عدد المقالات 9
حكاية السيدة التي سقطت في الحفرة، رواية بطعم التحقيق الصحفي الاستقصائي للكاتبة المصرية المبدعة إيناس حليم تتعرض بشجاعة لحكاية غامضة من حكايات مدينة الإسكندرية التي تفرد شعرها على الشط، بحسب كلمات عبدالرحمن الأبنودي وغناء عبد الحليم حافظ. تلك المدينة الساحرة التي تخفي أسرار السيدة ميرفت التي سقطت في الحفرة قبل نصف قرن، حفرة غير موجودة ابتلعت ميرفت - عروس الإسكندرية - فاختفت العروس، وتعددت الحكايات حولها، فهي إما عروس لأحد ملوك الجان تحت الأرض سحبها إلى مملكته، أو هي خُطفت من قبل أحد ملوك الإنس، أخذها إلى حيث المغضوب عليهم، فلم يعد لها أثر فوق الأرض أو تحتها! حتى أن الصحفي مفيد فوزي الشهير في وقتها، حاول البحث والاستقصاء حول الحكاية، فخصص لها ثماني حلقات نشرت على مدى ثمانية أعداد من أعداد صباح الخير المصرية، لكنه لم يصل إلا لقبضة من الماء الذي يتسرب من بين أصابعه سريعا دون أن يترك أثرا، ومع ذلك فقد تصدت إيناس حليم للحكاية ذاتها بعد سنوات من تاريخ حدوثها، بل إن قصة الاختفاء حدثت قبل أن تأتي إيناس إلى العالم، فتسمع الحكاية ككل من سمعها من الإسكندرانية، وغيرهم، لكنها لم تتناول حكاية ميرفت على أن - الأرض انشقت وابتلعتها - كما استقر في أذهان الآخرين، فهناك قصة، وهناك حكاية أخرى لم تُقَل. استقصت الكاتبة حول الحكاية التي حدثت أو لم تحدث قبل خمسين عاما، بشكل روائي متقن، جعل تلك الحكاية تخرج من المتن إلى الهامش، ثم تعود من الهامش إلى المتن برشاقة قلم الكاتبة، وتكون أنا الساردة هي المحور وليس ميرفت، وحول الساردة جمع من الشخصيات الثرية المشبعة روائيا، من الأم، والتي أسمتها إيناس الكاتبة العظيمة، لأنها حاولت التصدي - روائيا - لحكاية السيدة التي سقطت في الحفرة، فلم تقدر، فغرست فكرة الرواية في رأس الساردة / إيناس، ومن حولها شخصيات متفردة أخرى مثل راوية، وهند، وفريد والأب والجد والجدة وماما ماري، والخالات نبيلة ونورا والعمة ياقوته. وهذه الأخيرة التي احتلت من الرواية جزءا بسيطا نسبيا، لكنها تحتل من انتباه القارئ جزءا ضخما - كما صار معي - إذ وجدتني أبحث عن ياقوتة أكثر من بحثي عن ميرفت مع الكاتبة إيناس حليم. قد لا تقدم الكاتبة حلا للغز الذي حير الإسكندرية، وحير مصر كلها بل إنه طاف بالحيرة شرقا، وغربا، لكنها أعادت الحكاية بمفاتيح أخرى كانت من المحرمات في وقتها، وصارت اليوم في متناول من يملك ما امتلكته إيناس من جرأة على الحديث الشفاف مع القارئ. لغة الكاتبة تحمل الرقي والسلاسة، وتقدم سلسلة من الحكايات في حكاية واحدة بتكنيك روائي ممتع، ولا عجب أن تكون الرواية ضمن القائمة القصيرة لجائزة كتارا للرواية لعام ٢٠٢٤.
في بداية حياتي العملية، سمعت زميلا لي من الجنسية اللبنانية يحكي بأنه لا يصوم رمضان بناء على ديانته، وأكمل جملته بأنه درزي، فتحت عيني على وسعها، وأنا أسمع لأول مرة عن الدرزية، وانتشارها في مناطق...
لم أقرأ حول أدب الرحلات منذ زمن، ربما لأن الرحلات صارت متاحة، وميسرة جدا، وربما لاعتقادي أن الكتاب لن يقدم اكثر مما تقدمه الشاشات الكبيرة، والصغيرة اليوم على وسائل التواصل مثل اليوتيوب والتيك توك، وغيرهما،...
«أو هكذا تقول الأسطورة» ليست الأسطورة التي تقول، ولكنها الروائية المصرية الدكتورة رشا سمير، طبيبة الأسنان التي أصدرت أربع روايات قبل هذه الرواية التي بين أيدينا اليوم، رواية المسحورة التي صدرت منها ثلاث طبعات خلال...
يكتب الروائي السوري الكردي جان دوست رواية شيقة حول رجل فرنسي يحمل رسالة من الإمبراطور نابليون بونابرت إلى شاه إيران القاجاري عام 1805، يحملها مع الهدايا والتحف الثمينة، ويمر عبر المساحات الشاسعة، وفي ما هو...
«تركت بيروت ورائي، مدمرة راكعة حزينة فاقدة روحها وناسها و شبابها»هذا ما كتبته ايمان حميدان، الروائية اللبنانية على لسان احدى شخصياتها في روايتها الأخيرة (أغنيات للعتمة) شخصية اسمهان التي غادرت بيروت الى نيويورك عام ١٩٨٢...
عندما تصادف رواية بعنوان (الرسام الانجليزي) يتبادر إلى الذهن فورا، وقبل الدخول في التفاصيل، الفيلم السينمائي الرائع (المريض الانجليزي) الذي تدور أحداثه مع الجنود وشخصيات عامة، إبان الحرب العالمية الثانية، تلك الأحداث التي كتبها الروائي...
يحلو لي كلما زرت مدينة الضباب لندن ممارسة رياضة المشي لساعات على ضفاف نهر التايمز، الذي يشق المدينة إلى ضفتين جنوبية وشمالية، بخلاف القنوات المائية الصغيرة المتفرعة من هذا النهر الأساس، وليس من السهل أن...
كلما أثيرت قضية أدب الطفل في أي منتدى يبرز الى سطحها سؤالان أساسيان: ما هو دور المبدع؟ وإلى أي حد تقوم الجهات الرسمية برعاية ذلك النوع الصعب من الأدب؟ والحقيقة أن صعوبة الكتابة للأطفال، وقلة...