لا بارك الله في هذا المهرجان

هل أصبحت المهرجانات السنوية التي تقام في قطر، وتستنزف موارد الدولة -من مثل مهرجان تروبيكا الدوحة السينمائي، الذي يقام للسنة الثالثة على التوالي على أرض الوطن- معبراً ومنفذاً لكل من أراد أن يهدم الأخلاق وينتزع القيم؟.. هل أصبحت هذه المهرجانات أقاليم منزوعة الحياء تتمتع بالحكم الذاتي وتفعل ما يحلو لها من دون رقيب ولا حسيب، حتى من حكومة البلد نفسها؟.. إلى متى نسمح لكل مغامر بأن يتطاول على منظومة المجتمع الأخلاقية دون وازع أو ضمير؟.. للأسف أصبحت بعض هذه المهرجانات نافذة ينظر من خلالها أطفالنا إلى مستقبل مجهول، كله خيالات مريضة لا تعرف من الفن أو السينما إلا الشذوذ، كما حدث في آخر يوم للمهرجان، عندما تم عرض فيلم عن شاب شاذ يطالب بحقوقه، وللأسف أن يكون هذا الإسفاف من إنتاج قطري، أو الخمر، كما حدث في الفعاليات المصاحبة لهذا المهرجان، عندما قام مطعم بمدينة اللؤلؤة بالإعلان عن مجانية شرب الخمور، ولمن؟ للنساء.. فرحا بأيام هذا المهرجان لا بارك الله في من اقترح هذه الفكرة على صاحب المطعم. هذا المهرجان الذي يقام تحت رعاية الدولة، ولا يستفيد منه إلا النخبة وأصحاب الطول والسلطة، هو نبتة غريبة عجيبة مزروعة في بيئة لا تناسبها ولا تطلبها،، مثل الذي يصلي السنة في وقت الاختيار ويصلي الفريضة في وقت الاضطرار، هل عندنا نشاط ثقافي معتبر حتى نحث الخطى سريعا نحو النشاط السينمائي؟؟ لقد استفز هذا المهرجان الغالبية العظمى من أهل قطر، فلا تجد مجلسا أو منتدى أو تجمعا إلا ويستنكر ما صاحب هذا المهرجان من تصرفات، حتى مواقع التواصل الاجتماعي مثل الـ «فيس بوك» و«تويتر» ضجة بشكوى القطريين مما حدث في أيامه من تصرفات مستهجنة، من مثل تطاول شيبة الذم الممثل عمر الشريف على منظومة القيم الخليجية، وفي عقر دار جامعة قطر، ولم يكلف أحد من القائمين على هذا المهرجان نفسه عناء إيقاف هذه التصرفات.. الحمد لله أن المهرجان لم يقم على أرض المتحف الإسلامي، كما السابق، لأن الإسلام أعلى وأشرف من أن يزج باسمه في هذا الإسفاف. نحن نعلم أن مجلس الشورى القطري الحالي ليس له دور تشريعي أو رقابي، ولو قمنا بعملية تقييم أداء له بالمقارنة بالمجالس الأخرى في دول الخليج، فإن نسبة التقييم هذه سوف تكون الأدنى، سواء من حيث اختيار الأعضاء، لأنه معين بالكامل، أو من حيث الاختصاصات، لأنه مجلس استشاري يصدر توصيات معْلمة للقيادة، وليست ملزمة لها، لها إعمالها أو إهمالها، أو من حيث تمثيل فئات المجتمع، لأن المرأة ما زالت غائبة عن عضويته، ومع ذلك كان من الواجب على هذا المجلس الاستشاري أن يقوم بواجب النصيحة، فالدين النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم، وأن يكون حلقة وصل بين الشعب -الذي لا يرضى أن تنتهك حرمات دينه وعاداته وتقاليده الحسنة من قبل كل من هب ودب- وبين القيادة لوقف مثل هذه الفعاليات، هذه التصرفات والفعاليات التي تتناقض حتى مع دستوره وتشريعاته، فقطر دولة عربية دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها، والدولة ملزمة برعاية النشء وصيانته من أسباب الفساد، وحمايته من الاستغلال، ووقايته من شر الإهمال العقلي والروحي، فهل هناك إهمال أكثر من قيام فعاليات تمثل الدولة وتحت رعايتها بتسويق مشروعية شرب الخمر وبالمجان، وللنساء، وفوق هذا تعرض أفلام تروج للشذوذ كحق من الحقوق. الحقيقة أن هذا المهرجان وما يصاحبه من أحداث أمر لا طائل من ورائه للوطن وأبناء الوطن، فلسنا من الدول التي لديها قطاع عام أو خاص في مجال صناعة السينما، حتى نقوم بإهدار كل تلك الأموال لدعوة زيد وعبيد من نجوم السينما العربية والأجنبية، وفوق ذلك فإن هذه الإحداث التي تقع في أيام هذا المهرجان تعتبر انتهاكا لخصوصية المجتمع القطري وسيرته العطرة، وإذا كان هناك من هو في شوق للاستعراض مع هذا الممثل العالمي وذاك، وفي حنين للتحدث والجلوس مع هذه الجميلة وتلك من نجمات السينما العربية والأجنبية، فليجمع بينهم بالشر تحت رعايته الخاصة، وينفق عليهم من جيبه الخاص، حتى لا يتحمل المجموع إثم أفعاله، والمال العام له حرمته وله قيوده، وأول قيد ألا ينفق على فعاليات لا يرضى عنها قطاع عريض من أبناء الوطن، فهل أنتم منتهون؟؟ والسلام