


عدد المقالات 604
هناك فرق بين الإرادة السياسية للقيادات في روانداومصر للرغبة الأساسية في النهوض بالبلاد؛ بلد خرج من حرب أهلية طاحنة أخذت طابعاً قبلياً ولكنه استطاع تجاوز الأزمة، بينما كل الأنظمة في مصر تبحث عن «شماعات»؛ تارة «الحروب» رغم أن آخر حرب خاصتها مصر كانت في أكتوبر 1973، وتارة أخرى «الإرهاب» وكثير من دول العام تعاني من هذه الظاهرة، والشماعة الدائمة «المؤامرات الكونية» التي تتعرّض لها مصر، دون الإقرار بمسؤولية الطبقة الحاكمة عما وصل إليه الشعب المصري، الذي يشهد تراجعاً غير مسبوق في مستوى معيشته وفي توفير احتياجاته الحياتية. ويكفي أن نتوقف عند إجراء واحد أقدم عليه الرئيس الرواندي بول كاغام، وهو تخفيض رواتب كبار المسؤولين والوزراء بنسبة 20%، بما فيها راتب رئيس الجمهورية، كما تم إقرار التصريح بالممتلكات لكل المسؤولين الروانديين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية؛ ما مكّن الدولة من ضخ أموال مهمة في ميزانيتها، مكّنتها من تطوير البنية التحتية، ووضع برامج محاربة الفقر. ومثل هذه الأمور من المستحيلات في مصر. ونستمر في المقارنات، فيكفي -على سبيل المثال- التوقف عند تجربة رواندا في جذب الاستثمارات، حيث أصبحت قبلة حقيقية للعديد من المستثمرين الكبار، بعد أن وفّرت مناخاً آمناً للاستثمار، حيث يتم إشهار أكثر من 10 آلاف شركة سنوياً، علماً بأن إنشاء شركة لا يتطلب سوى ملء استمارة على موقع إلكتروني، واصطحاب بطاقة تعريف، وتحديد اسم الشركة. وتُعدّ إجراءات إنشاء شركة في رواندا الأسهل في إفريقيا، كما أنها تتسم بالبساطة، علماً بأنها خدمة للمواطنين كما هو الحال بالنسبة للأجانب الذين يُعدّون بالآلاف، بعد أن تم إنشاء جهاز إداري يُطلق عليه «مجلس التنمية الاقتصادية» شبيه بنظيره السنغافوري، يرفع شعار «خلق شركة في أقل من خمس ساعات» من خلال شباك واحد وتقليل عدد الوثائق المطلوبة. وكان من الطبيعي أن تأتي في المرتبة 56 عالمياً والثانية إفريقياً من حيث سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، وفقاً لإحصائيات البنك الدولي، بعد أن تقلّص الوقت اللازم لإنشاء أي نشاط تجاري فيها من 43 يوماً إلى 4 أيام فقط، والنتيجة تصدُّرها عام 2016 الدول الإفريقية في استقطاب رجال الأعمال. أما الوضع في مصر، فهو مأساوي بشكل غير مسبوق، والشعار المرفوع دائماً ومنذ عشرات السنين -ولم يتم تفعليه، أو يؤتي ثماره- هو «إزالة العقبات أمام الاستثمار». سمعناه آلاف المرات في مناسبات مختلفة؛ في عهد السادات، ومبارك، والنظام الحالي؛ فقد ظل شعاراً غير قابل للتنفيذ، في ظل العديد من المعوقات، منها: الروتين، والبيروقراطية، ومحدودية الحوافز، والفساد، وأمور أخرى عديدة. ويكفي أن مصر تناقش منذ مدة ليست قصيرة إقرار قانون موحّد للاستثمار. ورغم الإمكانات الضخمة في مصر، يكفي أن نعرف أنها تحتل المرتبة السادسة إفريقياً، حسب مؤشر ريادة الأعمال العالمي لعام 2018، حيث بلغ معدل توافر بيئة صالحة للأعمال والاستثمارات 25.9%، بينما احتلت رواندا المرتبة الثامنة بمعدل 21.5%، والفرق كما يبدو بسيطاً جداً، وتحتل رواندا صدارة المقدمة إفريقيا من حيث معدل النمو الاقتصادي في العام الماضي، والذي وصل إلى نحو 7.2% حسب إحصاءات صندوق النقد الدولي. وفي الوقت الذي تقوم فيه مصر بتهميش العاصمة التاريخية القاهرة -وعمرها أكثر من ألف عام- لحساب كتل إسمنتية في عاصمة جديدة ما زالت تبحث عن اسم تم ضخ المليارات فيها، دون أي اهتمام بالعاصمة الأم، وكانت تلك المليارات كافية لإحداث قفزة اقتصادية غير مسبوقة في البلاد لو استُثمرت في مجالات تخلق فرص عمل حقيقة ودائمة ومستمرة.. بالتوازي مع ذلك، تقوم الحكومة الرواندية بجهد كبير في العاصمة كيجالي، حيث اختارتها الأمم المتحدة المدينة الأجمل في إفريقيا لعام 2015، كما أنها أول مدينة في إفريقيا تُمنح جائزة «زخرفة المساكن»، مع «جائزة شرف» لاهتمامها بالنظافة والأمن، والمحافظة على نظام المدينة النموذجية. وعندما نكون أمام شعب شعاره «الحرية والعمل والتقدم» كما هو الحال في رواندا، فنحن أمام تجربة متميّزة ونموذج يُحتذى به لنظام امتلك الإرادة السياسية في تغيير وجه الحياة في بلده، وفي زمن قياسي، بعيداً عن الشعارات وإشاعة أجواء من الأوهام الزائفة؛ بلد اختار التنمية في البشر، بينما مصر اختارت التنمية في الحجر دون اهتمام بالإنسان وهو محور التنمية.
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...