alsharq

جيهان أبوزيد

عدد المقالات 103

فالح بن حسين الهاجري - رئيس التحرير 11 نوفمبر 2025
شراكة تتقدم نحو التنفيذ.. الدوحة تفتح مرحلة جديدة في التعاون مع كوريا
فاطمة الدوسري 12 نوفمبر 2025
تربية حريم
رأي العرب 12 نوفمبر 2025
مسيرة حافلة لـ «حقوق الإنسان»
رأي العرب 13 نوفمبر 2025
تعزيز الهوية العربية والإسلامية

تخاريف عن قصر الحمراء والكلب والخمسين مليار دولار

26 ديسمبر 2011 , 12:00ص

القصة أنها كانت تحمل كلبا صغيرا على يدها، ثم دخل إلى نفس المصعد الرجل ذو الجلباب الأبيض والشعر الأبيض. لا، أعتقد أن الكلب هو الذي كان لونه أبيض، وأن الرجل كان شعره رماديا أو ربما كان حليقا من دون شعر... والمشكلة أنني اكتشفت ضياع خمسين مليار دولار خلال هذا العام فقط. ولولا قصر الحمراء بغرناطة ما كنت مرضت. ما تبدو أنها تخاريف مرض. هي بالفعل تخاريف المرض.. فرغم أن إسبانيا التي استقبلتني أسبوعا كاملا كانت وديعة دافئة مشمسة أغلب الوقت، فإن السحب الخبيثة تسربت إلى تونس محطتي الثانية وأفردت البلاد بردا. لكن للحق فما أصابني لم يكن فقط من جراء البرد والإحباط لمرأى الحضارة العربية مجمدة على جبل عالٍ من جبال غرناطة تشهد للملك الأحمر وللعرب بمجد قديم. لقد تيقنت أن هناك خطة كانت موضوعة من قِبَل المجلس العسكري المصري لإصابتي بالمرض. بدأت الخطة بطلب سائق التاكسي الذي أقلني إلى مطار مدريد خمسة وثلاثين يورو ثمنا لتوصيلي. ورحت أنظر لتذكرتي من مدريد إلى تونس فوجدت أن ثمنها لا يزيد على ثمانين يورو. وعندما تذكرني المضيف التونسي صاحب الوجه التائه بعد ساعة من الإقلاع طلبت الجرائد ليأتيني بعد نصف ساعة أخرى بجريدة نكدية تبشرني بأننا خسرنا خمسين مليار دولار خلال مطالبتنا بإعادة بلادنا من قبضة الديكتاتورية، لم تتضمن الخمسون مليار دولار دماء من ماتوا ومن فقدوا عضوا من أعضائهم أو خرجوا مصابين بمرض مزمن. لفحة الهواء التونسية الباردة خارج باب الطائرة والأمطار التي لم تهطل في إسبانيا أكدا لي أن الفيروس الكامن في القصبة الهوائية سيزداد كمونا فمن الجنون أن يخرج في برد كهذا. صاحبني فيروسي الصدوق في لقائي بصديقتي التي قدمت لاستقبالي. لكنها وعوضا عن الابتسام في وجهي على الأقل وأنا مريضة جذبت الحقيبة من يدي وسارت أمامي تضرب الأرض غضبا. لكنها وللأمانة قالت لي في السيارة «حمدا لله على السلامة» وحين بدأت في عزف موسيقى السعال طلبت مني أن أوقفها لتروي لي عن الكلب. فالكلب لم يكن لونه أبيض تصحيحا للمعلومات المقدمة بأعلى. والرجل كان في قميص أبيض وليس في جلباب أبيض. فضلا عن أن له شعرا فضيا نظرا لتجاوزه سن السبعين. ما إن دخلت ابنتها الطفلة ذات السنوات العشر إلى المصعد حاملة كلبها الصغير الذي تلقته هدية تفوقها من والدها، إلا وتراجع للخلف الرجل ذو الشعر الفضي صارخا في وجه الطفلة قائلا «أنتم من بيت مسلم. كيفاش تحتفظوا بكلب في بيتكم. أهلك ما بيعرفوا أنها حرام؟».. ارتبكت الطفلة من لهجته القاسية وردت ببراءة «حرام كيفاش حرام. ده كلب باهي وبيلعب معانا في البلكونة». أخذ الرجل يلعن الكلب ويتوعد والدها الذي أباح لنفسه استقدام كلب في المبنى الطاهر. في خضم اشتعال نيران الثورة التونسية لم يتفرغ المتظاهرون لتلك القضايا الحساسة، ولم يحسموا متعلقات كثيرة ومن بينها حدود الحريات الفردية وظاهرة الوصاية الإجبارية باسم الدين. الرجل الكبير اشتعل غيظا حين ختمت الطفلة حوارها معه قائلة: «بردون عمو. دي مسألة شخصية ما لك فيها دخل». صديقتي الخبيثة ترى أن هناك أجيالا لم تعد قادرة عن الاستغناء عن «وصي» فإن لم يجدوا بن علي أو مبارك أو القذافي سيخترعون واحدا غيره. في مدريد وبين بعض من النخبة الأوروبية اكتشفت أن الاتحاد الأوروبي حائر وضائع فيما يقرر بشأن العرب. كنت أظن أن المعلومات الناقصة عيب عربي فقط، لكني وجدت أنه دولي بامتياز.. ما زالوا لا يعرفوننا، وما زالوا يبنون الخطط على ما يعتقدونه هم. وحين اتجهت إلى تونس وجدت أننا أيضاً في نفس المربع، مربع الحائرين.. كنا جمعا من دول الثورات من ليبيا ومصر وتونس واليمن ولم يصل أي مشارك من سوريا. ظلت النقاشات تستجدي من المستقبل بريقا يهدينا ماذا نفعل بالمفاجآت. فالدول التي خاضت انتخابات كمصر وتونس صدمتها مفاجأة الإسلام السياسي. والجماعات التي طالما اعتقدت أنها نشطة في الواقع اكتشفت حجم عزلتها. كنا جميعا حيرى في أمر لغز القوى الخفية التي تضرب في الظلام. في كل دول الثورات ظهر شبح أسود يلعب في الخفاء. سماه البعض أطرافا خارجية وربما يكون. سماه البعض بقايا النظام القديم، وهذا محتمل. وسماه البعض أعداء الشعوب وهذا أيضاً وارد.. الأخطر أن الشبح صار له مهمة رسمية ووظيفة دبلوماسية يتحمل بفضلها مسؤوليات الأعمال الغريبة والمريبة التي تحدث في مصر وتونس واليمن وآخرها سوريا التي ظهرت فيها التفجيرات الانتحارية قاعدية المظهر شبحية المضمون. حين أعلمنا قائد الطائرة بقرب هبوطها في مصر، أغلقت شاشة الكمبيوتر على صورة قصر الحمراء، القصر الذي لم يحسم سبب تسميته بعد، وهل تعود لأسرة الأحمر وهم بنو نصر الذين حكموا غرناطة بين عامي 629 و1232، أم يعود الاسم للتربة الحمراء التي تميز أراضي المنطقة.. على قصبة الحمراء -وهي القلعة التي تحمي قصر الحمراء وتسكن بأعلى نقطة على الجبل- كان هناك أعلام إسبانية وعلم للاتحاد الأوروبي. طلبت من شابة مرت أمامي أن تلتقط لي صورة من دون الأعلام، لأترك لمخيلتي البراح لتضع مكانها ما تشاء. لحظة أن ارتطمت عجلات الطائرة بالأرض كانت الأسرة المجاورة قد أتمت خطتها لحفل استقبال العام الجديد. لم يكن بأصواتهم لحن احتفال، لكنه بدا لي تصميما على الفرح رغم خفقات الألم التي تتناثر في كل مكان.

مصر حتنور تاني

إنه اللقاء بكل شغفه ولهفته وقوته وطاقته القادرة على إحياء الأمل وبعثه من باطن اليأس. إنه اللقاء.. فلم أجد لفظة أخرى تصف العيون المتلألئة ولا الخطوات المندفعة ولا تلك الحياة التي عادت تجري فكست الوجوه...

بين اللجوء والنزوح مساحة ألم

سمعت تلك الكلمة للمرة الأولى في منزلنا بينما جارتنا تأخذ قسطا من الراحة لدينا. اعتذرت عن كوب الشاي الذي أعدته أمي قائلة «لازم احضر العشا للاجئين اللي عندي». أخبرتني أمي أن «اللاجئ « مصطلح يطلق...

من الطابق التاسع رأيت خط الطباشير الأبيض

في الطابق التاسع كنت أسكن. ومن أعلى رأيت أطفال الجيران يرسمون في الشارع الإسفلتي خطا أبيض. ثم احتكروا لأنفسهم المساحة الأكبر وتركوا للطفل الأسمر وأقرانه ما تبقى. والأسمر كان في مثل عمرهم. وكذلك فريقه الذي...

في قلب القاهرة ماتت «شهرزاد»

«لقرون طويلة حكيت عني يا شهرزاد, غطى صوتك على صوتي» لكنى الآن وبدون ندم أشيعك إلى مثواك وأعلم أني لن أسبح في الفرح, لكني سأعيش بهجة غسل تراثك. وفى حضرة الحكاية علينا أن نبدأ القصة...

ثلاثة مشاهد لا يربط بينها إلا «المياه»

المشهد الأول: كان أن تحدث مرشح الرئاسة عن برنامجه الطموح لقيادة مصر في مرحلة مفصلية, واستعرض مجالات عدة ثم قال «وأما عن المياه فسوف نزيد مياه النيل بالدعاء». المشهد الثاني: صوت جهوري لرئيس الجمهورية آنذاك،...

خطاب بعلم الوصول إلى رئيس مصر

طرقة واحدة مفاجئة، ثم ضاع الضوء وانسحبت الكهرباء إلى أسلاكها وتركتنا في عتمة قاتمة، بنظرة واحدة على الشارع أدركت أننا نصفان، نصف مضيء ونصف معتم، كان جانبنا صامتا وكأن الحياة قد توقفت عنه، حارسة العقار...

وبينهن نساء عاشقات لقهوة الصباح

أعادته مرة أخرى إلى الطبق الصغير عقب الرشفة الأخيرة، ثم انتظرتْ دقائق وقَلَبَتْه فسال اللون الداكن برائحته النفاذة وتلون الخزف الأبيض. وأكملت هي حوارها تاركة لي الحيرة من أمر تلك القهوة التي تجمع جدتي بجارتنا...

أم سيد والواد شمعة وسلاح سوريا الكيماوي

أيمكن أن يصدق عاقل أن «فارس» حمل عتاده وسلاحه وسافر طويلا لكي يحمي «مالك» الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئا. البعض قال لي لا بد أن «فارس» ملاك في جسد بشر. لكن آخرين كانوا...

في اكتمالي موتي.. وبالنقصان أستعيد الحياة

كان يكفي أن أنظر للسماء لأعلم لما لا يرد شقيقي على الهاتف. متحفزا. مكتملا. باهيا. كان قرص القمر في قلب السماء. متألقا وسط النجوم. مدركا حجم ضوئه وعمق أثره. مختالا بنوره الذي يوقظ كل الصحاري...

وللنساء مع الزلازل شأن آخر

في مايو ومنذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين عاما, وقبل أن تهبط الأحلام على النائمين انفجر غضب ما من باطن الأرض فقسمها وضرب مبانيها وأهال التراب على ما يزيد على ثلاثة آلاف نسمة. يومها لم...

ولكل منا أريكته الزرقاء.. ولكل منا آذان أخرى

الشاب ذو الصوت الصادق حاصرني, كما كان لأسئلته تفرد مدهش فلم أملك إلا الانتظار, سار بي خطوات قليلة ثم أشار إلى سمكتين لونهما أزرق يتوسطان لوحة القماش المعلقة, وقال: «أتعرفين لماذا وُلدنا؟». صمت من هول...

في المطار يسألونك: أتحب الغناء والفرح!

أتصدقون أن بين وحشين كبار عاشت الغزالة الصغيرة آمنة حالمة, لكن الأهم أنها عن حق سعيدة, ثم عَنَّ لها أن تجرب الجنون, فإذا بها تعلن بصوت عال أنها في طريقها لتصدير السعادة, ولو لم أكن...