alsharq

ياسر الزعاترة

عدد المقالات 611

من زنازين الداخلية إلى مقعد وزيرها

04 يناير 2012 , 12:00ص

يقول ربنا عز وجل «ونريد أن نمنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون». بالورود استقبل موظفو وزارة الداخلية التونسية وزيرها الجديد (ابن حركة النهضة) المهندس علي العريض، الذي عرف زنازين الوزارة من الشمال إلى الجنوب، ومكث فيها ما يقرب من عقدين كان من بينها أكثر من 10 سنوات في زنازين انفرادية؛ خشية احتكاكه بالمعتقلين الآخرين، وعرف صنوفا من التعذيب تفوق الوصف. حدث ذلك مع رئيس الوزراء حمادي الجبالي، الذي مكث ذات المدة تقريبا، وغالبا في زنازين انفرادية، الأمر الذي ينطبق على معظم وزراء النهضة الذين كانوا من نزلاء سجون الطاغية بن علي بعد أن قرر معاقبتهم على فوز حركتهم في انتخابات العام 1989. منذ العام 89، وأنا أتابع شخصيا قصص معتقلي حركة النهضة ومنفييهم، ولي صداقات شخصية مع بعضهم، وكتبت عنهم عشرات المرات، الأمر الذي طالما استفز سفراء بن علي في الأمصار، هم الذي كانوا يمثلون أجهزة أمنية أكثر من عملهم كبعثات دبلوماسية. في السنوات الأخيرة، طالت منظومة القمع التونسية بقيادة الجنرال بن علي عددا لا بأس به من نشطاء العمل السياسي، وكان المنصف المرزوقي، الرئيس الحالي واحدا منهم، لكن سجناء النهضة كانوا أصحاب النصيب الأوفر، إذ لم يتوقف الأمر عند اعتقال الآلاف منهم، بل طالت منظومة القمع أسرهم أيضا، كما طالت من فرَّ منهم إلى المنافي أيضا. الصديق لطفي بن زيتون الذي تقلد منصب المستشار السياسي لرئيس الوزراء، ومعه ثلاثة آخرون برتبة وزير، لم يسحب اسمه من المطلوبين على قائمة «الإنتربول» بطلب من السلطات التونسية سوى قبل أسابيع بعد أن أوقف في مطار اسطنبول، بينما كان في زيارة لتركيا مع قياديين من النهضة، وقد عانى الملاحقة الدائمة بعد فراره من سجون بن علي التي تعرض فيها لأشد أنواع التعذيب، حيث أقام في لندن عقدين من الزمان يتابع شؤون بلده بهمة ونشاط استثنائيين. كان حقد بن علي على الإسلاميين يفوق الوصف، بخاصة على حركة النهضة، فيما كان لزعيمها الشيخ راشد الغنوشي نصيب وافر من ذلك الحقد، حيث طارده من بلد إلى بلد، وكان يهدد بسحب سفيره من أي بلد يستقبل الشيخ، وكم من مرة مكث الشيخ في مطارات عديدة ثم أعيد من حيث أتى (كان لاجئا سياسيا في بريطانيا)، بسبب الاتصالات التي كانت تجريها وزارات بن علي وسفاراته من أجل مطاردة الشيخ. مجرد ظهور الشيخ في فضائية كان يسبب صداعا بالنسبة لبن علي، وكان الاتصالات المحمومة تبدأ على الفور، وقد مكث الشيخ سنوات طويلة وهو ممنوع من الظهور على الجزيرة بسبب تهديد النظام التونسي لقطر بسحب السفير إذا ظهر الشيخ على شاشة المحطة. اليوم يتصدر مناضلو النهضة ورموزها الذين ذاقوا مرارة السجون والمنافي المشهد السياسي، وهي من دون شك مهمة بالغة الصعوبة في ظل استهداف تجربتهم؛ ليس من الغرب فحسب، بل من قبل بعض عرب (الوفرة)، الذين قرروا وضع كل ما لديهم من جهد من أجل إفشال الثورات العربية، مع التركيز على استهداف الحضور الإسلامي فيها، وبالطبع خشية انتقال العدوى إليهم. من الصعب الجزم بما ستؤول إليه التجربة التي يخوضها أصدقاؤنا، لكن ما نحن متأكدون منه هو أنهم سيبذلون كل جهد ممكن من أجل تقديم شيء ذي بال لبلدانهم، وهم لن يمارسوا الثارات، ولن يعاقبوا أحدا على ما كان. ففي تصريح له بعد تسلم الوزارة قال (العريض) إنه «لا يسعى للانتقام أو الثأر لنفسه، وإنما يريد العمل على إصلاح هياكل الوزارة بما يجعلها قادرة على حماية البلاد، وتأمين الأمن، لأنه لا سبيل للعودة للعمل والإنتاج من دون وجود أمن مستقر». سيفعل ذلك رغم أنه يعرف أسماء ووجوه الذين كانوا يتفننون في تعذيبه، لكنها المرحلة الآن هي مرحلة البناء والتسامح من أجل أوطان ليس فيها سادة وعبيد، بل إخوة وشركاء لا يتفاضلون إلا بما يقدم كل منهم للوطن وأهله. سلام على البوعزيزي وسلام على تونس الخضراء التي أطلقت شرارة الثورات، وها هي تعلمنا أبجديات التسامح والتعاون أيضا، وسلام على الرجال الذين صبروا وصابروا حتى منَّ الله عليهم بفرجه.

عن كتاب «قراءة استراتيجية في السيرة النبوية»

هناك إشكالية كبرى واجهت وما زالت تواجه القراءة الإسلامية التقليدية للسيرة النبوية في أبعادها السياسية والعسكرية أو الاستراتيجية، وتتمثل في حصر الأمر في الأبعاد الإيمانية وحدها دون غيرها، وجعل التقدم والتراجع، والنصر والهزيمة، محصوراً فيها؛...

ما هو أسوأ من مخطط الضمّ

ها نحن نتفق مع صائب عريقات، مع أننا كثيراً ما نتفق معه حين يتحوّل إلى محلل سياسي، رغم أن له دوراً آخر يعرفه جيداً، وإن كانت المصيبة الأكبر في قيادته العليا التي ترفض المقاومة، وهي...

فقراء العرب بعد «كورونا» والأسئلة الصعبة

أرقام مثيرة تلك التي أوردتها دراسة نشرت مؤخراً للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، بشأن الفقر في المنطقة العربية، والتباين الطبقي فيها. قالت الدراسة إن مجموع الثروة التي يملكها أغنى 31 مليارديراً في المنطقة؛ يعادل...

ترمب في شهور الهذيان.. ماذا سيفعل؟

منذ ما قبل فوزه بانتخابات الرئاسة، يمثّل ترمب حالة عجيبة في ميدان السياسة، فهو كائن لا يعرف الكثير عن السياسة وشؤونها وتركيبها وتعقيدها، وهو ما دفعه إلى التورّط في خطابات ومسارات جرّت عليه سخرية إعلامية...

عن «كورونا» الذي حشرنا في خيار لا بديل عنه

الأربعاء الماضي؛ قال الدكتور مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية، إن فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، «قد لا ينتهي أبداً»، و»قد ينضم إلى مزيج من الفيروسات التي تقتل الناس في جميع...

بين ساسة التطبيع وصبيانه.. والصهينة أحياناً

بين حين وآخر، تخرج أنباء من هنا وهناك تتحدث عن لقاءات تطبيعية عربية من العيار الثقيل، ثم يتم تداولها لأيام، قبل أن يُصار إلى نفيها (أحياناً)، والتأكيد على المواقف التقليدية من قضية الشعب الفلسطيني. هناك...

مشروع التصفية الذي لم يوقفه «كورونا»

في حين تنشغل القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية بقضية «كورونا» على نحو أكثر تشدّداً من الدول الأخرى (عقدة الدولة قبل تحرير الأرض هي أصل المصائب!)؛ فإن سؤال القضية الأساسية للشعب الفلسطيني يتأخر قليلاً، لولا أن...

أيهما يتفوّق: «كورونا» المرض أم «كورونا» الاقتصاد؟

الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، يقيل وزير الصحة؛ وذلك بعد خلافات بينهما حول جدل «الاقتصاد أم الأرواح». حدث ذلك رغم ما حظي به الوزير من شعبية واسعة في البلاد، بسبب مكافحة تفشّي وباء فيروس كورونا. ترمب...

عن أسئلة «كورونا» وفتاواه

منذ أسابيع و»كورونا» هو شاغل الدنيا ومالئ الناس، ولا يتقدّم عليه أي شيء، وتبعاً لذلك تداعياته المحتملة على كل دولة على حدة، وعلى الوضع الدولي بشكل عام. وإذا كانت أسئلة المواجهة بشكل عام، ومن ثَمّ...

عن الرأسمالي الجشع والمواطن الفقير في زمن «كورونا»

ماطل ترمب كثيراً في اتخاذ أي إجراء في مواجهة «كورونا» من شأنه أن يعطّل حركة الاقتصاد، ولولا ضغوط الدولة العميقة لواصل المماطلة، لكنه اضطر إلى التغيير تحت وطأة التصاعد المذهل في أعداد المصابين والوفيات، ووافق...

«كورونا» والدول الشمولية.. ماذا فعلت الصين؟

في تحقيق لها بشأن العالم ما بعد «كورونا»، وأخذت من خلاله آراء مجموعة من الخبراء، خلصت مجلة «فورين بوليسي» الشهيرة إلى أن العالم سيكون بعد الجائحة: «أقل انفتاحاً، وأقل حرية، وأكثر فقراً». هي بشارة سوء...

عن «فتح» من جديد.. أين الآخرون؟

نواصل الحديث عن حركة «فتح» أكثر من «حماس» التي اختلفنا معها حين خاضت انتخابات السلطة 2006، وكذلك إثر الحسم العسكري في القطاع رغم مبرراته المعروفة، والسبب أن الضفة الغربية هي عقدة المنشار في مشهد القضية...