عدد المقالات 168
الفتور يكون أحياناً أخطر من اليأس؛ ذلك أن اليأس يكون -عادة- نتيجة لتجربة معلومة ومحسوبة، إنما الفتور فيه -أو معه- حيرة من الصعب فيها تحديد مسار الحل تماماً أو مكمن الفشل. وهو الحال الغالب في نواحي الأمة اليوم، التي أُصيبت في أطرافها ودواخلها بعوامل ليست كلها خارجية، وإنما جزء كبير من العلل اليوم ناتج من الباطن. عمل ممنهج توسّع في الفترة الأخيرة من أجل إضعاف مناعة الأمة ليتسلل إليها مزيد من الأمراض التي نخرت وتنخر فيها، منها الشعور بالعجز تجاه الظلم، وانخفاض الروح المعنوية، وعدم الشعور بالقابلية للتغيير، وتراجع الإرادة، وفتور الهمم. كثيرون سعوا -وما زالوا- من أجل كبح أحلام الشعوب، ليجعلوا ثمن التغيير أفدح بكثير من ثمن بقاء الأمر على حاله، وليعتبر الناس بما جرى ويجري لشعوب غيرهم، وتحميل الضحايا مسؤولية صراخهم عند الذبح. طريقة تسويق بعضهم للمآسي المختلفة على أنها أمثلة للعظة والاعتبار من ملاقاة المصير ذاته، دون الحث على أهمية وواجب النصرة وذود المسلمين عن إخوانهم وبلادهم الإسلامية أو السعي في الصلاح والإصلاح، وأن يكتفوا فقط بحمد الله أنهم ليسوا في تلك البلدان، ليس حمداً للنعم، وإنما حمد لأنهم لا يتأثرون ولا يلاقون ما يلاقيه غيرهم. تلك دعوات التدابر والتباغض والتحاسد، سواء صدرت من إمام أو غلام، تخفي في طياتها معاني خطيرة تربي الأمة على الأنانية وحب الذات والأثرة بما يتنافى مع أصل الإسلام ورسالته السامية. أصبح البعض يحمد الله على أنه الفلانـ(ي) أكثر من حمده الله على أنه مسلم، وهنا سبب آخر من أسباب ضعف الأمة وتراجعها وفتورها وبحث كل شخص فيها عن مصلحته الخاصة دون العامة. ومع غياب القدوات أو تغييبها، تتفاقم الأزمة. ثم يأتي العامل صاحب المبدأ والهدف والقضية في هذا الزمن لينظر في محيطه ومجتمعه، ليجد الصدمات تلو الصدمات التي تدفعه إلى الحيرة والفتور أو الانسجام نسبياً مع الواقع، وهناك من يثبت ويقاوم توسّع المادية التي تنتشر كما الطاعون في جسد الأمة، وتكاد تتحول إلى أساس في كثير من العلاقات بما فيها الاجتماعية؛ ما أفقدنا شيئاً غير قليل من جماليات روح الأمة الإسلامية. تفكك رابطة الأخوة الإسلامية لا تنعكس آثاره السلبية على مجتمع بعينه، بل على الأمة بأكملها. وضعف الأمة يعود بالضعف على شعوبها واحداً تلو الآخر، فيسهل الاستفراد بها، والضغط عليها، وابتزازها، وإخضاعها، والنيل من عقائدها وثرواتها. وهو ما نراه عياناً اليوم. من يعملون على تفكيك الأمة بأعذار واهية، ويكيدون، ويفتعلون الأزمات والحروب الداخلية، ويتربصون بإخوانهم، ويغذّون القطيعة، ويحرّضون على العنصرية وما يُعرف بالتنمّر، يعملون في جسد الأمة الجريح عمل المنجل. لم يكن للتطبيع مع الاحتلال مثلاً أن يُقابل بهذا الفتور وشيء من البرود إلا لوجود ما سلف من أسباب، وما كان للمآسي الأخرى أن تستمر وتتفاقم إلا لعدم شعور الجار بجاره ولا المسلم بأخيه البعيد أو القريب. الأمة تحتاج إلى من يجدد لها الدماء، ويعيد إليها روحها الحقيقية، وينتشلها من الحيرة والفتور. وكما تكفّل الله بحفظ الدين، تكفّل بإحياء من يساهم في حفظه من حين إلى حين. إلا أنه لا ينبغي على المؤمن التواكل، ولا يليق به العجز، بل يجب عليه العمل والسعي. وأمر الله غالب لا محالة.
«الضمّ» حلقة من حلقات المشروع الصهيوني المتوسع في المنطقة، ويأتي ضمن سلسلة خطوات قام بها الصهاينة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، وكانت النية نحو مخطط ما يسمى بـ «الضمّ» وما شابه مبيّتة وجاهزة قبل...
تعيش فلسطين هذه الأيام تحت وطأة تهديد ابتلاع الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة منها، ضمن ما يعرف بمخطط «الضم» الذي من المرجح -حسب أحاديث إعلامية إسرائيلية- أن يكون على أكثر من مرحلة، وأنه يستهدف هذه المرة...
ما أشبه اليوم بالبارحة! وما أسرع أن ينسى جزء من الناس جراحهم وتاريخهم! وينسى كثير من العرب أن الاحتلال الإسرائيلي قتل منهم في مثل هذه الأيام من عام 1967م، زهاء 20000 عربي، وجرح واعتقل آلافاً...
قد يقول البعض إنه ليس من الجيد الآن، وفي هذه الفترة تحديداً، أن ننصرف إلى النقد الداخلي بدلاً من الحديث عن ضرورة التوحّد في مواجهة مشاريع الاحتلال التوسعية الجديدة، أو ما اصطلح على تسميته «مشروع...
في حين يواجه العالم أزمة تفشي وباء «كورونا»، ويسعى إلى السيطرة عليه والتقليل من آثاره السلبية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى مزيد من التوسع على حساب حقوق الفلسطينيين وأراضيهم، ومن ذلك ضمّه أو سلبه قبل أسابيع...
النكبة شكلت الواقع الفلسطيني وجزءاً كبيراً من أفكار الفلسطينيين وتصوراتهم ونمط حياتهم، مثّلت نقطة تحوّل فارقة، أصبحت القضية جزءاً من حياة الفلسطينيين، وسمة عامة يعيشونها، يلاحقونها وتلاحقهم. وينبغي أن تظل «النكبة» حاضرة لأنها تعيد تلخيص...
عندما نتحدث عن مسلسلات درامية وُضعت لها ميزانيات بملايين الدولارات من أجل تمرير خطاب التطبيع والتهوين من قيمة القضية الفلسطينية، فبكل تأكيد يعني الأمر أننا لم نعد نتحدث عن مجرد خطوات فردية واجتهادات عابرة، الأمر...
ملامح تآكل «النظام العالمي» الحالي تتجلى كثيراً في هذه الفترة، ولطالما تغنى هذا النظام بعناوين التضامن الدولي، ورفع لافتات التكافل الإنساني، وما إلى ذلك من اللافتات التي كانت جزءاً من أدواته للبقاء، ومد نفوذه وعلاقاته،...
مع انتشار فيروس «كورونا» وسط الاضطرابات الكبيرة التي تحدث في العالم، يعيش الناس قلقاً كبيراً على مصائرهم ومستقبلهم؛ بعض القلق مُبرَّر وأكثره لا، فالقلق لا يبدّل المصائر ولا يقي من المخاطر، بل لربما يكون هو...
قادت السلطة الفلسطينية -على لسان العديد من مسؤوليها والناطقين باسمها- حملة استمرت لأكثر من سنة، تمحورت حول ترويج رواية سياسية تقول إن صفقة القرن تستهدف بالأساس إقامة دولة فلسطينية في غزة على حساب الضفة الغربية،...
في ظل ما بين أيدينا من المعطيات قد نقول إن الصراع حسم، وإن الكفة تميل لصالح الاحتلال بانحراف صارخ، وإن عقارب الزمان تسير لصالحه، لا شك أن تلك المعطيات واضحة إذا أخذنا بالاعتبار أن الدولة...
إن من أسوأ ما يمكن أن يُبتلى به الإنسان هو انشغاله بالجدل وابتعاده عن العمل، وما هو أسوأ من ذلك أن ينشغل بالجدل في أمر العاملين وعملهم دون فعل شيء، ودون تقديم حلول ممكنة وتصورات...