alsharq

منبر الحرية

عدد المقالات 129

مصر بين مدرسة المنار والإخوان!

22 فبراير 2012 , 12:00ص

نما في النصف الأول من القرن التاسع عشر وعي بعض المثقفين في البلاد الناطقة بالعربية بالأفكار الأوروبية الحديثة ونظمها، وحينما شعروا بقوة ضغطها عليهم في النصف الثاني من هذا القرن تساءلوا عما يجب أو عما يكون قد أخذوه من الغرب، وإذا أخذوا منه شيئا فعلاً فكيف يظلون محتفظين بعروبتهم وإسلاميتهم؟ وانقسم الفكر العربي المستيقظ إزاء ذلك إلى اتجاهين: اتجاه مرتبط بالسيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده ورشيد رضا، وهذا الاتجاه كان يهدف إلى تقديم تعريف جديد لمبادئ الإسلام الاجتماعية. أما الاتجاه الثاني فكان يرمي إلى فصل الدين عن السياسة وخلق مجتمع مدني مماثل للمجتمعات الأوروبية ولا أثر للإسلام فيه إلا بوصفه عقيدة دينية. وقد اتفق الاتجاهان على أن هناك تدهورا داخليا في المجتمعات الإسلامية، وعليه لا بد من التغيير، ويعتبر جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا من رواد مدرسة المنار، وهي مدرسة إصلاحية اسمها مقتبس من جريدة «المنار». وهذه المدرسة بمثابة الجذر الذي نشأت منه الصحوة الإسلامية المعاصرة، وهي مرتبطة بكل رموز هذه الحركة، وبصماتها واضحة على مختلف التوجهات الفكرية في عالمنا الإسلامي الآن. ويضيف البعض إلى هؤلاء الرواد حسن البنا -مؤسس حركة الإخوان المسلمين عام 1928- مستندين إلى إعلانه أن حركته امتداد طبيعي لجمعية الدعوة والإرشاد التي أسسها رشيد رضا ولإحيائه لجريدة «المنار»، ولبدئه التفسير في صحيفة «الشهاب» بسورة الرعد معللا ذلك بالبدء من حيث انتهى محمد رشيد رضا. ويقول بعض الباحثين مثل المستشار طارق البشري في تحديده للوعاء الزمني للحركة الإسلامية المعاصرة بالقرون الثلاثة المنصرمة: إن مدرسة المنار تأتي في وضعية الحلقة الثالثة الفاعلة، فقد سبقتها حركتا إصلاح: اهتمت أولاهما بالدعوة إلى التجديد الفقهي، واهتمت الثانية بالإصلاح المؤسسي الذي بدأ باقتباس أساليب التنظيم العسكري الغربية وانتهى باقتباس الآداب والنظم القانونية الغربية، وأدى إلى ما أسماه ازدواجية المؤسسات في العالم الإسلامي. إن موجة الإصلاح الثالثة جاءت على يد رواد مدرسة المنار، فوضع الأفغاني حجر الأساس في الفكر الإسلامي الحديث المقاوم للاستعمار، ووضع محمد عبده حجر الأساس للفكر الإسلامي المقاوم للقابلية للاستعمار، واهتم رشيد رضا بالوصل بين التوجه السلفي وحركة التجديد، وركز حسن البنا على الحركة السياسية وربطها بالفكر وركزوا جميعا على العودة إلى الإسلام للخروج من الجمود والاستبداد والتبعية. وتبقى أهمية الإشارة إلى رؤية تلك المدرسة لموضوع التغيير في المجتمعات؛ حيث ترى أن حال الأمة هو المحدد الأعلى لأنسب طرق إصلاح أمرها، والسمو بها على مدارج الأدب السياسي للأمم. ومعنى ذلك أنها أرست تقليدا سياسيا مهما هو شرعية اختلاف وسائل تحقيق الهدف الواحد حسب متطلبات الواقع مع تحبيذها للتدرج في الإصلاح، فهم لا يحبذون الثورات ويرون الثورة كالريح الصرصر، وأن الدعوة الهادئة بالحجج الناهضة أولج في المسامع، وأجول في المجامع، بطيئة السير خفيفة الأثر في أول أمرها. والأمة لا تأخذ من الخطتين إلا بقدر استعدادها. فالثورة أسرع لكن إثمها أكبر من نفعها إن كانت الأمة غير مستعدة للبناء عقب الهدم، أما الدعوة اللينة فهي أسلم عاقبة وقد يخفى أمرها وتأثيرها حتى على المنتفعين بها. ولم تتخذ تلك المدرسة بكل اتجاهاتها موقف الرفض تجاه السلطة على طول الخط، فغايتها هي إصلاح السلطة لا نبذها، ووصلت في ذلك إلى حد الطمع في دور مؤقت للمستبد العادل. وقد قبل الأفغاني ومحمد عبده مناصب رسمية الأول في إيران والثاني في مصر. والفروق بين رواد تلك المدرسة فروق وسائلية مرحلية لا فروق في الهدف أملتها المعطيات الموقفية. ولما كان الأفغاني قد بدأ حركته قبل أن تترسخ أقدام الاستعمار الغربي في القلب الإسلامي فإنه رأى أن دروسه الرامية إلى التحرر الوطني والمقرونة بالتنظيم السياسي السري الثوري هي الحل. أما محمد عبده الذي عاد إلى مصر وقد ترسخت فيها أقدام الاحتلال الإنجليزي فقد رأى في الإصلاح التدريجي وسيلة للوصول إلى تلك الغاية بثورة سلبية لا تروى بالدماء بل بماء النيل، ولا يخلطها شيء من دمع العيون، ولا يتكدر صفوها بماء النفوس، وحكم محمد عبده على أسرة محمد علي بميزان الحرية التوحيدية، وهي الحرية المؤسسة على مبدأ التوحيد كناظم لها وهي القيمة التي تتأسس على مبدأ لا إكراه في الدين وتستدعي منظومة قيم التحلية المتعلقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والانتهاء عنه. والحرية بهذا المعنى مرتبطة بالمسؤولية. وحدد العلاقة بين الدين والدولة وبين الدولة والمجتمع بقوله: «لا دين إلا بدولة، ولا دولة إلا بصولة، ولا صولة إلا بقوة، ولا قوة إلا بثروة، وليس للدولة تجارة ولا صناعة، وإنما ثروتها بثروة أهاليها، وشرط ثروة الأهالي هو نشر العلوم فيهم». من المفيد العودة إلى المنابع الفكرية للتيار الإسلامي في مصر للإجابة على التساؤلات الحائرة حول هذا التيار، مثل: لماذا تلكأ في الالتحاق بالثورة؟ ولماذا دخل بقوة بعد تيقنه من نجاحها؟ ولماذا كان يعقد الصفقات والمساومات مع النظام السابق ومع القيادة الحالية؟ وما سر تحركه في الأحياء الفقيرة والمهمشة وإنشاء جمعيات خيرية باتفاق ضمني مع السلطة السابقة وعلاقته بالتيار السلفي؟ ويمكن في هذا الإطار فهم مغزى وأبعاد رسالة الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، التي ضمنها: «إن تكوين الخلافة الراشدة من الأهداف المرحلية التي حددها الإمام حسن البنا لتحقيق الغاية العظمى للجماعة، وهي أن تحيا من جديد الدولة المسلمة وشريعة القرآن» إن تحقيق الغاية العظمى بات قريبا بعد ثورات الربيع العربي. والإشكالية ربما تكون أن ذلك التيار يفتقد القيادة الملهمة التي بدأت مع رواد مدرسة المنار، ولذلك تجد بعض المواقف مشوشة ومرتبكة وعاجزة عن اتخاذ القرار السليم في الوقت الصحيح، ما يضع علامات استفهام حول: هل أقوال الإخوان ستكون مطابقة لوعودهم بتعزيز مجتمع ديمقراطي منفتح أم لا؟ وعما إذا كانت تجربة الحكم ستضع نهاية للهالة البراقة المحيطة بهم على محك الواقع العملي العسير. ينشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»

مشروع فلسطيني جديد يواجه المشروع الصهيوني

مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...

سيكولوجية الهدر عربياً

كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...

سوريا إلى أين؟ بين إنكار السلطة الديكتاتورية.. وفشل المعارضة السورية (1/2)

درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...

أي مجتمع مدني في ظل الحراك العربي؟

لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...

روحاني والسياسات الإيرانية القادمة

بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...

مبادرة النيروز: درس تركي جديد للعرب

قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...

سوريا الحرية ستنهض من جديد (3/3)

.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...

سوريا الحرية ستنهض من جديد (2)

باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...

سوريا الحرية ستنهض من جديد(1)

لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...

موقع المثقف العربي من «الربيع»

في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...

التجربة الثورية العربية الجديدة (1/2)

يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...

التحول الديمقراطي التركي رؤية من الداخل

هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...