alsharq

د. هدى النعيمي

عدد المقالات 11

أدب الطفل بين الرسمي والشخصي وتبدلات المناخ الثقافي والاجتماعي

28 أكتوبر 2021 , 07:25ص

كلما أثيرت قضية أدب الطفل في أي منتدى يبرز الى سطحها سؤالان أساسيان: ما هو دور المبدع؟ وإلى أي حد تقوم الجهات الرسمية برعاية ذلك النوع الصعب من الأدب؟ والحقيقة أن صعوبة الكتابة للأطفال، وقلة ممارسي ذلك النوع من الكتابة الابداعية مشكلة تعاني منها جميع الشعوب، وليس نحن في البلاد العربية فقط، فالدول الاسكندنافية لم تشهد ظاهرة كالأخوين «غريم» بعد قرن على ابداعهما المدهش، وبريطانيا أم الثقافة الانجليزية في العالم ظلت عدة حقب بلا كتاب مميزين للأطفال قبل ظهور «اي جي رولينغ» مؤلفة كتب «هاري بوتر» الذي تحول الى علامة فارقة في تاريخ كتب الاطفال في العالم، وصار ظاهرة ينتظر فصولها الكبار والصغار قبل ان تكتمل فصوله، ويتحول الى سلسلة افلام ناجحة عبرت عن تبدل المناخ الثقافي الذي لم يعد فيه ادب الطفل مجرد كتاب بل عمل متكامل يختلط فيه الورق بالفنون السمعية والبصرية التي تظل الاقرب الى عالم الصغار. عربيا بقينا نعيش الاشكال العالمي ذاته ونتساءل عن قلة المنتج في الساحة الثقافية لأدب الطفل، وها نحن بعد سنوات عديدة من بروز زكريا تامر وعبد التواب يوسف في مجال الكتابة للطفل العربي نتلفت فلا نجد الكثير من الاسماء التي دخلت الى ذلك الحقل الشائك الذي لا تنمو زهوره بدعم الدولة وحدها بل في ازدهار المناخ الثقافي بشكل عام وقيام حركة تكامل بين الكاتب والمخرج والمطبعة وقنوات الانتاج التلفزيوني، ومن حسن الحظ اننا كنا في قطر من الدول التي شجعت الكتابة للطفل، والانتاج التلفزيوني المتعلق به، فهناك مراكز لآداب الطفل ترعاها وزارة الثقافة بل ان في معارض الكتاب جناحا او اجنحة لأدب الطفل، ناهيك عن جائزة ادب الطفل التي أنشأتها الدولة، وهي من الجوائز القليلة التي تمنح لهذا النوع من الكتابة في العالم العربي. ولم يتوقف الامر عند القنوات التلفزيونية والجوائز بل امتد الى المنشآت فقد فتح مسرح قطر الوطني ابوابه منذ ايامه الاولى لإنتاج مسرح الطفل، وحين انشئت «كتارا» ذلك الصرح الثقافي الذي تفخر به قطر روعي في تصميمه ان يكون فيه امكنة وقاعات خاصة بالطفل وثقافته وفنونه، ومن دلائل الاهتمام الرسمي بهذا الجانب دعم النوادي والمراكز الثقافية التي تهتم بالمرأة والطفل معا، ومن ذلك كله نلاحظ ان المؤسسة الرسمية لم تقصر في الرعاية لهذا النوع من الآداب والفنون، لكن هناك حلقة مفقودة يجب ان نعمل على ايجادها جميعا، وهي الجهة التي تنسق بين هذه المؤسسات كلها وبين المدارس والمراكز التعليمية، فدون اشراك قطاعات التعليم بأنشطة ثقافة الطفل وفنونه تزداد الثغرات وتضيع البوصلة بين المبدع والداعم والمتلقي. وبالنسبة للمبدعين والمبدعات ودرجة اقترابهم من هذا المجال، فهي ما تزال محدودة، وهذا ينطبق على كافة المجالات الابداعية، فنحن لا نخجل من القول اننا دولة ناشئة وان المناخ الثقافي قبل قيام الدولة الحديثة لم يكن يملك ترف الانشطة الثقافية الموجهة للأطفال، ومن شأن وجود مناخ محايد - حتى لا نقول «مناخ سلبي» - لا يقدم كثيرون على طرق هذا الباب، واذا كان لابد من توصيف الحقائق كما هي فإننا لم نشهد قبل النهضة التعليمية المباركة التي ندين لها بتفتحنا الثقافي الكثير مما يشجع المبدعين والمبدعات على الكتابة في هذا الصنف الصعب باعتراف الثقافات جميعها. اما عن تجربتي في هذا المجال فقد بدأت متواضعة خجولة في المراحل الدراسية الأولى، فقد تأثرت بمجلات الطفل التي كانت تصلنا من خلال مكتبة المدرسة او متقطعة من خلال زيارات متباعدة لمنافذ البيع لمثل هذه المجلات، او بيد احدى الصديقات، وقد كان لهذه المجلات كل الأثر الإيجابي في تكون بذرة الكاتب الصغير لدي وما زلت ادين بالولاء لكل من قدم لي مجلة تحمل الحكايات، والرسوم والألوان الزاهية، ثم اخذتني القصة القصيرة من ادب الطفل الجميل وابعدتني الدراسة الاكاديمية عن ذلك المجال الخصب، الى ان استيقظ الحلم من جديد مع مجموعتي «النبع الذهبي والاخيار الثلاثة» التي صدرت عام 2012 واعد رسومها الفنان الكبير سعيد الفرماوي، وهنا لابد من ملاحظة ان ادب الاطفال ككتاب يحتاج الى جهد الكاتب والرسام معا، وربما كان فهم الثاني للنص وتجسيده له من اهم عوامل نجاح الكتاب فالطفل وقبل حب القراءة تسحره الرسوم الشيقة والألوان التي تعبر اكثر من الكلمات المكتوبة عن روح الشخصيات في العمل. ان صعوبة ادب الطفل التي نشير اليها كلما تحدثنا في هذا المجال تنبع من صعوبة مخاطبة المخيلة الجامحة التي يتمتع بها الصغار، ولعلي اقول ان الذي يدفع كل انسان مبدع للنجاح في الكتابة للأطفال هو قدرته على الاحتفاظ بالدهشة امام الاشياء والعالم، فدون تلك الدهشة المخزنة، ودون ترتيب مدروس، وفهم للارواح الحرة لا يمكن الاقتراب بنجاح من عالم الأطفال. وفيما يتعلق بالمناخ الثقافي وتبدلاته دعونا نتفق ان عالم الاليكترونيات والفنون السمعية والبصرية اصبحت من اهم منافسي الكاتب الذي لا يملك بعد اليوم ان يكون تقليديا ويكتب لقارئ فقط، فنحن اليوم امام عوالم مدهشة تقدمها التكنولوجيا الحديثة وعلى المبدعة والمبدع ان يدركا ان ما يخطانه على الورق سيتحول يوما ما الى المسرح والتلفزيون مما يلزمهما بتعلم تقنيات تلك الفنون التي ستزيد من قدرتهما على الابداع والكتابة القادرة على التوصيل لكل الاعمار. ودعوني اختم بالقول ان نجاح اي ابداع يحتاج الى مناخ حر لا تكبحه التقاليد، وان في داخل كل منا طفل لم يجد الفرصة صغيرا ليشبع من دهشة المخيلة، وهذا يعني ان انجح الكتابات هي تلك التي توجه للكبار والصغار معا، وربما ذلك هو سر المعادلة التي جعلت «هاري بوتر» وعالمه السحري من اهم انجازات ثقافة الطفل في العالم، وهي المعادلة التي بنيت عليها اصداري الأخير «قمط» او لنقل ان عنوانه هو «قصة مجلة طفل» كتاب يحمل حكايات المجلات الاولي والتي بعضها ما يزال يصدر في انحاء الوطن العربي، بنفس معادلة «كتاب لكل الاعمار» اقدم للمكتبة العربية كتابا جديدا بعنوان «قمط».

ذاكرة مدينة في رواية.. نجوى بركات في غيبة مي

لا أحب القطط، هذا اعتراف مني بذلك، صورة قطٍ على غلاف أي رواية لا تجعلني أمد يدي لتناولها لاقتنائها ناهيك عن تصفحها، لكنه اسم الروائية اللبنانية، والاعلامية نجوى بركات، في آخر ابداعها الروائي «غيبة مي»...

مهنة سرية لمحمد بركة.. شخصية روائية خارج المألوف

لا تخطئ فهم غلاف الرواية، ولا تظن أن الروائي المصري محمد بركة يتحدث عن المؤسسات السرية التي تمسك خيوط العالم، فالعين داخل المثلث على الغلاف لا ترتبط بتلك الصورة الشهيرة لنفس العين داخل المثلث على...

حنـين الصـايغ تكشــــف الغــــموض في «ميثــــــاق النـــــساء»

في بداية حياتي العملية، سمعت زميلا لي من الجنسية اللبنانية يحكي بأنه لا يصوم رمضان بناء على ديانته، وأكمل جملته بأنه درزي، فتحت عيني على وسعها، وأنا أسمع لأول مرة عن الدرزية، وانتشارها في مناطق...

«كشتبان» لأميمة صبحي.. علامة هندية في أدب الرحلات

لم أقرأ حول أدب الرحلات منذ زمن، ربما لأن الرحلات صارت متاحة، وميسرة جدا، وربما لاعتقادي أن الكتاب لن يقدم اكثر مما تقدمه الشاشات الكبيرة، والصغيرة اليوم على وسائل التواصل مثل اليوتيوب والتيك توك، وغيرهما،...

رواية «المسحورة» لرشا سمير تقدم صورة مبهرة لمجتمع واحة سيوة المصرية

«أو هكذا تقول الأسطورة» ليست الأسطورة التي تقول، ولكنها الروائية المصرية الدكتورة رشا سمير، طبيبة الأسنان التي أصدرت أربع روايات قبل هذه الرواية التي بين أيدينا اليوم، رواية المسحورة التي صدرت منها ثلاث طبعات خلال...

ما سر رسالة نابليون إلى شاه إيران في رواية جان دوست «الأسير الفرنسي»؟

يكتب الروائي السوري الكردي جان دوست رواية شيقة حول رجل فرنسي يحمل رسالة من الإمبراطور نابليون بونابرت إلى شاه إيران القاجاري عام 1805، يحملها مع الهدايا والتحف الثمينة، ويمر عبر المساحات الشاسعة، وفي ما هو...

أغنيات للعتمة لإيمان حميدان.. بيروت التي لا تغادر ذاكرة محبيها

«تركت بيروت ورائي، مدمرة راكعة حزينة فاقدة روحها وناسها و شبابها»هذا ما كتبته ايمان حميدان، الروائية اللبنانية على لسان احدى شخصياتها في روايتها الأخيرة (أغنيات للعتمة) شخصية اسمهان التي غادرت بيروت الى نيويورك عام ١٩٨٢...

إيناس حليم.. تعيد البحث عن سيدة سقطت في حفرة قبل 50 عاماً

حكاية السيدة التي سقطت في الحفرة، رواية بطعم التحقيق الصحفي الاستقصائي للكاتبة المصرية المبدعة إيناس حليم تتعرض بشجاعة لحكاية غامضة من حكايات مدينة الإسكندرية التي تفرد شعرها على الشط، بحسب كلمات عبدالرحمن الأبنودي وغناء عبد...

د. هدى النعيمي تكتب عن «أزمنة العنف» للروائية رزان المغربي: الرسام الإنجليزي.. بين سنوات الحرب والثورة الليبية

عندما تصادف رواية بعنوان (الرسام الانجليزي) يتبادر إلى الذهن فورا، وقبل الدخول في التفاصيل، الفيلم السينمائي الرائع (المريض الانجليزي) الذي تدور أحداثه مع الجنود وشخصيات عامة، إبان الحرب العالمية الثانية، تلك الأحداث التي كتبها الروائي...

د. هدى النعيمي تكتب من عاصمة الضباب: هل تساءلتم وأنتم في لندن أين هو مسرح شكسبير..؟

يحلو لي كلما زرت مدينة الضباب لندن ممارسة رياضة المشي لساعات على ضفاف نهر التايمز، الذي يشق المدينة إلى ضفتين جنوبية وشمالية، بخلاف القنوات المائية الصغيرة المتفرعة من هذا النهر الأساس، وليس من السهل أن...