alsharq

جيهان أبوزيد

عدد المقالات 103

فالح بن حسين الهاجري - رئيس التحرير 11 نوفمبر 2025
شراكة تتقدم نحو التنفيذ.. الدوحة تفتح مرحلة جديدة في التعاون مع كوريا
رأي العرب 09 نوفمبر 2025
«بكم تعلو.. ومنكم تنتظر»
ناصر المحمدي 10 نوفمبر 2025
منظومة متكاملة
هند المهندي 09 نوفمبر 2025
قطر تتحدث بلغة المستقبل

مصعد يبلغ السماء.. وسيدة على ربوة خضراء

26 مارس 2012 , 12:00ص

كنا معا في المصعد، تبادلنا الكلمات المعتادة، ثم تركتني أتأمل وجهها الأسمر النيلي البشوش، وانشغلت بالضوء الذي أخذ في الحضور كلما ارتفعنا لأعلى، كنا قد بلغنا الطابق العاشر، وفي الثالث عشر كشف النهار عن نفسه بوضوح عبر السقف الزجاجي للمصعد، فرفعت رأسها لأعلى مبهورة بدفقة الضوء وألقت بسؤالها المؤرق: - من أين يأتي النور؟ لم تقبل الصغيرة ردي حين أشرت إلى الشمس، واستدارت نحوي قبل أن تغلق باب منزلها وقالت: - لا، فيه نور تاني. كنت قد قرأت عن «هالة» النور التي تحيط بنا نحن البشر كما كل الكائنات، إنها أشبه برداء مضيء حول الجسد، ووجد العلماء أنها ليست شيئا خياليا أو حلما صاغه شاعر أو فنان، فقد أمكن تصويرها كما يصور الأطباء مرضاهم بأشعة «إكس»، وفي الصورة وجدوا أن الهالة تنتشر على بعد قدم حول جسد الإنسان وتشع بالألوان المضيئة إذا كان الشخص سليما معافى. البعض عرف «الهالة» بأنها مجال طاقة يحيط بنا له شكل إطار بيضاوي يسمى (Aura). وترجع فكرة تواجد سحابة طاقة أو هالة تحيط بالإنسان إلى أزمنة بعيدة، فقد صور الفنانون القدماء الرجال المقدسين وقد أحاط بهم إطار مضيء، وذلك قبل أن ترسم الهالة التي تحيط برأس السيد المسيح ورؤوس القديسين في الرسوم المسيحية، وكان قدماء الصينيين يصفونها عندما كانوا يقولون بأن صورة واحدة خير من ألف كلمة، في حين ترك قدماء المصريين رسومات عن الهالة في آثارهم، وقد وصفها الذين رأوها بأنها عبارة عن شكل دائم التغير ومختلفة الألوان ولها طبيعة رقيقة. وقبل أن أجري نحو الصغيرة لعرض اجتهادي، تذكرت ذلك الضوء الذي انفجر في السماء مساء يوم في العام الماضي رقصت فيه نساء ورجال مصر وأطفالها وشيوخها في الشوارع، وغرقوا في فرحة نادرة اقتنصوها من فم نظام كتب عليهم الحزن والإحباط، فإذا بفرحتهم هادرة أيقظت الظلام من نومه فلم يجد بدا سوى أن ينسحب ليترك للأنوار مكانه العليائي، ويسطع النور باهرا في منتصف الليل بدون شمس ولا قمر، كان نورا خارجا من قلب الفرح. وفي العام الماضي حدث أن ذهبت إلى بقعة جبلية خضراء جنوب مدينة فاس المغربية، حيث كان الجمال ساكنا والهدوء مقيما إقامة أبدية، والنساء في ملابس بدوية تتلألأ عليها الشمس فيصحو العيد. مرت السيارة على نفر قليل يتحركون بين المنازل البسيطة المترامية على الجبل، لكن مشهد السيدة الواقفة على ربوة عالية ظل عالقا في ذاكرتي، كانت شامخة في ردائها الملون مفرودة القامة، وكانت الوحيدة التي ردت علينا حين رفعنا أيدينا تحية. ظلت تتبعنا بنظرها وحين استدرت أودعها كانت الشمس تسقط عموديا عليها فبدت كضوء ملون وسط بقعة خضراء بلا نهاية، وهناك رأيت الضوء حيا. وكنت حتى ذلك الحين أحصر الضوء في الشمس وأبنائها الصغار من الشموع وأعمدة الإنارة المترامية في شوارع البلاد، لكني ومع تراجع الشمس عن السماء وفي رحلة عودتها للمبيت رأيت الضوء يتكسر راسما قوس قزح باهر الألوان مزينا السماء بلوحة نادرة. وكما الكثيرين درست في مادة ما في علم ما لم يبق منه شيء في رأسي أن للشمس ألوانا. لكن جبال فاس علمتني أن تلك الألوان هي موجات ذات أطوال متباينة، ينتج عنها ما نراه في السماء من ضوء ملون بالأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي. ومع أن الضوء كان حاضرا معنا بتواضع فإن هذا الضوء يحتاج إلى مئات آلاف أو حتى ملايين السنين للسفر من نجم أو مجرة للوصول إلى الأرض. والضوء يشبه الصوت. يمكن أن يكون ضعيفا جدا فلا نراه أو قويا للغاية فلا نتعرف عليه، فكما أن هناك أصواتا لا نستطيع سماعها لأن الاهتزاز يكون أعلى كثيرا أو أضعف من قدرة آذاننا على التقاطها. هناك أيضا ألوان يكون اهتزازها أعلى من حاسة بصرنا أو منخفضا عنها. كنت أعيد على نفسي ما جمعت عن الضوء لأنقله لجارتي الصغيرة، لكني توقفت حين رأيت صديقتي الطبيبة تخرج من محل خباز قريب لميدان التحرير شهد الثورة وأنقذنا من الجوع حين كان الحصول على قطعة خبز محشوة بالفول يكلف ثلاثة ساعات. ما أن ابتعدت خطوات حتى اقترب منها طفل صغير سألها بعض قطع مما تحمل، قدمت للطفل نصف ما معها، واستدارت بعد لحظات لتجده يوزع ما حصل عليه مع أطفال آخرين. كانت اللقيمات الصغيرة تدور بينهم في سلاسة وحنان. وإذا بهم مغمورون بضوء أظنه كان الحب. أضفت للصغيرة ضوءا جديدا بالإضافة لما جمعت حين استعدت ذلك الضوء الذي غشي بصري يوم أفقت من غيبوبة خرجت منها بلقب أم. رأيت نورا يقترب مني حتى ظننت أني ما زلت في غرفة العمليات. كان هائلا وناعما. ثم رأيتها في الوسط. حين أفقت ولم أكن قد عرفت نوع المولود بعد قلت لمن حولي: أنا أمّ لبنت، لقد رأيتها نورا، كان شبيها بذلك النور الذي ظل متصلا بين امرأة ورجل كانا يجلسان متقابلين أمام فنجاني قهوة. حتى اقترب منهما موظف المطار متحرجا ليتجها للطائرة. قاما متشابكين الأيدي وما زال الضوء يتبعهما. في الصباح الباكر وحين التقت بها مجددا، نادتني لأقترب منها، وطبعت قبلة صغيرة على وجنتي وأخرجت كارت صنعته لي، مشغول بدقة وفي منتصفة كتبت بخط جميل «كل سنة وأنت طيبة». - قلت لها: أهناك عيد ميلاد؟ - قالت: إنه عيد ميلاد النور..

مصر حتنور تاني

إنه اللقاء بكل شغفه ولهفته وقوته وطاقته القادرة على إحياء الأمل وبعثه من باطن اليأس. إنه اللقاء.. فلم أجد لفظة أخرى تصف العيون المتلألئة ولا الخطوات المندفعة ولا تلك الحياة التي عادت تجري فكست الوجوه...

بين اللجوء والنزوح مساحة ألم

سمعت تلك الكلمة للمرة الأولى في منزلنا بينما جارتنا تأخذ قسطا من الراحة لدينا. اعتذرت عن كوب الشاي الذي أعدته أمي قائلة «لازم احضر العشا للاجئين اللي عندي». أخبرتني أمي أن «اللاجئ « مصطلح يطلق...

من الطابق التاسع رأيت خط الطباشير الأبيض

في الطابق التاسع كنت أسكن. ومن أعلى رأيت أطفال الجيران يرسمون في الشارع الإسفلتي خطا أبيض. ثم احتكروا لأنفسهم المساحة الأكبر وتركوا للطفل الأسمر وأقرانه ما تبقى. والأسمر كان في مثل عمرهم. وكذلك فريقه الذي...

في قلب القاهرة ماتت «شهرزاد»

«لقرون طويلة حكيت عني يا شهرزاد, غطى صوتك على صوتي» لكنى الآن وبدون ندم أشيعك إلى مثواك وأعلم أني لن أسبح في الفرح, لكني سأعيش بهجة غسل تراثك. وفى حضرة الحكاية علينا أن نبدأ القصة...

ثلاثة مشاهد لا يربط بينها إلا «المياه»

المشهد الأول: كان أن تحدث مرشح الرئاسة عن برنامجه الطموح لقيادة مصر في مرحلة مفصلية, واستعرض مجالات عدة ثم قال «وأما عن المياه فسوف نزيد مياه النيل بالدعاء». المشهد الثاني: صوت جهوري لرئيس الجمهورية آنذاك،...

خطاب بعلم الوصول إلى رئيس مصر

طرقة واحدة مفاجئة، ثم ضاع الضوء وانسحبت الكهرباء إلى أسلاكها وتركتنا في عتمة قاتمة، بنظرة واحدة على الشارع أدركت أننا نصفان، نصف مضيء ونصف معتم، كان جانبنا صامتا وكأن الحياة قد توقفت عنه، حارسة العقار...

وبينهن نساء عاشقات لقهوة الصباح

أعادته مرة أخرى إلى الطبق الصغير عقب الرشفة الأخيرة، ثم انتظرتْ دقائق وقَلَبَتْه فسال اللون الداكن برائحته النفاذة وتلون الخزف الأبيض. وأكملت هي حوارها تاركة لي الحيرة من أمر تلك القهوة التي تجمع جدتي بجارتنا...

أم سيد والواد شمعة وسلاح سوريا الكيماوي

أيمكن أن يصدق عاقل أن «فارس» حمل عتاده وسلاحه وسافر طويلا لكي يحمي «مالك» الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئا. البعض قال لي لا بد أن «فارس» ملاك في جسد بشر. لكن آخرين كانوا...

في اكتمالي موتي.. وبالنقصان أستعيد الحياة

كان يكفي أن أنظر للسماء لأعلم لما لا يرد شقيقي على الهاتف. متحفزا. مكتملا. باهيا. كان قرص القمر في قلب السماء. متألقا وسط النجوم. مدركا حجم ضوئه وعمق أثره. مختالا بنوره الذي يوقظ كل الصحاري...

وللنساء مع الزلازل شأن آخر

في مايو ومنذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين عاما, وقبل أن تهبط الأحلام على النائمين انفجر غضب ما من باطن الأرض فقسمها وضرب مبانيها وأهال التراب على ما يزيد على ثلاثة آلاف نسمة. يومها لم...

ولكل منا أريكته الزرقاء.. ولكل منا آذان أخرى

الشاب ذو الصوت الصادق حاصرني, كما كان لأسئلته تفرد مدهش فلم أملك إلا الانتظار, سار بي خطوات قليلة ثم أشار إلى سمكتين لونهما أزرق يتوسطان لوحة القماش المعلقة, وقال: «أتعرفين لماذا وُلدنا؟». صمت من هول...

في المطار يسألونك: أتحب الغناء والفرح!

أتصدقون أن بين وحشين كبار عاشت الغزالة الصغيرة آمنة حالمة, لكن الأهم أنها عن حق سعيدة, ثم عَنَّ لها أن تجرب الجنون, فإذا بها تعلن بصوت عال أنها في طريقها لتصدير السعادة, ولو لم أكن...