عدد المقالات 41
إن أشد ساعات العسر بالإنسان الإحساس بالظلم، واتهامه بشيء هو منه براء، غير أنه لا يستطيع إثبات براءته، وبيان حجته، وتوضيح حجته، حينها يكون غريقاً يريد أن يتشبث ولو «بقشة» كما يقول المصريون. ذلك ما حدث لامرأة في عهد سيدنا عثمان بن عفان، تلك المرأة التي واجهت عسراً شديداً، فقد جاءت بولد بعد حملها ستة أشهر، في سابقة هي الأولى من نوعها عند العرب الذين تعارفوا أن يكون الحمل من سبعة أشهر، وبانت الآيات واضحات على أن ولد هذه المرأة من سفاح وليس من نكاح. وهم سيدنا عثمان بتطبيق حد الرجم على هذه المرأة، ولنا أن نتخيل العسر الذي لحق بهذه المرأة؛ فهي من بيئة عربية مسلمة تقدس الشرف وتحمي العرض، ثم هي تتهم في أغلى ما تملك، وستخسر من بعد حياتها ومن قبل تظل سيرتها على كل لسان. وسيطارد العار أهلها حتى تضيق عليهم الأرض بما رحبت. تلك الأزمة الشديدة والمرأة فيها على شفا جرف هار من الموت، يبعث الله سيدنا علي بن أبي طالب منقذاً لها بحسن فهمه، ليقول لهم إن هذه المرأة بريئة وإن ولدها من نكاح ليس من سفاح، وأظهر للبشرية أن الصحابة لم يكونوا حفظة للقرآن والسنة فقط بل لهم دراية بمعانيه وأحكامه يستنبطون منها الأحكام لتكون آراؤهم من بعد حجة يؤخذ بها في الإفتاء. لقد نظر سيدنا علي في القرآن الكريم نظرة الفاحص المدقق، ليجمع نصوص القرآن بجوار بعضها مستنبطاً منه حكم البراءة لهذه المسكينة، فقرأ قوله تعالى: (وفصاله في عامين) ثم وضع إلى جوار هذه الآية قوله تعالى: وحمله وفصاله ثلاثون شهراً، ثم قام بعملية حسابية بأن طرح أربعاً وعشرين شهراً من ثلاثين عاماً، ليظهر أن أقل الحمل ستة أشهر، وتخرج المرأة مرفوعة الرأس وضاءة الجبين، طاهرة الذيل، وترد إليها روحها متنفسة الصعداء عائدة إلى زوجها، ومخلدة ذكرها في التاريخ آية صدق على ما جاء في القرآن الكريم، ليكون مع عسرها يسراً. إن حال أمتنا الآن في عسر شديد؛ فكثير منهم يأخذون بحرفية نصوص القرآن والسنة، غير عالم باللغة والبلاغة وأدوات الفهم والاستنباط عند العلماء ليفرضوا على الناس من بعد سلوكاً باسم الدين وما هو من الدين، (ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله، ويقولون على الله الكذب من حيث يعلمون) أو لا يعلمون، وأذكر في هذا المقام أن أحدهم قرأ حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (نهى رسول الله عن الحِلَق يوم الجمعة) والمقصود بالحديث أن الرسول ينهى أن يجلس الناس والإمام يخطب في حلقات ذكر غير معطين وجههم للإمام، فتخرج الخطبة عن هدفها المنشود، من اجتماع الناس على كلمة الإمام مرة كل أسبوع. لكن صاحبنا قرأها (الحلق) بفتح الحاء وتسكين اللام، وفهمها على أنها الحلاقة، فعاث في الأرض فساداً، آمراً الحلاقين أن يغلقوا محلاتهم، ولا يحلقوا للناس في يوم الجمعة لأن الرسول نهى عن ذلك، وذلك عسر فهم ابتليت به الأمة، فهل لنا أن نعيد قراءة النصوص الشرعية حتى لا تضل الأفهام وتزل الأقدام، وتصبح حياة الناس عسراً، والله جعلها يسراً؛ لأنه قال: (إن مع العسر يسراً).
رمضان تستلزمه مفردات مثل الفطور والسحور والإمساك والاعتكاف والصوم، وغيرها من مفردات جاء ذكرها في معاجم اللغة التي حاولت على مرّ العصور أن تؤرخ لمفردات اللغة العربية، فجاءت جميعا بينها قدر من الاشتراك في توارد...
لطيفة اليومِ عن قولِه تعالى: «قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)» الأنعام. في هذه الآية لاحظَ المفسرون أنها خُتِمَتْ بقولِه: «وَأَنَا أَوَّلُ...
في سورة الضحى نقرأ: «والضحى والليل إذا سجى» لماذا اختار الله لفظ «سجى» وما معناها؟ وما الفرق بين هذه الآية وقوله تعالى: «والليل إذا يغشى»، وقوله تعالى: «والليل إذا يسرِ»؟ هذه اللطيفة كي نفهمها علينا...
لطيفة اليوم ننقلها لكم من حديث القرآن عن الجنة. نرى فيها مشهداً صوّره القرآن أجمل تصوير. إنه مشهد أهل الجنة حين يطوف عليهم الولدان والغلمان بالأكواب والأباريق، غلمان كأنهم لؤلؤ مكنون، وولدان إذا رأيتهم حسبتهم...
من المواطن المتشابهة في القرآن الكريم، وصف اليوم بأنه عقيم أو عبوس أو ثقيل. وحول هذه المواطن يكون هذا المقال. فأما وصف اليوم بالعقيم، فجاء في قول الله تعالى: (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) [الحج:...
** اليومَ نتأملُ سورتين منَ القرآنِ نزلتَا معًا.. سورتانِ قال عنهما رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "أُنْزِلَتْ عَليَّ اللَّيْلَة آيَاتٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُنَّ قَطُّ: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ". ولهذا سُميتِ...
من المتشابهات القرآنية أننا نقرأ أحياناً: (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، ونقرأ أيضاً: (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). فما الفرق بينهما؟ وردت (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ست مرات في القرآن الكريم، ووردت (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ست مرات، ووردت...
** عندما نتأملُ قولَه تعالى: (إذا جاءَ نصرُ الله والفتح) نتساءل: لماذا لم يقل إذا أتى نصر الله والفتح؟ ما الفرق بين جاء وأتى في الاستعمال القرآني؟ هنا لطيفة، نبَّه إليها أهل اللغة والتفسير، حيث...
أحياناً يختلط على القارئ أن يقول هذا أو ذلك، وفي هذا المقال نبيّن دقة التعبير القرآني في التعبير بأسماء الإشارة، فمثلاً قوله تعالى: «ذلك الكتاب لا ريب فيه»، يمكن التعبير عنها بصور كثيرة، ولكن القرآن...
اليوم نتأمل سورة نزلت وحولها سبعون ألف ملك، قال عنها سيدنا عمر إنها من نجائب القرآن. إننا اليوم نتأمل الآية الأولى من سورة الأنعام. قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ..)...
من المتشابهات في القرآن أن يأتي اللفظ واحداً ويختلف المعنى، ونمثل على ذلك بمركب (أمر الله) والفعل (عزم). يقول تعالى: (فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون) غافر: 78، وقوله تعالى: (جاء أمر...
نقرأ اليوم بعض اللطائف في قصة ذي القرنين، حيث طلب منه الناس أن يصنع لهم سداً، لكنه قال لهم إنه سيصنع لهم ردماً... (قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ...
