عدد المقالات 168
من أمراض العصر كثرة تبخيس الناس لبعضهم البعض، لذلك بات شبه ظاهرة أن ترى جيلا يسخر من الجيل الذي يسبقه أو الذي يليه، فتراه ينظر إلى نفسه بمثالية متناهية، وكأنه الذي أرسى قواعد الحكم في الأندلس أو حاز على ملك بلقيس، وقليل من يخبر الطفل بالحقيقة ويصف له الداء بدقة من دون تجميل ويدله على الدواء من دون تضليل فتتراكم لدينا المشكلات بسبب نفاق الماضي والجهل والتجهيل. كثيرٌ منهم يزعم أنه عاش الانتصارات وكان ما بين أسير وقتيل وأنهم صنعوا مجدا، وكأن ما أبصرنا عليه الحياة من خيبة كان إرث من أتى لا إرث السابقين، وكلهم كان يسمع المذيع أحمد سعيد ومن الظلم أن نقول كلهم أحمد سعيد ولست هنا في سجال أو مساجلة أو من أجل احتساب نقاط في مقارنة ومن الإجحاف دراسة إشكالات وقضايا كهذه في بضع سطور فتاريخنا فيه ما هو مشرق نعتز به وآخر ربما من الأفضل أن يظل مستورا. في الكلمات السابقة لا أخص شعبا بعينه ولكن هي ظاهرة عامة، وإن كانت نسبية من منطقة لأخرى، غير أن اللافت هو ما كان يتداول في كثير من المجالس من ازدراء للجيل القادم ووصمه بجيل الفيس بوك في سخرية ضمنية وبعضهم كان يقول هذا جيل يتوقى منه أكثر مما يرجى، ولا يغير هذا من حقيقة أن هناك آباء ومربين جدوا واجتهدوا في تربية أبنائهم وزرعوا فيهم حب الدين والوطن كعقيدة راسخة ولهم فضل لا ينكره إلا جحود. حتى كانت هذه الانتفاضة الثالثة أو انتفاضة القدس في فلسطين كما تسمى؛ وكان جل أبطالها هم من «جيل الفيس بوك» إن صلح لنا أن نسميهم بذلك فالغالبية العظمى من الفدائيين الذين نفذوا عمليات الطعن كانت أعمارهم لا تتجاوز العشرين إلا قليلا وجميعهم بلا منازع يمتلكون حسابات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم لم يخرجوا لتنفيذ عملياتهم بقرارات تنظيمية بل بقناعات ذاتية؛ وهذه القناعات تشربوها من هذه المواقع فالسمة العامة لرواد مواقع التواصل الاجتماعي في فلسطين تعلي مصلحة الوطن فوق كل المصالح بخطاب يجمع ولا يفرق ويحفز ولا يخذل وينمي الوعي الوطني ويغذيه ناهيك عن أن الحركة الوطنية الفصائلية بالضفة المحتلة وبالداخل تلقت العديد من الضربات خصوصا خلال انتفاضة الأقصى وما تلا ذلك من آثار سياسية غيبت روح المقاومة، فضعف دور محاضنها في بعض المناطق أو انعدم. وبناءً على الأسباب السابقة وغيرها، كانت تقديرات الاحتلال أن عدوه الأساسي والأول في هذه المعركة هي صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي وصفها بالتحريضية باعتبار أنها المغذي الأساسي لتنامي الوعي الرافض له ولتصرفاته عند هذا الجيل الطلائعي الذي يأتي حاملا معه أشخاصا هم أقرب للأسطورة منهم للحقيقة فمن يصدق أن فتى بعمر 19 عاما يستطيع أن يلاحق بسكين جنودا مدججين بالسلاح ويوقع جزءا منهم ما بين قتيل أو جريح أو يستولي على سلاح أحدهم وينفذ به عملية أو يقف بين خمسة منهم يطعنهم واحدا تلو الآخر ويعرف مصيره جيدا رغم ذلك يمضي بشجاعة من دون أن يتراجع أو تخيفه مظاهر الإعدام. إنهم ليسوا يائسين من الحياة بل باحثون عن حياة أجمل، يخرجون من بيوتهم وهم يرتدون أبهى ثيابهم ويتطيبون ويتوضؤون وقد يودعون أو لا يودعون فهم يؤمنون باللقاء من جديد وبالشفاعة وهم مشتاقون وهم عاشقون عشقا قدسيا فريدا هم نفوس حرة ترسم بالدماء الزكية لنا الطريق، تطيب الأرض والسماء بهم وستبقى قلوبنا التي فتنوها ببهاء ما صنعوا تذكرهم فهم الذكرى وهم حاضرنا وهم الذين يدفعون الثمن غاليا من أجل مستقبل أفضل لأمة مكلومة. ❍  @rdooan
«الضمّ» حلقة من حلقات المشروع الصهيوني المتوسع في المنطقة، ويأتي ضمن سلسلة خطوات قام بها الصهاينة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، وكانت النية نحو مخطط ما يسمى بـ «الضمّ» وما شابه مبيّتة وجاهزة قبل...
تعيش فلسطين هذه الأيام تحت وطأة تهديد ابتلاع الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة منها، ضمن ما يعرف بمخطط «الضم» الذي من المرجح -حسب أحاديث إعلامية إسرائيلية- أن يكون على أكثر من مرحلة، وأنه يستهدف هذه المرة...
ما أشبه اليوم بالبارحة! وما أسرع أن ينسى جزء من الناس جراحهم وتاريخهم! وينسى كثير من العرب أن الاحتلال الإسرائيلي قتل منهم في مثل هذه الأيام من عام 1967م، زهاء 20000 عربي، وجرح واعتقل آلافاً...
قد يقول البعض إنه ليس من الجيد الآن، وفي هذه الفترة تحديداً، أن ننصرف إلى النقد الداخلي بدلاً من الحديث عن ضرورة التوحّد في مواجهة مشاريع الاحتلال التوسعية الجديدة، أو ما اصطلح على تسميته «مشروع...
في حين يواجه العالم أزمة تفشي وباء «كورونا»، ويسعى إلى السيطرة عليه والتقليل من آثاره السلبية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى مزيد من التوسع على حساب حقوق الفلسطينيين وأراضيهم، ومن ذلك ضمّه أو سلبه قبل أسابيع...
النكبة شكلت الواقع الفلسطيني وجزءاً كبيراً من أفكار الفلسطينيين وتصوراتهم ونمط حياتهم، مثّلت نقطة تحوّل فارقة، أصبحت القضية جزءاً من حياة الفلسطينيين، وسمة عامة يعيشونها، يلاحقونها وتلاحقهم. وينبغي أن تظل «النكبة» حاضرة لأنها تعيد تلخيص...
عندما نتحدث عن مسلسلات درامية وُضعت لها ميزانيات بملايين الدولارات من أجل تمرير خطاب التطبيع والتهوين من قيمة القضية الفلسطينية، فبكل تأكيد يعني الأمر أننا لم نعد نتحدث عن مجرد خطوات فردية واجتهادات عابرة، الأمر...
ملامح تآكل «النظام العالمي» الحالي تتجلى كثيراً في هذه الفترة، ولطالما تغنى هذا النظام بعناوين التضامن الدولي، ورفع لافتات التكافل الإنساني، وما إلى ذلك من اللافتات التي كانت جزءاً من أدواته للبقاء، ومد نفوذه وعلاقاته،...
مع انتشار فيروس «كورونا» وسط الاضطرابات الكبيرة التي تحدث في العالم، يعيش الناس قلقاً كبيراً على مصائرهم ومستقبلهم؛ بعض القلق مُبرَّر وأكثره لا، فالقلق لا يبدّل المصائر ولا يقي من المخاطر، بل لربما يكون هو...
قادت السلطة الفلسطينية -على لسان العديد من مسؤوليها والناطقين باسمها- حملة استمرت لأكثر من سنة، تمحورت حول ترويج رواية سياسية تقول إن صفقة القرن تستهدف بالأساس إقامة دولة فلسطينية في غزة على حساب الضفة الغربية،...
في ظل ما بين أيدينا من المعطيات قد نقول إن الصراع حسم، وإن الكفة تميل لصالح الاحتلال بانحراف صارخ، وإن عقارب الزمان تسير لصالحه، لا شك أن تلك المعطيات واضحة إذا أخذنا بالاعتبار أن الدولة...
إن من أسوأ ما يمكن أن يُبتلى به الإنسان هو انشغاله بالجدل وابتعاده عن العمل، وما هو أسوأ من ذلك أن ينشغل بالجدل في أمر العاملين وعملهم دون فعل شيء، ودون تقديم حلول ممكنة وتصورات...