


عدد المقالات 129
لقد جاء اقتصاديون، مفكرون، سياسيون وأدباء من مختلف بقاع العالم كي يتناقشوا مع أصدقائهم في العالم العربي حول «الحرية، الكرامة والمجتمع المفتوح». طوال أربعة أيام (21-24 أبريل 2012) في مدينة فاس المغربية. لا أحد يستطيع أن يتجاهل أن رؤية الآخر لنا تغيرت. وأن أسئلة كثيرة تطرح عما ننتظره من المستقبل وما نحن قادرون على فعله من أجل وطن عربي حر. يبقى واقعنا مفتوحا على كل الاحتمالات، ومنها الرجوع إلى حقبة ديكتاتورية جديدة، تحت مسميات أخرى. لكن لا أحد يستطيع الجزم أنه ليس بإمكاننا القيام بأشياء مهمة لصالح المستقبل. إننا سنفقد الحرية والكرامة فقط لو سمحنا لديكتاتورية أخرى أن ترجع. لكن إذا كنا متيقظين بما يكفي، فلن يكون بمقدور أي ديكتاتور جديد أن يمتطي ظهورنا لفترة أخرى. هناك شبه إجماع على ذلك. ويمكننا أن نلاحظ أن الجميع يخافون الآن من الفوضى ولا يخافون من الديكتاتورية، يخافون من الأصولية ولا يخافون من أي فكر مغاير، يخافون من الجمود ولا يخافون من الدينامية والحركة. لقد عاش الشباب العربي طوال ستين سنة في ظل ديكتاتوريات تحتكر الحديث باسم الديمقراطية والحرية والعدالة والوطنية. الآن اكتشف الجميع أن ذلك زيف. علينا أن نتأكد أن الحرية هي فقط الحرية التي يتحدث عنها الأفراد. هم فقط من يعرف إن كانوا أحرارا أم لا؟ أما ما يفسره الحاكم (الحكومة) على أنه حرية فإنه في الواقع ليس إلا انعكاسا لتسلطه. فالحاكم يحب دائما أن تكون الحرية نوعا من الصمت العام، نوعا من الركود. بينما يريد الأفراد أن يكونوا أحرارا في التصرف، أحرارا في الفعل، ولا يمكن لذلك أن يتلاءم مع رؤية الحكام. في خطاب افتتاح أشغال اجتماع مون بيلران(أول اجتماع لها في العالم العربي بعد 65 سنة من تأسيسها) تحدث الرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس Vaclav Klaus عن «كيف تنهار الأنظمة وكيف نرجع إلى الحرية؟» إننا لا نرجع إلى الحرية بمجرد أن ينهار نظام. إن مقولة «الهدم أيسر من البناء» كانت رائجة منذ فترة طويلة. لكن لم يكن أي أحد يجرؤ على الهدم. لم يكن الشباب العربي متأكدين من هدم الديكتاتورية الصلبة المحروسة بالمخابرات والبوليس والعسكر والدعم الخارجي وجهلنا أيضا. إن البناء الآن أيسر بعد أن تهدم الصرح القديم. إن بناء ليبيا جديدة يجب أن يكون على أرض خالية من حكم ديكتاتور مثل القذافي. وبناء تونس حديثة وديمقراطية وتعددية لم يكن ممكنا بوجود مافيا بن علي. لم يكن أي أحد قادرا على التصرف في هاته البلدان. إن إمكانية التظاهر ونشر الأفكار في هذه البلدان في الوضع الحالي يجعله أفضل بكثير من السابق، حيث الصمت العام والرقابة والحظر. حضر شباب من معظم الأقطار العربية، يحملون مشاريع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. لقد رجعت روح المبادرة لشباب فقدوا لمدة طويلة أي أمل في المساهمة لبناء مجتمع حر. إن ذلك وحده ثورة. بعد أن كانت الهجرة الشرعية وغير الشرعية حلا وحيدا لإنقاذ الأفراد والبحث عن فرصة للعيش بكرامة في البلاد البعيدة، ها هم الآن يرجعون بمشاريع ويناضلون على طريقتهم الخاصة. هذا كله لا ينفي وجود عيوب ونواقص يجب درؤها. فمستوانا الثقافي والفكري لا يسمح ببناء مجتمع حر ديناميكي، وديمقراطية متينة. علينا جميعا أن نطور الأسس الفكرية التي ستضمن استمرارية الثورة، إذ لا تكفي ثورة واحدة لتغيير وضعنا العربي. ولا يمكننا أن نتجاهل هذه النواقص دون أن نقترف الخطيئة، التي لا تعني سوى رجوع ديكتاتورية أخرى. أينما توجهنا في الأقطار العربية فإن الشباب يجهلون مفكريهم. إذ أعلنت الديكتاتوريات الحرب على المفكرين وعلى الكتب لمدة طويلة. كيف ستفرض الصمت العام لو لم يكن ذلك؟ لم تسمح سوى بانتشار كتابات وعاظ السلاطين، ثم شيئا فشيئا فقدنا الصلة بالفكر. النتيجة هي أن أكثر الشباب حيوية فقد أية صلة له بمفكريه الكبار، فمعظم المصريين يكادون يجهلون الفيلسوف عبدالرحمن بدوي ولا يهتم أغلب العراقيين بعالم الاجتماع علي الوردي. أما الجزائريون فنسبة كبيرة منهم لم تسمع قط بمالك بن نبي وهو أحد أكبر الإصلاحيين في القرن العشرين، والأكثر وفاء لروح ابن خلدون، وأحد تلامذته المتنورين. ينبغي تجاوز هذا الوضع، إن نحن أردنا تنمية بلداننا وإرساء أسس مجتمع حر ومفتوح. علينا أن نربط الصلة بالماضي المشرق لحضارتنا والاستفادة من كل التجارب الإنسانية. إن التاريخ يسير من دوننا لكنه وكما يقول السير كارل بوبرSir Karl Popper، وهو أول من استعمل مفهوم «المجتمع المفتوح» في كتابه «المجتمع المفتوح وأعداؤه» (1945) «إن التاريخ يضعنا دائما أمام ثورة غير منتظرة أو غير متوقعة». ويقول أيضا في كتابه «خلاصة القرن» (1993): «إننا كبشر لسنا في المستوى الذي يسمح لنا بالتنبؤ بالمستقبل، إننا نتابع الاتجاه فقط ولكن علينا ببساطة أن نتحرك وأن نحاول جعل الأشياء أفضل وأحسن، فاللحظة الحاضرة هي اللحظة التي انتهى فيها التاريخ». لا شك أن القطيعة مع هذا التاريخ البائس، تستوجب التفكير في أجوبة لأسئلة آنية تفرضها اللحظة التاريخية من قبيل: هل نحن مستعدون أن نجعل اختراعات المستبد العربي خلفنا؟ ألسنا في حاجة لأن ننهي تاريخ الديكتاتورية؟ ألا يجب علينا أن نتخلص من أساليبها وأن نسترجع روح المبادرة؟ ألا تنتظرنا أشياء كثيرة، لكنها ليست مستحيلة؟ ألا يجب أن نتولى صنع مستقبلنا وأن نسلك جميع السبل كي نجعله حرا؟ • ينشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»
مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...
كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...
درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...
لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...
بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...
قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...
.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...
باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...
لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...
في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...
يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...
هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...