عدد المقالات 166
يتصور الناس واهمين، أن الانتماء لبلد ما، يستوجب الذهاب إلى ضابط الهجرة والجوازات، والتوقيع على الأوراق الخاصة بجواز السفر الجديد، الممغنط، وإحداث التغيير المطلوب في خانة الجنسية، هنا فقط، تصبح مواطنا كامل الدسم والامتيازات، ويحق لك التوجه لأقرب بنك وطني، للحصول على القرض الشخصي المطلوب، أما ما دون ذلك، أو فوقه، فلست إلا دودة زائدة في جسد هذا الوطن، أو ورقة صفراء يابسة، عالقة فوق أغصان أشجاره، سقوطها أو بقاؤها، مسألة لا معنى لها إطلاقا. يتصور الناس واهمين، أن الأوطان ملابس، مجرد ثياب بالية، يخلعها المرء متى شاء، وكيفما شاء، يستبدل الكُمَّ الأطول بالأقصر، والأقصر بالأطول، ويُخِلُّ بمعادلة الأزرار الرسمية، يسقط زِرًّا أو يضيف آخر، المهم أن يخلع عن كاهله العنوان السابق، ويعلن عنوانه الجديد، هكذا وبكل بساطة، أصبحت الآن أنتمي للشارع الثاني، وأستوطن الجادة الخامسة، والحبال التي كانت تشد وثاقي لترابي تقطعت، حبلاً حبلا. يتصور الناس واهمين، أن الأوطان مجرد كلمات في مواقع التواصل الاجتماعي، تهاجم تارة، وتدافع تارة، تبدأ الحملة الفلانية عند الصباح، وتختم بحملة المساء، وأنها، وطنيتهم المزعومة، رهينة الوسم الأمني، الذي يقرر الجندي المناوب إطلاقه في ساعة الصفر المطلوبة، بعد أن قرر الجندي الثقافي شكله وعنوانه ومضامينه وأهدافه، وبذلك، تكون الأبجدية ميدانا للتنافس الوطني، من أكثر بذاءة، وأكثر شراسة، وأكثر إنتاجا للكلمات الوطنية، وكم عدوا مستهدفا أصبت، وكم خصما أرديت، وكم قيمة هدمت، وهكذا، حتى يصل المنسوب الوطني إلى أعلاه، فنجرد في نهاية اليوم –بالكلمات– قتلانا ومن معنا ومن يقف ضدنا. يتصور الناس واهمين، أن الأوطان مزايا، فيعدد ابن القبيلة امتيازاته الوطنية عند ابن القبيلة الآخر، سيئ الحظ، والذي كان نصيبه خلف شريط الامتيازات الأكثر والأوفر، بمزايا أقل، وفرص أدنى، ويحدث النقاش الوطني التالي: كم مترا مربعا تمنحك المشيخة الوطنية؟ وكم من الدنانير الذهبية تنال مقابل الذود عن حماها؟ وماذا لو قررت تغيير العنوان والذود عن حمى المشيخة المقابلة؟ وهكذا، جدال مُحاسبي حول العائد المتوقع من كل وطن تختاره، أو يختارك لتكون عضوا فيه، بالحظ، أو بغرض النكاية، أو في خضم التنافس للتباهي وعرض الرعايا! يتصور الناس واهمين، أن القبيلة وطن، وأن المذهب وطن، وأن الامتيازات وطن، وأن الطبقة الني ينتمون لها وطن، وأن أوراق الثبوتية وطن، وأن صورة حاكمهم وطن، ولا يملك أحدا منازعتهم على تصوراتهم وأوهامهم وخيالاتهم مهما شطت، لكنهم لا يتركون لك هامشا للمناورة، ولا يقبلون بتصور مختلف لك عن كل ما يرسمونه من أوطان، ولا يسمحون لك بالتغريد خارج أسرابهم، ولا يتفهمون خيالك، أحلامك، أوهامك حتى، وكل ما هو مطلوب أن تجيب عن استفساراتهم، وانشغالهم الدائم فيك، أن لا تخرج لحظة عن حصارهم، وأطماعهم، وأن تحدد انتمائك لامتيازاتهم، وتتشابه أوراقك مع أوراقهم، أن تكون نسخة مكررة مملة منهم، ولا شيء غير ذلك.
تقود المملكة اليوم حرباً مصيرية، ويتوقف على نتائج هذه الحرب مستقبل البلاد ودورها وشكل المنطقة العربية برمتها، ولا أعني بالحرب عملية عاصفة الحزم في اليمن، فهذه معركة واحدة من معاركنا الكثيرة المنتظرة في المنطقة، والتي...
هناك كلام كثير يقال في هذه الظروف، لكن وقبل كل شيء، توجيه التحية لقيادتنا السعودية يظل واجبا وضروريا في هذه الأيام، ما فعلته هو إعادة البوصلة للاتجاه الصحيح على صعيد السياسة الخارجية، ليس في عاصفة...
لا يمكننا تجاهل إيران ودورها في المحيط، باتت الجارة ضيفا ثقيلا على شؤوننا اليومية، وبعد أن كان القلق افتراضيا من دورها ونفوذها، استطاعت أياديها الممتدة إلى بلادنا، الواحدَ تلو الآخر، أن تقلب الافتراض إلى حقيقة...
جملة الرثاء لا تكتمل، ثمة ما يفرق كلماتها، ويشتت شملها، لا تقدر الواحدة منها أن تقف في وجه الأخرى، كيف لاجتماع بغرض تأبين الشيخ المناضل، والإقرار برحيله، أن يتم! لا أجدني متفقا على طول الخط...
لو وضعت خارطة مصر والعالم العربي، أمام مجموعة من طلاب السنة الأولى في قسم العلوم السياسية، في جامعة بعيدة لا يفهم أهلها أوضاعنا، ثم قدمت لهم شرحا مبسطا لتاريخ الصراعات وطبيعة العلاقات بين الدول في...
موضوع هذه القناة مثير للغاية، ويفتح نقاشات لا حصر لها، ليس عن القناة وظروف إغلاقها فقط، بل حول مجمل فكرة الإعلام في عالمنا العربي، وكيف يفهم الناس هذه المسألة ويتفاعلون معها، خذ على سبيل المثال...
في العلاقات الدولية، ثمة قواعد وأسس كثيرة تنظم العلاقة بين الدول، وأهمها قاعدة التعاون الدولي بين الجميع، فهذه الوحدات القريبة من بعضها والبعيدة، تتعاون على أساس سياسي أو اقتصادي أو ديني أو قومي، وفي حالات...
يستغرب المرء من تغير الأحوال، وبعد أن كانت اللغة التي تتعلق بالمملكة في وسائل الإعلام المصرية، لغة المحبة والود والتبجيل غير المحدود، تغيرت، وأصبحنا أمام نبرة تهديد مبطن، وقل ود ظاهر، في تحول لا تخطئه...
بعد ساعات من وفاة الملك عبدالله رحمه الله، بات واضحاً لدى السعوديين والعالم، أن ما كان يطرحه مغردون مجهولون من سيناريوهات كارثية سيتعرض لها النظام لم تكن صحيحة، التحليلات والأمنيات التي كانت تقدم على شكل...
في عام 2007، عادت جريدة «العرب» القطرية للحياة الصحافية مرة أخرى بعد توقفها عن الصدور منتصف التسعينيات، وقد كانت أول صحيفة يومية تصدر في قطر عام 1972، وتشرفت بعد انطلاقة الجريدة بكتابة زاوية أسبوعية في...
من الواضح أن القلق من داعش وصل الجميع، الأنظمة والناس على حد سواء، ولا أحد يلام على الخوف من هذه الظاهرة، فهي عنيفة وشاذة ومدمرة من دون أدنى شك، بل إن مزاحمة الأنظمة لها في...
في لحظة جنون، من لحظات جنونه الذي لم ينقطع إلا بموته، استنكر القذافي القواعد المتعارف عليها في لعبة كرة القدم، كان يستغرب وجود كرة واحدة بين أحد عشر لاعبا من كل فريق، ووجود الجمهور متفرجا...