alsharq

مبارك الخيارين

عدد المقالات 72

التوبة.. سورة العلاقات الخارجية

03 فبراير 2022 , 12:05ص

بحمد الله وفضله فقد أتممت تغطية سورة التوبة واستخلاص ثلاثين موضوعاً مهماً في التعاملات والعلاقات الخارجية للدولة الإسلامية والتي كانت في ذلك الوقت المدينة المنورة مع محيطها من القبائل وأعدائها من المشركين في مكة. وفي هذه المقالة سوف أستعرض جزءا من هذه المواضيع التي بنيت على أساس الرجوع إلى التفاسير الموثوقة والمعتمدة والتي أخذت منها المعنى المشترك بين هذه التفاسير وأعد صياغة هذه المعاني بأسلوب عصري حديث يقارب الحال والواقع الذي نعيش فيه. وبذلك يتضح أنه ليس تفسيرا من عندي، بل إعادة صياغة معاني مجموعة تفاسير موثوقة. نأتي للمواضيع ونبدأ من موضوع الحرب المفتوحة في الآية الكريمة {فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُاالزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} الآية رقم 5. تم إعلان حالة الحرب والأعمال العسكرية بعد انتهاء المدة المحددة (لكل المتربصين والمحاربين والداعمين) وذلك بالقتل المباشر والقبض وتشديد الحصار على حركتهم وتنقلاتهم ونشر كافة نقاط المراقبة، وهذه الضربة القاضية للتواجد غير الإسلامي (القوي والمنظم) في الجزيرة العربية، بحيث تبسط الدولة الإسلامية قوتها وأنظمتها بكل أريحية، فإذا تم ذلك فقد (زالت موانع الإيمان) من خلال حرية اتخاذ قرار الإسلام دون خوف من قبيلة أو أي قوة كافرة قد تمنع ذلك كما كان سابقا، والدليل أن طلب التوبة يكون حال (الارتياح النفسي) والطواعية الكاملة والإرادة الحرة لمن يريد الدخول في الإسلام، والتي لا نجدها في حالة ما قبل هذه الآية والتي أخفى فيها الكثير من الناس إيمانهم خوفا من قبائلهم أو السلطة التي تحكمهم {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ}، أي أن هناك مؤمنين خلف خطوط العدو لا يستطيعون إعلان إسلامهم بسبب القهر... ولذلك كله تم إعلان حالة الحرب لإنهاء هذه الحالة ثم نتطرق إلى موضوع اللجوء الدولي من خلال الآية الكريمة: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ}، بهذه الآية (6) تم وضع قنوات اتصال مع المسلمين في حالة الاشتباك المسلح أو حالة الحرب العامة، وذلك لإتاحة الفرصة للمشركين الراغبين في معرفة الحقيقة ومعرفة الإسلام بشكل واضح حتى في وقت الأزمات وصعوبة التواصل، مع حماية كاملة وحصانة من الاعتداء أو الاعتقالات والقتل حتى يتم إرجاع المشركين إلى ديارهم أو الأماكن التي يتمتعون فيها بالأمان مدفوعة التكاليف، وبالمناسبة فقد بدأ أنطونيو غوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة كلمته في القمة العربية للإشادة بالإسلام، وأنه دين الرحمة وحماية المستجيرين وطالبي اللجوء واستشهد بهذه الآية في موضوع قبول اللاجئين دوليا. وبعد ذلك نأتي لاستعراض موضوع مهم جدا ويعتبر أحد أشكال الوعي العام للمجتمعات وهو ترسيخ اعرف عدوك من خلال معرفة الحالة العدائية للدول الأخرى تجاهنا وذلك من خلال الآية {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ}، هنا يتم الكشف عن (الحالة العدائية) المتأصلة في ذهنية المشركين والكفار، بالرغم من العبارات الجميلة والعلاقات الدافئة والتعاون المشترك والأمم المتحدة ومجلس الأمن والسلم العالمي فالتاريخ أثبت أن كل الأمم التي تغلبت على المسلمين (توحشوا) في التعذيب والتنكيل، بدءا من مشركي العرب مرورًا بالفرس والتتار والصليبيين والصين وأمريكا والطليان والفرنسيين والإنجليز والسيخ وأذنابهم... فالإسلام كعقيدة ومشروع حياة (كتبت محاربته) ولذلك يحتاج لدولة قوية تحمي أتباعه وتؤمن حركتهم لتطبيق إسلامهم ونشره، وهنا جاء الجهاد وتشكيل القوة الرادعة (فارهبوهم) لتعمل كالجدار الحامي لها، وهذا يفسر حالة الحرب التي أعلنت سابقا وأسبابها. هنا نستكمل فكرة معرفة الحالة العدائية لدى الأطراف الأخرى فإنه يجب استحضار التاريخ العدائي لدى أعدائنا وأن تكون في أرشيف الوعي العام وذلك من خلال الآية الكريمة {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، هذه الآية تستعرض التاريخ العدائي للمشركين من خرق اتفاقيات ومحاولات التهجير والتضييق والتي انتهت بمحاولة الاغتيال الخسيسة للنبي صلوات الله عليه، ومحاولة الاعتداء المسلح على المسلمين في بدر، في إطار (إحياء الحقيقة) التي قد يغفل عنها المسلمون وينسوا، أو قد يتخاذلون في لحظة من التاريخ ويتناسون أن المشركين (لن يتركوكم) بناء على تاريخهم الأسود وسجلهم الإجرامي، ولذلك يجب رفع الاستعداد القتالي والتأهب العسكري لاستمرار المواجهة، فعداوة المشركين ليس لها تاريخ انتهاء، ولذلك الأمم الحية تحتفظ بذاكرة قوية لأحداثها وتجاربها لتبني عليها مستقبلها. تلفت السورة الكريمة نظرنا إلى التباس خطير وتصحيح للأوضاع التي جعلت الحق مع الطرف الباطل والباطل مع الطرف الحق. فقد جاءت هذه الآية لتوضح حقيقة وشرعية من يجب أن يدير الحرم. قال تعالى {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ}. كانت مكة هي (الشرعية) التي استغلتها قريش واستخدمتها تحت غطاء القيام بالأعمال اللوجستية كتوفير المياه (السقاية) وتوزيع الطعام والضيافة (الرفادة) والقيام بخدمة الكعبة من نظافة وحراسة (سدانة) وكانوا يعتبرون هذه الأعمال هي (عمارة للمسجد الحرام) بالرغم من أعمالهم المتناقضة مع أهداف المكان الداعية للتوحيد كالشرك وإقامة الأصنام حولها والذبح لغير الله والاستعانة بها في قراراتهم الحياتية من زواج وسفر وتجارة، إلى أن نزلت هذه الآية لتنزع شرعية قريش (لكفرهم) وتحل محلها شرعية المسلمين (لإيمانهم)، فهم الأولى بإدارة البيت الحرام والقيام بكل خدماته، لكي يتوافق العاملون في المكان مع أهداف هذا المكان، وهنا (تنسجم المنظومة) عمليًا وتعاد الأمور لنصابها الصحيح. ختاما نلحظ مدى أهمية هذه السورة التي نمر عليها مر السحاب ولا ندرك أبعادها الدولية والسياسية، في وقت وجب علينا التدقيق في القرآن الكريم واستدراك معانيه بالشكل الذي يخدم واقعنا الذي نعيش فيه.. دمتم جميعا.

الموارد البشرية ما لها وما عليها «2-2»

نستكمل في هذا المقال ما بدأناه في مقال الأسبوع الماضي، حول «الموارد البشرية ما لها وما عليها».. فإذا نظرنا لمكونات العمل، فإننا نرى ضعف منظومة الموارد البشرية في الجهات الحكومية، مقارنة بإدارات الشؤون المالية التي...

الموارد البشرية مالها وماعليها

بداية كل تطور ونهايته هو الإنسان ، حيث تأتي الموارد المادية كمساعدة لمدى قدرة الانسان التفكيرية وإبداعه القابله للتنفيذ، ولذلك كان المفكرون والمبدعون هم القيمة المضافة لدولهم في تطويرها، والتي تحرص على اكتسابهم من خلال...

التفويض الإداري ما له وما عليه

بني مبدأ التفويض على فكرة استمرارية الأعمال وعدم تعطيلها بسبب عدم وجود القائمين عليها، فالأعمال تبقى والأشخاص يتغيرون أو يتعاقبون، ولذلك نرى أن المؤسسات والجهات المرنة تتميز بوجود مساحة تفويض عالية، يصحبها إدراك ووعي بمفهوم...

الرئيس التنفيذي ما له وما عليه

مهما كانت قدرة الرئيس التنفيذي وذكاؤه فإنه يفشل في حال عدم وضوح دوره المناسب في ذهنه، فنحن في العالم العربي نربط هذا المنصب بمفهوم الزعامة والحكم والسيادة ! وهناك في الغرب يربطونه بمفهوم الخدمة والإنجاز...

إعادة قانون الجمعيات التعاونية

تبنت دولة قطر منذ عام 1973 قانون الجمعيات التعاونية وذلك لتحسين حالة أعضائها الاقتصادية والاجتماعية بوجه خاص، وتحقيق أهداف التعاون بوجه عام، متبعة في ذلك المبادئ التعاونية، وأن تتاح العضوية لكل قطري تنطبق عليه الشروط...

التسويق في القطاع الحكومي

يشترك القطاعان العام والخاص في مسألة التسويق، فكلاهما يقدم منتجات وخدمات، ويعتمدان الترويج والتحفيز على شراء المنتج أو استخدام الخدمة، سواء عن طريق العلاقات العامة في الجهات الحكومية أو خدمة العملاء في القطاع الخاص. وكذلك...

العلاقات العامة في الجهات الحكومية

تعتبر العلاقات العامة رمانة الميزان والعاكس لكل مجهودات المؤسسة او الشركة لدى عملائها، والعاكسة كذلك لرأي العملاء وتجربتهم لدى المؤسسة، مما يعني ان مهام العلاقات العامة متشعبة في الاتجاهين، فكل شيء يخرج من المؤسسة باتجاه...

اقتصاديات السياحة العائلية

‏تعتبر السياحة أحد أهم العناصر والموارد في كثير من دول العالم حيث تبلغ نسبة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي العالمي حوالي ١٠٪؜ بينما تصل لبعض الدول من 20 إلى 30% وأحيانا قد تصل إلى...

علم النفس وكرة القدم

«قبل أن تحكم على شخص ما، يجب أن تسير مسافة طويلة مرتدياً حذاءه»، هو مثل شائع يوضح ربما أهمية ألا يحكم الإنسان على تصرفات أي شخص وفقاً لأحكام مسبقة أو حتى على ما شاهده من...

كلنا دعاة

كأس العالم حدث كبير سيجذب الكثير من الناس وسوف تأتي الملايين وتراقب الملايين من الكاميرات والعدسات وتنقل ما تراه وتسمعه، وغالباً ما يبحثون عن الكرة واللاعبين والنتائج والهزائم والانتصارات، ولكن نحن في قطر سنضيف شيئاً...

المنتدى الخليجي لرواد الأعمال

ريادة الأعمال تعمل على اكتشاف الأسواق الجديدة أكثر من زيادة حجم الأسواق، والتي يستهدفها التجار التقليديون وليس رواد الأعمال، وبريادة الأعمال تتطور الأسواق وتتوسع خالقة معها فرص عمل جديدة، ومجددة لقطاعات الاعمال التي تظهر فيها...

كأس العالم إستراتيجياً (1)

ترتبط القيادة بالقرارات الاستراتيجية وليس الأوامر الفورية أو القرارات قصيرة المدى، حيث تسعى لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تحقق تحولا كبيرا في الدولة اقتصاديا وسياحيا ورياضيا. القرار الاستراتيجي يتطلب معرفة كيفية الحشد والتأييد للوصول لحق الاستضافة...