عدد المقالات 168
خرج كوشنير على القوم في زينته منتشياً، كما لو كان في حفل زفاف محاولاً إظهار الثقة في خطابه المنمق مع ديباجة مزخرفة بالأرقام، محاولاً ترويج سلعته الكاسدة بالبهرجة المخادعة. ربما لم يتنبه كوشنير للتناقض الفجّ في طرحه، فهو من جهة يرى أن ما يسمى بالسلام الاقتصادي يصلح لأن يكون مدخلاً لما يراه حلاً، في حين أنه قال في خطاب افتتاحه لمؤتمر المنامة: «لا يمكن تحقيق النمو الاقتصادي والازدهار للشعب الفلسطيني من دون حل سياسي دائم وعادل للصراع». أي أنه اعترف مبكراً بفشل فكرة المؤتمر القائمة على تقديم «السلام الاقتصادي» على «الحل السياسي»، وكأنه يقول أيضاً لا قيمة لكل تلك البهرجات التي قدمتها والتي سنقدمها لاحقاً خلال الورشة. يدرك كوشنير ومن معه من طباخي الصفقة أنهم يقدمون خديعة، وأن الهدف من وراء كل المسعى والمخطط الحالي لصفقة القرن هو تثبيت الاحتلال وبعض الوقائع الاستيطانية والتهويدية على الأرض، وترسيخ منطلقات دولية ورسمية تتعاطى مع القضية الفلسطينية بتجاوز صارخ للحقوق السياسية والوطنية الأساسية للشعب الفلسطيني. مبلغ 50 مليار دولار المقترح للاستثمار على مدار عشر سنوات، والمخصص منه للفلسطينيين يقدر بقيمة 28 مليار دولار، ليس سوى استخفاف بوعي الجماهير وتدليس ممنهج، فلو حسبناها حسبة مادية بعيدًا عن الحسابات الوطنية والأخلاقية والدينية والقيمية سنجد أن صفقتهم هزلية للغاية. أظهر تحقيق استقصائي عن غاز غزة عرضته الجزيرة مؤخراً، ضمن برنامج «ما خفي أعظم» أن عوائد حقول الغاز المحيطة بغزة لو أمكن الاستفادة منها تبلغ نحو 4.5 مليار دولار سنوياً (45 مليار دولار في 10 سنوات من مورد واحد فقط)، ناهيك عن الموارد والثروات الطبيعية الأخرى التي ينهبها الاحتلال ويستفيد من عوائدها. كما أن وجود المسجد الأقصى في فلسطين يجعلها مزاراً لمئات ملايين المسلمين سنوياً، حال لم تكن محتلة، بما يعود بالنفع على الاقتصاد الفلسطيني، وكذلك لأعداد مشابهة أو أكثر من المسيحيين، نظراً لوجود معالم مثل كنيستي المهد والقيامة، وما إلى ذلك. التكلفة اليومية لاستمرار الاحتلال أعلى مادياً بكثير من تلك الاستثمارات الكاذبة. وبغض النظر عن الحسابات المادية، فإن المشكلة ليست مشكلة مبلغ بل مبدأ، فالحرية، الكرامة، الوطن...، هي الثمن وليست سلعاً. تذكّرني فصول مسرحية ورشة البحرين الهزلية القاسية بمشهد سقيا جنود الاحتلال للعجوز الفلسطينية «غالية أبو ريدة» خلال اجتياحهم منطقة خزاعة عند حدود قطاع غزة في عدوان عام ٢٠١٤، فبعد أن قاموا بالتقاط صورة معها وهم يسقونها الماء، قاموا بإعدامها بدم بارد. نعم هم يريدون الصورة، أن يظهروا للعالم بأنهم يعطفون على الشعب الفلسطيني ويهتمون بمعاناته، وفي الليل بعيداً عن الصورة يجهزون على ذات الشعب وعلى أرضه وأحلامه ومستقبله والمقدسات. إنه المشهد الذي أرادوه قبل الإمعان في مخطط تصفية القضية الفلسطينية، وأراده آخرون قبل أن يضعوا أيديهم بأيدي قادة الاحتلال علانية، بعد أن وضعوها سراً، ومن الجيد أن الفلسطينيين لم يحضروا الورشة، كي لا يكونوا شهود زور على المخادعة. فلسطين ليست سلعة، ولا مجرد أمتار أرض مختلف على سعرها، هي قضية كل مؤمن، وكل حر، وكل صاحب ضمير، هي شرف، ومن لم يعرف الشرف لا يدرك ماهيته، ويظن أنه سلعة تباع وتشترى.
«الضمّ» حلقة من حلقات المشروع الصهيوني المتوسع في المنطقة، ويأتي ضمن سلسلة خطوات قام بها الصهاينة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية، وكانت النية نحو مخطط ما يسمى بـ «الضمّ» وما شابه مبيّتة وجاهزة قبل...
تعيش فلسطين هذه الأيام تحت وطأة تهديد ابتلاع الاحتلال الإسرائيلي مناطق واسعة منها، ضمن ما يعرف بمخطط «الضم» الذي من المرجح -حسب أحاديث إعلامية إسرائيلية- أن يكون على أكثر من مرحلة، وأنه يستهدف هذه المرة...
ما أشبه اليوم بالبارحة! وما أسرع أن ينسى جزء من الناس جراحهم وتاريخهم! وينسى كثير من العرب أن الاحتلال الإسرائيلي قتل منهم في مثل هذه الأيام من عام 1967م، زهاء 20000 عربي، وجرح واعتقل آلافاً...
قد يقول البعض إنه ليس من الجيد الآن، وفي هذه الفترة تحديداً، أن ننصرف إلى النقد الداخلي بدلاً من الحديث عن ضرورة التوحّد في مواجهة مشاريع الاحتلال التوسعية الجديدة، أو ما اصطلح على تسميته «مشروع...
في حين يواجه العالم أزمة تفشي وباء «كورونا»، ويسعى إلى السيطرة عليه والتقليل من آثاره السلبية، يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى مزيد من التوسع على حساب حقوق الفلسطينيين وأراضيهم، ومن ذلك ضمّه أو سلبه قبل أسابيع...
النكبة شكلت الواقع الفلسطيني وجزءاً كبيراً من أفكار الفلسطينيين وتصوراتهم ونمط حياتهم، مثّلت نقطة تحوّل فارقة، أصبحت القضية جزءاً من حياة الفلسطينيين، وسمة عامة يعيشونها، يلاحقونها وتلاحقهم. وينبغي أن تظل «النكبة» حاضرة لأنها تعيد تلخيص...
عندما نتحدث عن مسلسلات درامية وُضعت لها ميزانيات بملايين الدولارات من أجل تمرير خطاب التطبيع والتهوين من قيمة القضية الفلسطينية، فبكل تأكيد يعني الأمر أننا لم نعد نتحدث عن مجرد خطوات فردية واجتهادات عابرة، الأمر...
ملامح تآكل «النظام العالمي» الحالي تتجلى كثيراً في هذه الفترة، ولطالما تغنى هذا النظام بعناوين التضامن الدولي، ورفع لافتات التكافل الإنساني، وما إلى ذلك من اللافتات التي كانت جزءاً من أدواته للبقاء، ومد نفوذه وعلاقاته،...
مع انتشار فيروس «كورونا» وسط الاضطرابات الكبيرة التي تحدث في العالم، يعيش الناس قلقاً كبيراً على مصائرهم ومستقبلهم؛ بعض القلق مُبرَّر وأكثره لا، فالقلق لا يبدّل المصائر ولا يقي من المخاطر، بل لربما يكون هو...
قادت السلطة الفلسطينية -على لسان العديد من مسؤوليها والناطقين باسمها- حملة استمرت لأكثر من سنة، تمحورت حول ترويج رواية سياسية تقول إن صفقة القرن تستهدف بالأساس إقامة دولة فلسطينية في غزة على حساب الضفة الغربية،...
في ظل ما بين أيدينا من المعطيات قد نقول إن الصراع حسم، وإن الكفة تميل لصالح الاحتلال بانحراف صارخ، وإن عقارب الزمان تسير لصالحه، لا شك أن تلك المعطيات واضحة إذا أخذنا بالاعتبار أن الدولة...
إن من أسوأ ما يمكن أن يُبتلى به الإنسان هو انشغاله بالجدل وابتعاده عن العمل، وما هو أسوأ من ذلك أن ينشغل بالجدل في أمر العاملين وعملهم دون فعل شيء، ودون تقديم حلول ممكنة وتصورات...