alsharq

نعيم محمد عبد الغني

عدد المقالات 41

المحرومون من الهداية

04 يونيو 2017 , 12:07ص

المحرمون من الهداية نص القرآن الكريم على صفاتهم، فهم الظالمون والكافرون والفاسقون والخائنون والمسرفون والكاذبون والضالون، وبنو إسرائل الذين عبدوا العجل، جاء ذلك في 23 موضعاً من القرآن الكريم الذي جعل الظالمين في المرتبة الأولى من الحرمان من الهداية، وذلك في 9 مواضع، ثم تساوى الفاسقون مع الكافرين في عدد المواضع إذ تحدث القرآن عن عدم هدايتهم في 5 سياقات؛ لتأتي بعد ذلك الأصناف الأخرى: الكاذب، والمسرف، والخائن، والضال، والمضل. والسؤال الآن: لماذا يحرم الظالم من الهداية؟ وهل للإحصاء الذي قمنا به من دلالة؟ والإجابة عن هذا السؤال تتطلب تحليلاً لكل موضع لنخلص في النهاية إلى الأسباب التي جعلت الظالم يحرم من الهداية في 9 مواضع. الموضع الأول جاء في سورة البقرة 285 عند محاورة سيدنا إبراهيم للنمروذ الذي ادعى أنه يحيي ويميت، فلما أفحمه سيدنا إبراهيم بالحجة قال: إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذي كفر، قال تعالى: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (البقرة: 258) ويلاحظ أن التعقيب: {وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، ولم يقل الكافرين؛ وأقول والله أعلم: إن الظلم يتعدى إلى الغير، أما الكفر فإنه يخص النفس فقط، والنمروذ ظلمه تعدى للآخرين؛ حيث قتل وأكل أموال الناس بالباطل وتحكم في رقابهم، وظن أنه الإله الذي يعطي ويمنع ويخفض ويرفع، فالظالم في مثل هذه الحال لا يهديه الله تعالى؛ لأنه بظلمه فتن الناس وأرهبهم عن قول الحق واتباع الهداية. الموضع الثاني لأناس كافرين أيضاً، ولم تأت خاتمة الآية والله لا يهدي القوم الكافرين، بل قال {لا يهدي القوم الظالمين}؛ لأن هؤلاء القوم آمنوا ولم يقل أسلموا؛ فهم قد بلغوا درجة من الاعتقاد تجعلهم قدوة بين الناس في هذا الإيمان، وسمع الناس شهادتهم في الرسول بأنه حق، وجاءتهم البينات فعرفوها وفهموها؛ إذا هي طبقة مؤمنة متعلمة يقتدي بها الناس، ولكن رغم هذا الإيمان وذلك العلم كفروا، فكان كفرهم فتنة للعوام، وبذلك صار كفرهم متعدياً للغير، ولذا جاء التعبير بالظالمين، في قوله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (آل عمران: 86) وأغلب كتب التفسير تذكر أن هذه الآية مقصود بها أهل الكتاب الذين تعالوا بما عندهم من العلم على أهل قريش والأوثان، فصار كفرهم بالرسول صلى الله عليه وسلم فتنة للعوام الذين لم يأخذوا أي قسط من العلم، فكفروا وظلموا أنفسهم وتسببوا في ضلال غيرهم وهذا الضلال يعد ظلماً، وكان عقابهم من جنس ظلمهم، والله لا يهدي القوم الظالمين. ومن ثم جاء الموضع التالي في القرآن محذراً من أهل الكتاب اليهود والنصارى، وأن اتخاذهم أولياء يضعف من المجتمع الإسلامي، ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه أولاً، ثم ظلم المسلمين معه، وأضعف من شوكة المسلمين، ولذلك كان التعقيب: {والله لا يهدي القوم الظالمين} في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة 51). ويتأكد هذا السبب الذي استنبطناه أيضاً في صورة أكثر وضوحاً، حيث عد الله تعالى الذي يضل الناس في أعلى درجات الظلم، فقال: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (الأنعام 144).

رمضان في كتب اللغة (1)

رمضان تستلزمه مفردات مثل الفطور والسحور والإمساك والاعتكاف والصوم، وغيرها من مفردات جاء ذكرها في معاجم اللغة التي حاولت على مرّ العصور أن تؤرخ لمفردات اللغة العربية، فجاءت جميعا بينها قدر من الاشتراك في توارد...

وأنا أولُ المسلمين وأنا أولُ المؤمنين

لطيفة اليومِ عن قولِه تعالى: «قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)» الأنعام. في هذه الآية لاحظَ المفسرون أنها خُتِمَتْ بقولِه: «وَأَنَا أَوَّلُ...

وصف الليل في القرآن

في سورة الضحى نقرأ: «والضحى والليل إذا سجى» لماذا اختار الله لفظ «سجى» وما معناها؟ وما الفرق بين هذه الآية وقوله تعالى: «والليل إذا يغشى»، وقوله تعالى: «والليل إذا يسرِ»؟ هذه اللطيفة كي نفهمها علينا...

من لطائف الجنة

لطيفة اليوم ننقلها لكم من حديث القرآن عن الجنة. نرى فيها مشهداً صوّره القرآن أجمل تصوير. إنه مشهد أهل الجنة حين يطوف عليهم الولدان والغلمان بالأكواب والأباريق، غلمان كأنهم لؤلؤ مكنون، وولدان إذا رأيتهم حسبتهم...

صفة اليوم في القرآن

من المواطن المتشابهة في القرآن الكريم، وصف اليوم بأنه عقيم أو عبوس أو ثقيل. وحول هذه المواطن يكون هذا المقال. فأما وصف اليوم بالعقيم، فجاء في قول الله تعالى: (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) [الحج:...

المعوذتان

** اليومَ نتأملُ سورتين منَ القرآنِ نزلتَا معًا.. سورتانِ قال عنهما رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "أُنْزِلَتْ عَليَّ اللَّيْلَة آيَاتٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُنَّ قَطُّ: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ". ولهذا سُميتِ...

الفرق بين (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) و(ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)

من المتشابهات القرآنية أننا نقرأ أحياناً: (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، ونقرأ أيضاً: (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). فما الفرق بينهما؟ وردت (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ست مرات في القرآن الكريم، ووردت (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ست مرات، ووردت...

الفرق بين جاء وأتى في القرآن الكريم

** عندما نتأملُ قولَه تعالى: (إذا جاءَ نصرُ الله والفتح) نتساءل: لماذا لم يقل إذا أتى نصر الله والفتح؟ ما الفرق بين جاء وأتى في الاستعمال القرآني؟ هنا لطيفة، نبَّه إليها أهل اللغة والتفسير، حيث...

أسماء الإشارة

أحياناً يختلط على القارئ أن يقول هذا أو ذلك، وفي هذا المقال نبيّن دقة التعبير القرآني في التعبير بأسماء الإشارة، فمثلاً قوله تعالى: «ذلك الكتاب لا ريب فيه»، يمكن التعبير عنها بصور كثيرة، ولكن القرآن...

جمع السماوات وإفراد الأرض

اليوم نتأمل سورة نزلت وحولها سبعون ألف ملك، قال عنها سيدنا عمر إنها من نجائب القرآن. إننا اليوم نتأمل الآية الأولى من سورة الأنعام. قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ..)...

اتفاق اللفظ واختلاف المعنى

من المتشابهات في القرآن أن يأتي اللفظ واحداً ويختلف المعنى، ونمثل على ذلك بمركب (أمر الله) والفعل (عزم). يقول تعالى: (فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون) غافر: 78، وقوله تعالى: (جاء أمر...

لطائف في قصة ذي القرنين

نقرأ اليوم بعض اللطائف في قصة ذي القرنين، حيث طلب منه الناس أن يصنع لهم سداً، لكنه قال لهم إنه سيصنع لهم ردماً... (قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ...