني يا شهرزاد, غطى صوتك على صوتي» لكنى الآن وبدون ندم أشيعك إلى مثواك وأعلم أني لن أسبح في الفرح, لكني سأعيش بهجة غسل تراثك. وفى حضرة الحكاية علينا أن نبدأ القصة...

ثلاثة مشاهد لا يربط بينها إلا «المياه»

المشهد الأول: كان أن تحدث مرشح الرئاسة عن برنامجه الطموح لقيادة مصر في مرحلة مفصلية, واستعرض مجالات عدة ثم قال «وأما عن المياه فسوف نزيد مياه النيل بالدعاء». المشهد الثاني: صوت جهوري لرئيس الجمهورية آنذاك،...

خطاب بعلم الوصول إلى رئيس مصر

طرقة واحدة مفاجئة، ثم ضاع الضوء وانسحبت الكهرباء إلى أسلاكها وتركتنا في عتمة قاتمة، بنظرة واحدة على الشارع أدركت أننا نصفان، نصف مضيء ونصف معتم، كان جانبنا صامتا وكأن الحياة قد توقفت عنه، حارسة العقار...

وبينهن نساء عاشقات لقهوة الصباح

أعادته مرة أخرى إلى الطبق الصغير عقب الرشفة الأخيرة، ثم انتظرتْ دقائق وقَلَبَتْه فسال اللون الداكن برائحته النفاذة وتلون الخزف الأبيض. وأكملت هي حوارها تاركة لي الحيرة من أمر تلك القهوة التي تجمع جدتي بجارتنا...

أم سيد والواد شمعة وسلاح سوريا الكيماوي

أيمكن أن يصدق عاقل أن «فارس» حمل عتاده وسلاحه وسافر طويلا لكي يحمي «مالك» الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئا. البعض قال لي لا بد أن «فارس» ملاك في جسد بشر. لكن آخرين كانوا...

في اكتمالي موتي.. وبالنقصان أستعيد الحياة

كان يكفي أن أنظر للسماء لأعلم لما لا يرد شقيقي على الهاتف. متحفزا. مكتملا. باهيا. كان قرص القمر في قلب السماء. متألقا وسط النجوم. مدركا حجم ضوئه وعمق أثره. مختالا بنوره الذي يوقظ كل الصحاري...

وللنساء مع الزلازل شأن آخر

في مايو ومنذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين عاما, وقبل أن تهبط الأحلام على النائمين انفجر غضب ما من باطن الأرض فقسمها وضرب مبانيها وأهال التراب على ما يزيد على ثلاثة آلاف نسمة. يومها لم...

ولكل منا أريكته الزرقاء.. ولكل منا آذان أخرى

الشاب ذو الصوت الصادق حاصرني, كما كان لأسئلته تفرد مدهش فلم أملك إلا الانتظار, سار بي خطوات قليلة ثم أشار إلى سمكتين لونهما أزرق يتوسطان لوحة القماش المعلقة, وقال: «أتعرفين لماذا وُلدنا؟». صمت من هول...

في المطار يسألونك: أتحب الغناء والفرح!

أتصدقون أن بين وحشين كبار عاشت الغزالة الصغيرة آمنة حالمة, لكن الأهم أنها عن حق سعيدة, ثم عَنَّ لها أن تجرب الجنون, فإذا بها تعلن بصوت عال أنها في طريقها لتصدير السعادة, ولو لم أكن...