


عدد المقالات 283
بعد أسبوعين بالكاد من خلخلة حركة «النهضة» بقوله «أردنا جلب النهضة لخانة المدنية، لكن يبدو أننا أخطأنا التقييم».. انتقل الرئيس التونسي التسعيني من اليمين، ليختار عدواً جديداً في اليسار، حدده في شخص الناطق الرسمي باسم «الجبهة الشعبية» الزعيم اليساري التاريخي حمة الهمامي، الذي كان وصف قصر الرئاسة في تونس بأنه «وكر للثورة المضادة».. فجاءه الجواب على لسان الباجي قائد السبسي فوراً: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا..».. ثم لم يظهر صباح اليوم الموالي لمقولة الرئيس في حديث تلفزيوني أجاب خلاله على اتهام الهمامي له، حتى ذهبت في الناس فذلكة «صباح الخير أيها الفاسق».. وأصبحت الآية الكريمة الأكثر حفظاً بين التونسيين! هكذا الباجي قائد السبسي يختار حلفاءه وخصومه السياسيين بنفس البساطة.. يضربهم ببعض، ويخرج سالماً إلى حين... والفاسق هو كل من فعل حراماً أو ترك واجباً، فهو غير العادل. فمعنى الفسق في المصطلح الشرعي، هو خروج الإنسان عن حدود الشرع، وانتهاك قوانينه بالسيئات وارتكاب المحرمات، وهي الكبائر أو الإصرار على الصغائر. وأعظم الفسق الخروج الكلي بالكفر ثم البدعة ثم الكبائر»... ضمن هذا التوصيف وجد زعيم اليسار التونسي حمة الهمامي نفسه، فكان أقصى ما أسعفه به علمه أن رد عبر تلفزيون «فرنسا 24» بأن الباجي قائد السبسي «لا يستطيع أن يكون ديمقراطياً، لأنه عاش عمره تحت الديكتاتورية».. متناسياً ألا أحد في تونس أو في محيطها قد عاش في البلدان الاسكندنافية.. بدليل أنه ولفيف من المعارضين «التاريخيين» لم يتخلوا أبداً منذ 30 عاماً عن كراسيهم في المعارضة، وهي التي لا تقل راحة ورفاهة عن كراسي الحكام «الاستبداديين»..! لسنا في وارد هذا الأمر الآن، فالتاريخ كفيل بتوثيق أن الحكم والمعارضة في العالم العربي سليلان لنفس العائلة غير الديمقراطية، وعلاقة الاثنين مع الديمقراطية مثل علاقة السلك الدبلوماسي بالسلك الكهربائي... لكن اللافت للنظر أكثر هو انتقال الباجي قائد السبسي من نقد اليمين التونسي إلى نقد يساره بنفس الجسارة، واضعاً نفسه في الوسط الذي يستحث نحوه جميع «الفسقة» الخارجين عن «قشر الرطب» التونسي... وفي حين شربت «النهضة» مر «أخطأنا التقييم»، وأشاد بيانها الرسمي بـ»حكمة الرئيس»، لم تمض سويعات على نعت زعيم اليسار بـ»الفاسق» حتى أعلن عبيد البريكي أحد أقطابه عن مبادرة «حزب يساري موسع»، وقال المنجي الرحوي، وهو القيادي اليساري رفيق حمة الهمامي، إنه لا يراه رئيساً لتونس.. ومعنى ذلك حراك قادم في اليمين وفي اليسار التونسي، لا مناص منه إلا إذا تحالف اليمين واليسار ضد وسط الباجي قائد السبسي، كخطين متوازيين لا يلتقيان إلا بإذن الله، وإذا حدث فلا حول ولا قوة إلا بالله.. وهو ما يعلمه قائد السبسي يقيناً كخريج مدرسة ستينيات القرن الماضي التي تتحدى «فتوات» سنة 2011 في عقر دار «الثورة» بدون شتم المستقبل..!
كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...
بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...
لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...
كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...
رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...
في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...
كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...
عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...
تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...
كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...
خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...
من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...