alsharq

أسامة عجاج

عدد المقالات 604

الحلف الجديد!

03 ديسمبر 2015 , 01:45ص

من الآن فصاعدا، علينا أن نتعامل مع مصر الرسمية على أنها جزء من المنظومة الروسية، تحمل نفس التوجهات، تلتزم بنفس المسارات، تتبنى نفس الرؤى، صحيح أننا لسنا في زمن الحرب الباردة، أو العالم ثنائي القطبية، ولم يعد هناك اتحاد سوفيتي يتنافس مع أميركا والغرب على مناطق نفوذ، ولكن هذا لا يمنع من متغيرات دولية وإقليمية، تؤشر إلى محاولة روسيا بوتين استعادة موقعها المفقود، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والساحة الأوضح لذلك هي المنطقة العربية، والبَلَدان الأقرب هما سوريا في المقام الأول، وتليها مصر، والمؤشرات أكثر من أن تعد أو تحصي، لرصد والتأكيد على هذه الحقيقة. فقد توقع المراقبون أن يتسبب حادث الطائرة الروسية التي تم إسقاطها في سيناء، من خلال زرع قنبلة فيها من مطار شرم الشيخ، في إحداث شرخ في العلاقات بين القاهرة وموسكو، خاصة مع الإجراءات التي اتخذها الجانب الروسي، والتي تجاوزت حتى تلك التي قامت بها دول غربية، أعلنت عن حظر رحلاتها الجوية إلى منطقة جنوب سيناء، بينما موسكو أجلت رعاياها وهم أكثرية السياح في تلك المنطقة، ومنعت حتى رحلات الشركة الوطنية المصرية من الهبوط في المطارات الروسية، بل الأهم من ذلك إشارة البيان الروسي حول الحادث إلى حق موسكو في الانتقام لضحايا الطائرة من الجناة أينما كانوا، وفق المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة، مما عزز فكرة تداولتها تقارير عديدة، حول إمكانية تدخل روسيا عسكريا بقصف أماكن تواجد عناصر ولاية سيناء التابعة لداعش، بالتنسيق -أو بعدمه-مع الحكومة المصرية، كما هو الحال في هجماتها على تنظيم «داعش» كما تدعي في سوريا، وبدلا من التصعيد كان قرار الجانبين الإسراع بالتوقيع على اتفاق يتم بموجبه تكليف إحدى الشركات الروسية ببناء عدد من المحطات النووية المصرية للاستخدام السلمي، ووصفه رئيس الشركة الروسية سيرجي كيرنيكو، بأنه ثاني أكبر مشروع بين البلدين منذ السد العالي. وفي ظل التوتر الشديد على الصعيد العسكري، بعد إقدام تركيا على إسقاط إحدى الطائرات المقاتلة الروسية أثناء انتهاكها للمجال الجوي التركي، مما يستدعي حالة استنفار واسعة، ورفع لدرجات الاستعداد، وضرورة تواجد وزير الدفاع الروسي في مقر الوزارة، أو في هيئة العمليات، تكون المفاجأة في الزيارة الخارجية التي لم يعلن عنها من قبل، والتي قام بها الوزير سيرجي سوريجو إلى العاصمة المصرية، ولقائه مع نظيره المصري صدقي صبحي، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وحديث الأخير على الحرص المصري على تعزيز التعاون في جميع المجالات بما فيها المجال العسكري، كما أن الوزير الروسي أكد على أهمية تضافر الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وحرص بلاده على التعاون والتشاور بشكل متواصل مع مصر، في القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها مقاومة الإرهاب والتطرف والتنظيمات الإرهابية. الزيارة شهدت اجتماعات الدورة الثانية للجنة العليا المشتركة، والتي تناولت العديد من الملفات والموضوعات المرتبطة بعلاقات الشراكة الاستراتيجية والتعاون العسكري، وتضمنت أيضاً طلبا روسيا بتسهيلات في مرور القطع البحرية الروسية من قناة السويس، وآخر مصريا تبحثه موسكو- كما كشف وزير الدفاع ونائبه- لتلبية مطالب مصر للحصول على دفعة كبيرة من الأسلحة الروسية. التعاون العسكري الروسي المصري ليس جديدا، فقد بدأ مبكرا بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣، من خلال زيارات متبادلة بين كبار المسؤولين في وزارتي الدفاع في البلدين، أيام كان السيسي وزيرا للدفاع منفردا، أو في إطار حوار 2+2 الذي يضم وزيري الدفاع والخارجية في البلدين، وتوالت بعد ذلك الزيارات؛ حيث تم الاتفاق على شراء مقاتلات ميج ٢٩ وطائرات مروحية من طراز مي ٣٨، ووقع السيسي في أغسطس ٢٠١٤ اتفاقية عسكرية بقيمة 3.5 مليار دولار، تضم منظومة صواريخ آس ٣٠٠، ومقاتلات سور٣ كا وصواريخ كورنينت، كما أهدت روسيا لمصر لنش صواريخ متطورا. والتعاون لم يقتصر على صفقات سلاح فقط، بل على تدريبات عسكرية مشتركة بحرية، وهي لم تحدث من قبل، وبرية، كما أن هناك تقارير تتحدث عن البحث من خلال اجتماع يعقد خلال شهر ديسمبر الحالي، للجنة العليا للتعاون الاقتصادي والفني في شرم الشيخ، للاتفاق حول إنشاء منطقة للصناعات الروسية في محور قناة السويس، ومشروعات في مجال الطاقة واللوجستيات، وبلورة الاتفاق النهائي للتجارة الحرة مع الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي. وقد ترافق هذا الزخم في العلاقات بين موسكو والقاهرة مع حالة برود في العلاقات بين القاهرة وواشنطن، على الرغم من استئناف الحوار الاستراتيجي بين البلدين، والذي تم عقد جولة له في أغسطس الماضي، والإفراج عن المساعدات العسكرية المعلقة لمصر. ونحن أمام ثلاثة أسباب لذلك البرود: الأول تعدد انتقادات أميركا لملف حقوق الإنسان في مصر وتراجع الممارسات الديمقراطية، والثاني يتعلق باعتماد إدارة أوباما وتركيزها على تعزيز التواجد الأميركي في جنوب شرق آسيا، لمواجهة النفوذ الصيني المتنامي، وانسحابها التدريجي في المقابل من الشرق الأوسط، والثالث وجود تباين في وجهات النظر بين القاهرة وواشنطن، تجاه العديد من القضايا، ومن مظاهر ذلك البرود أن السيسي لم يقم بزيارة رسمية للولايات المتحدة، أو يعقد لقاء مع أوباما، بدعوة منه في البيت الأبيض في العاصمة واشنطن، واقتصر الأمر على لقاء واحد أثناء دورة العام الماضي للأمم المتحدة في سبتمبر قبل الماضي، وطلب الجانب المصري اللقاء هذا العام، رد الجانب الأميركي بأن جدول أوباما مزدحم، واقتصر الأمر على مصافحة عابرة أثناء مشاركتهما في القمة التي دعا إليها أوباما للبحث في قضية الإرهاب أثناء دورة الأمم المتحدة. وعلى الجانب الآخر، كان هناك انسجام بين سعي موسكو، لملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، ورغبة القاهرة للعب دور خارج حدودها، دون استراتيجية واضحة لخلق حالة من تشتيت الأنظار في الداخل والخارج، عن تأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في الداخل المصري، كما أن موسكو تتوافق مع القاهرة في السياسات الخارجية، ليس فقط في النظر إلى شمولية مواجهة كل جماعات الإسلام السياسي، بغض النظر عن تنوعها، ووجود مجموعات منها تقبل بأحكام الصندوق وبآليات الديمقراطية، بل أيضاً في النظر إلى حل بعض المشاكل الموجودة في المنطقة، والقاهرة قد تكون العاصمة العربية الوحيدة التي أيدت الغارات الروسية في سوريا، من منطلق وحدة الهدف بين العاصمتين، اللتين تريان ضرورة الحفاظ على بشار الأسد كضمان للحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، واعتبار أن الأولوية لمواجهة داعش وليس لإزاحة بشار الأسد. وبعد، فقد سقط الرهان الذي حاول البعض الترويج له بأن العلاقات بين القاهرة وموسكو هي «ورقة ضغط» لاستعادة الود المفقود بين مصر وأميركا، ومرت مرحلة اختبار النوايا من الجانب الروسي للمواقف المصرية في هذا الجانب، وأصبحنا أمام تحالف جديد يتشكل، يضم القاهرة مع موسكو مع دول إقليمية في المنطقة، سيكون له تبعات في المستقبل المنظور. usama.agag@yahoo.com •

وشهد شاهد من أهلها!

لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...

سدّ النهضة.. أزمة في انتظار الحسم

عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...

ألغام في طريق الحوار!

هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...

تونس.. العبور من الأزمة

إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...

قرار الضمّ.. مواقف متخاذلة (1-2)

عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...

سد النهضة.. مرحلة الحسم (2-2)

بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...

سدّ النهضة.. السودان وتصحيح المسار (1-2)

أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...

الكاظمي.. السير في حقل ألغام

بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...

في ليبيا.. سقطت الأقنعة (1-2)

المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...

في لبنان.. مناطحة الكباش!!

أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...

الكاظمي.. مرشّح الضرورة!

لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...

نتنياهو.. السياسي «المتلّون»

لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...