


عدد المقالات 198
الإنسان سيد مصيره، وهو بطل قصته التي يصنعها بنفسه، لذلك فإنني لا أميل للكتابة في الموضوعات السيارة إلا مضطرا. مسلسل «حارة اليهود» الذي تذيعه فضائيات الانقلاب المصرية في شهر رمضان الكريم هو أحدث محاولات اختراق العقل العربي، وهو يمثل حلقة جديدة من محاولات الكيان الصهيوني المستمرة والدؤوبة للدخول إلى تلافيف عقل المصريين والعرب والمسلمين، وزرع صورة نمطية إيجابية عنهم وعن كيانهم الغاصب المجرم القاتل. لن أدخل في تفاصيل الحوار، وكيفية زرع أفكار ومفاهيم وصور تخترق عقول بسطاء الناس، خصوصا في شهر رمضان حين تصير الكتابة بشكل عام عملا ذهنيا متعبا وشاقا، وليست أمرا سهلا علي الإطلاق. أحيانا نكتب فتتداعى الكلمات الواحدة تلو الأخرى في تدفق سريع رقراق لفكرة متبلورة وواضحة في ذهن الكاتب، وفي أحيان أخرى يضطر الكاتب لمطاردة فكرة تومض ثم تختفي في دهاليز عقله حتى يعثر عليها فيقعد منها موقع المتأمل الراصد قبل أن ينتقل إلى مرحلة الناقل الواصف الكاتب. في الأيام الصعبة التي نعيشها حاليا لم تعد الكتابة نوعا من الترف اليومي، بل صارت اجتراحا لأسئلة صعبة، ونكأً لجروح غائرة بعضها ينزف بشدة. مهمة الكاتب في هذه الحالة تصبح مثل الطبيب الذي يتعين عليه إجراء عملية جراحية في ظروف غير مواتية وفي غالب الأحوال في أجواء غير معقمة. هذه بالضبط هي الحالة مع مسلسل «حارة اليهود». الكتابة صارت بمداد القلب، بالدم.. بالعرق.. بالدموع.. ولا يظن أحدكم أن الكاتب المهموم بقضايا أمته ودينه وأهله وناسه يمكن أن يجلس إلى مكتبه في ذلك الركن القصي من منزله ليخرج بعد دقائق بمقال أو قصة قصيرة أو فصل في مسرحية أو رواية. الكتابة عمل إبداعي يكلف النفس مشقة البحث في أدغال الأفكار والمعاني. الكتابة تكلف النفس مشقة نحت الكلمات على صخور الواقع. الكتابة أزمة، الكتابة محنة، الكتابة أيضا عشق ولكل معشوق تكاليف، فإن قدمت «ضريبة الكتابة» من الكد والجهد والعمل وإنعام النظر وتدريب عقلك على كل تلك المهارات فسوف تتحول الكتابة من معاناة إلى لذة، وتنطلق أمام ناظريك الأفكار، وتسبح بين أصابعك الكلمات لتنتظم في عقد متلألئ من النور والضياء. الكتابة تصبح سهلة عندما يصبح للكتابة هدف، عندما تحدد هدفا وتطلق عليه سهام الكلمات وقذائف المعاني والأفكار. وقد ظلت الحقيقة الهدف الأبرز لكل الكتابات منذ أن بدأ الإنسان يدرك قيمة الكلمة ودورها في تغيير الواقع. وجاءت الأديان السماوية لتعلي من قيمتها، ففي إنجيل يوحنا: «في البدء كان الكلمة»، وفي القرآن الكريم:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم:24-25]. وفي أحوال كهذه عندما أحاول الاستشهاد بما جاء في اليهودية فإنني أدخل مباشرة باب الحيرة، بين الكتابين المقدسين لديهم، ولمن فيهما الأولوية هل للتوراة أم للتلمود؟! وبهذه المناسبة، أود القول إن الدراسات المقارنة تشير إلى أن التوراة والتلمود يؤلِّفان كتابًا واحدًا، وإلى أن مضمونهما يشكِّل القضية الأساسية المستعصية التي يسعى إلى تكريسها أحبار اليهود وزعماؤهم السياسيون، وهي أفضلية الشعب اليهودي على سائر الشعوب، ورعاية إلههم ياهو، لهم في كلِّ الأزمنة والظروف التي تستدعي تدخل «العناية الإلهية»، أي «ربوبية ياهو»، لإنقاذهم وخلاصهم. في هذين الكتابين نجد الدعوة المزعومة التي تؤكد على اختيار إله ياهو، للشعب اليهودي وتكريسهم «أبناء» له وأعوانًا له وشركاء في إدارة العالم، بالإضافة إلى ذلك نجد أن تاريخ هذا الشعب هو تاريخ ياهو، فهو يحيا معهم في تابوت العهد، يحارب معهم ويدافع عنهم، ويهزم أعداءهم، ويعلِّمهم فنون القتال، ويضع لهم الخطط الحربية التي تساعدهم على كسب المعارك والانتصار على الأعداء، ويرشدهم إلى أفضل وسائل التدمير. وهذا يعني- وفقًا للدكتورة ندرة اليازجي- أن لياهو، تاريخًا وحيدًا وخاصًّا هو تاريخ الشعب اليهودي. فإنْ هو اغترب عنهم فإنما يعني أنه اغترب عن ذاته؛ وإن هو غادرهم فإنما يعني أنه غادر أسرته أو شعبه؛ وإن هو عاقبهم فإنما يعني أنه عاقب نفسه. وهكذا لا يكون لياهو (الإله عند اليهود) تاريخ أو وجود خارج تاريخ الشعب اليهودي ووجوده. أما الشعوب الأخرى فإنها محرومة من التاريخ والوجود، أي أنها تقع خارج تاريخ الإله اليهودي!! بالمناسبة، لقد نجحوا في أن يعرف العالم كله اسم إلههم «ياهو» من خلال شركة أنتجت متصفحا على الإنترنت ومحركا للبحث!! هذه هي القوة الناعمة للدول والجماعات، ويتعين أن يقوم أحدهم بمهمة انتحارية يشرح فيها معنى تلك القوة ليسرا وإلهام شاهين وكافة «الناعمات» في فرقة السيرك القومي المصري، لصاحبها ومؤسسها عبدالفتاح السيسي. • Sharkawi.ahmed@gmail.com
اليوم نستكمل معكم بقية الحكاية التي بدأناها في خاتمة المقال السابق عن أطماع اليهود في سيناء منذ قرون طويلة، فهي بالنسبة لهم في قلب العقيدة الصهيونية، لدرجة أن تيودور هرتزل -مؤسِّس الصهيونية العالمية- أطلق عليها...
يبدو من المرجح حالياً أن أزمة سد النهضة لن تجد حلاً، وأن السد سيتم تشغيله، وأن ملء بحيرة السد سيحجب كمية كبيرة من حصة مصر في مياه النيل، لكن ماذا عن شبه جزيرة سيناء؟! يلاحظ...
السؤال الذي يتردد بكثافة في أوساط الأميركيين، وربما في أنحاء العالم في الوقت الحالي هو: هل يفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بقترة رئاسية ثانية تمتد حتى 2024؟ أم يتمكن غريمه الديمقراطي جو بايدن من هزيمته...
رغم مرور 4 أعوام ونصف العام على وفاة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الغامضة بالقاهرة، لا تزال ملابسات وظروف الوفاة غير معروفة، ويبدو أن صبر الحكومة الإيطالية نفد، وبدأت تطالب القاهرة بردود حاسمة وتوضيحات مقبولة، فقد...
من منّا لا يعرف قصة سندريلا والأقزام السبعة، كلّنا تربّينا عليها، وتعاطفنا مع السندريلا التي كان عليها أن تتقبّل قهر وظلم زوجة أبيها وبناتها المتعجرفات، حتى تأخذنا القصة للنهاية الجميلة حين تلتقي السندريلا بالأمير، فيقع...
أحد أصدقائي أوشك على الانتهاء من كتابة رواية طويلة عن أحوال المعارضة المصرية في الخارج منذ 2013م، وقد اقترحت عليه اسماً للبطل الرئيسي لروايته، وهو معارض ليبرالي يسحق الجميع من أجل مصالحه الشخصية الضيّقة. اقترحت...
عندما تغيب المنافسة العادلة أو تكون محدودة، هل يمكن أن تعرف الصحافي الجيد أو الكاتب الأكثر براعة أو الأجزل في العبارة، أو الأغزر إنتاجاً، أو الأعمق فكراً، أو الأفضل أسلوباً؟! كيف ستعرفه إذا لم تتوافر...
في جامعة القاهرة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، كنت مندفعاً في دراسة العلوم السياسية، وكنت قرأت كتاب «البرنس» لميكافيللي قبل دخول الجامعة، ولم يعجبني! دخلت في مناقشات جادة وأحياناً حادة مع أساتذة درسوا في الجامعات...
بعد المعركة الصحافية الشهيرة التي خاضتها صحيفة «بوسطن جلوب» خلال عامي 2001 و2002، والتي انتهت باستقالة الكاردينال لاو رأس الكنيسة الكاثوليكية في عموم أميركا، ترسخ اعتقاد لدى مواطني مدينة بوسطن من الكاثوليك، أن الصحيفة الأكبر...
ليالي زمن «كورونا» تمرّ بطيئة وطويلة، لكنها ليست كذلك لمن يقرأون طوال الوقت حتى يستطيعوا الكتابة الأديب المصري الفذّ مصطفى لطفي المنفلوطي، كتب في بداية القرن العشرين أن الكاتب يشبه «عربة الرشّ» وهي عربة كانت...
لا أخفي عليكم، أن الكتابة وفق مواعيد محددة مسألة مرهقة، في بعض الأحيان لا توجد فكرة واضحة للمقال، أو يصاب الكاتب بالحيرة في الاختيار بين أكثر من فكرة، وفي أحيان أخرى يقترب موعد تسليم المقال،...
الصحف الأميركية هي قلاع حقيقية تصون الحريات العامة فى البلاد، هذه حقيقة يفتخر بها الأميركيون على بقية أمم الأرض. في عالمنا العربي تختفي تلك القلاع، فيحدث أن تتجرأ النظم المستبدة على تلك الحريات، وتعصف بها...